من احتكار
العام الى احتكار الخاص؟
بقلم المهندس شفيق ابي
سعيد
أولاً-
مقدمة
الخصخصة او مشاركة القطاع الخاص في قطاع ما،
يمكن ان يتخذ اشكالاً وانواعاً تختلف من منطقة الى اخرى ومن بلد الى
بلد آخر، وترتبط بالحجم ومدى الرغبة في اشراك القطاع الخاص وتمليكه
منشآت وتجهيزات، كما تأخذ المنافسة ابعاداً محصورة او منفتحة. وتراوح
تلك المشاركة، بين تكليف القطاع الخاص ادارة القطاع وتشغيله من القطاع
العام المالك، او تأجير جزء من القطاع او كله الى القطاع الخاص
لاستثماره، او بيع القطاع المملوك من القطاع العام جزئياً او كلياً الى
القطاع الخاص، او تكليف القطاع الخاص بناء مشاريع قطاعية جديدة
وتجهيزها وامتلاكها نهائىاً او استثمارها لفترة محددة قبل تحويلها الى
القطاع الخاص، وغيرها. ويمكن في قطاع واحد وجود اكثر من شكل واحد او
نوع معين.
ينطبق هذا التعريف بحرفيته على قطاع الكهرباء.
ولما كانت شروط نجاح قطاع الكهرباء في لبنان،
اسوة ببقية قطاعات الخدمات المملوكة من القطاع العام، غير متوافرة، ولا
يبدو انها ستتوافر في الفترة القريبة المقبلة لأسباب معروفة من القاصي
والداني;
وحيث ان التوجه العالمي في قطاعات الخدمات،
وبالاخص في قطاع الكهرباء، قد شق طريقه بفاعلية نحو المزيد من مشاركة
القطاع الخاص;
ولما كانت الدروس المستخلصة من تجارب دول
عديدة، صناعية واخرى نامية، قد اثبتت نجاح تجربة الخصخصة نجاحاً
اكيداً، وان متفاوتاً في نسبته بين بلد وآخر;
وحيث ان التوجه الرسمي الحالي في لبنان، من
السلطتين التشريعية والتنفيذية، قد اعتمد خصخصة قطاعات الخدمات، بدءاً
بقطاع الاتصالات ومن ثم قطاع الكهرباء;
لكل ذلك وغيره;
صادق مجلس النواب اللبناني بتاريخ 7 آب 2002
على "قانون تنظيم الكهرباء"، حدد فيه القواعد والمبادئ والاسس التي
ترعى قطاع الكهرباء، بما في ذلك دور الدولة، ودور القطاع الخاص.
ومن جهة اخرى، ركزت معظم البحوث العلمية ونتائج
التقويم لدروس مستفادة من خصخصة قطاع الكهرباء، تحديداً على النقاط
الآتية:
"جذب رأس مال القطاع الخاص، فصل وظائف قطاع
الكهرباء الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع)، أهمية المنافسة، تحسين
كفاءة التشغيل، استقلالية تنظيم القطاع، الاجراءات التجارية الشفافة
والتسعير العادل للكهرباء.
ثانياً- اسباب تشجيع
مشاركة القطاع الخاص
ان خصخصة قطاع الطاقة الكهربائية عملية متطورة
وتتغير تشريعاتها بحسب البيئة الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد. الا ان
الطلب السريع على الكهرباء، ونقص التمويل اللازم والمتوافر لدى
الحكومات، يخلقان آفاقاً واسعة لاستثمار القطاع الخاص في قطاع الطاقة
الكهربائية، ويزرعان بذور التغيير في تركيبة المؤسسات الحكومية
وتشغليها، بهدف:
أ- تخفيف العبء الملقى على عاتق الحكومة لتلبية
الطلب المتزايد على الكهرباء، وذلك من خلال خفض الانفاق العام وزيادة
قدرة التوليد الكهربائية;
ب- خفض الوقت والتكلفة اللازمين لبناء المحطات
الكهربائية وتشغيلها.
ت- ايجاد مصدر اضافي لرأس المال;
ث- ادخال المنافسة;
ج- تحسين كفاءة التشغيل وزيادة الموثوقية
(Reliability);
ح- نقل التكنولوجيا;
خ- الرد على ضغوط كبار المستهلكين الباحثين عن
خيارات ذات تكلفة معقولة" (1)
ثالثاً - فصل انشطة
الطاقة الكهربائية
"اثبتت التجارب العالمية اهمية جدوى فصل نشاطات
وظائف الطاقة الكهربائية الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع)، عند التوجه
الى خصخصة القطاع مع المحافظة على تأمين تغذية المشتركين بالطاقة
بالسعر الافضل، كما ان الظروف الاقتصادية والاهداف السياسية وظروف
العمل والعوائق الادارية، مجتمعة، تحدد كيفية اعادة تنظيم الشركة
المعروضة للخصخصة، والخطوات الواجب اتخاذها لتحضيرها للبيع، وتنظيم
عملية البيع والمفاوضات التي ترافقها من اجل تحقيق الفوائد الاقتصادية
المطلوبة" (2).
ان الدروس المستفادة من نموذج بريطانيا وويلز
في خصخصة قطاع الكهرباء تؤكد جدوى فصل وظائف قطاع الكهرباء الثلاث
(التوليد والنقل والتوزيع) عن بعضها البعض. وقد قامت عدة دول أخيرا
بفصل الوظائف الثلاث، نذكر منها الارجنتين واوكرانيا وبولونيا وبوليفيا
والبيرو والمجر وبلدان نامية اخرى (3).
ففي الارجنتين اثنتان وعشرون شركة توزيع
اساسية. وتعتبر وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً، على خلاف وظيفة التوليد.
اما التوزيع، فيعتبر احتكاراً طبيعياً، فقط في منطقة معينة. كما انه لا
يسمح لاي منتج في وظيفة التوليد بالسيطرة على اكثر من عشرة في المئة من
قدراته.
في المملكة الاردنية الهاشمية، اقر آخر قانون
للكهرباء (قانون 13 لعام 1999) السماح باعادة هيكلة شركة الكهرباء
الوطنية وتحويلها ثلاث شركات للتوليد والنقل والتوزيع، ومن ثم خصخصة
النشاطات المتعلقة بالتوليد والتوزيع.
في المملكة العربية السعودية، بناء على
التعديدات التشريعية الاخيرة (عام 1999)، فصلت شركة الكهرباء الوطنية
الى ثلاثة شركات: شركة توليد الكهرباء الوطنية، شركة توزيع الكهرباء،
وشركة الكهرباء الوطنية العائدة اليها نشاطا النقل والتحكم.
اما قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان، فقد
لحظ، في المادة الثالثة منه، "مبدأ استقلالية كل من نشاطات الانتاج
والنقل والتوزيع للكهرباء وظيفياً وادارياً ومالياً" كما لحظ، في
المادة الرابعة منه، "تأسيس شركة مغفلة واحدة او اكثر (...) تعرف كل
منها بـ"شركة مخصخصة"، يكون موضوعها القيام بكل نشاطات الانتاج
والتوزيع او ببعضها...". اما المادة الخامسة من القانون المذكور فقد
اقرت "للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وخلال مهلة اقصاها سنتان
من تاريخه انشاء اية شركة مخصخصة، ان تبيع نسبة لا تتجاوز الاربعين في
المئة (40%) من اسهم كل شركة مخصخصة من مستثمر في القطاع الخاص...".
رابعاً - اهمية
المنافسة
اشارت دراسة تحليلية لـ15 استثماراً للقطاع
الخاص في بنى تحتية، منها توليد الطاقة الكهربائية، الى ثلاث نتائج":
أ- ان الاستثمار في هذا المجال ليس احتكاراً
طبيعياً، اذ يمكن ادخال المنافسة في نقاط البيع، وذلك بالسماح
للمستثمرين من القطاع الخاص بالمنافسة وفق شروط عادلة;
ب- حققت الخصخصة ارباحاً اقتصادية بتكلفة اقل
وزيادة سريعة في تغطية رأس المال واستنزاف اقل لموازنة الحكومة;
ت- كانت حال المستهلكين افضل بكثير قبل الخصخصة
في حال تحول الاحتكار الى القطاع الخاص، بدلاً مما كان في يد القطاع
العام. وهذا يشير الى اهمية تشكيل هيئات التنظيم المستقلة بعد الخصخصة
(4).
وقد تبين من الدروس المستخلصة من نماذج:
1- الارجنتين وتشيلي: وجوب وضع حدود لحجم
المنتجين لضمان المنافسة. وباعتبار ان وظيفة التوليد هي نشاط تنافسي،
فقد قسمت هذه الوظيفة 24 وحدة عمل وبيعت الى القطاع الخاص، في حين
اعتبرت وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً وشركات التوزيع الاثنتان والعشرون
احتكاراً طبيعياً، كل في منطقة معينة. اما في تشيلي، فقد ربط سعر
الطاقة المنظم بسعر السوق، لكي ينتفع صغار المستهلكين بتحسين الكفايات
الناتجة من المنافسة (5).
2- انكلترا وويلز: فسح المجال للمنافسة على
صعيدي البيع بالجملة والمفرق، اذ تم فصل توليد الطاقة عن النقل، وتمت
خصخصة القطاع (عام 1990)، ووضعت ضوابط لتشجيع المنافسة والحد من
استغلال المحتكرين، الامر الذي ادى الى تنزيل النفقات الحقيقية لوحدة
الطاقة (كيلواط ساعة) بنسبة نحو 50%، في حين انخفضت اسعار تجمع الطاقة
Pool Prices)) بنسبة 20% (6).
3- في العديد من الدول الاخرى (تشيلي، النروج،
فنلندا، هولندا...)، التي اتبعت النموذج الانكليزي، نجحت الخصخصة،
وبخاصة في مجال المنافسة.
ولم يغفل قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان
اهمية المنافسة، فلحظ في المادة الثانية عشرة - الفقرة الرابعة منه:
"تأمين المنافسة في قطاع الكهرباء وتشجيعها ومراقبة التعرفات غير
التنافسية وضبطها وتأمين شفافية السوق".
خامساً- العناصر
المهمة الاخرى وتوضيحات
في ما يتعلق بالعناصر المهمة الاخرى وتحديداً
تحسين كفاية التشغيل، واستقلال تنظيم القطاع، والاجراءات التجارية
الشفافة، والتسعير العادل للكهرباء"، فقد ركز عليها ايضاً قانون تنظيم
الكهرباء في لبنان، وبالتالي لن نتطرق اليها بالتفصيل، باعتبارها
مسلمات تقع ضمن مهمات هيئة تنظيم قطاع الكهرباء وصلاحياتها (المادة
الثانية عشرة) الذي اقر القانون المذكور انشاءها (المادة السابعة)،
ومنحها الشخصية المعنوية والاستقلال الفني والاداري والمالي.
وعليه، لا بد في هذا المجال من بعض التوضيح
والتحذير. فاذا كان لخصخصة قطاع الكهرباء فوائد عديدة جمة تختلف بحجمها
ونتائجها من بلد الى بلد، فان للخصخصة مساوئ تختلف بحجمها ونتائجها
ايضاً من بلد الى بلد. ولعل هيمنة الشركات العملاقة العالمية ورأس
المال الخارجي وعدم قدرة الشركات ورأس المال المحلي على المنافسة، هما
ابرز هذه المساوئ. اضف الى ذلك، الخشية من ضعف دور الجهاز المنظم
وفاعلية الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء (Regulatory Body)،
وبالتالي دور الدولة بحيث ننتقل من احتكار القطاع العام الى احتكار
القطاع الخاص الذي يسعى بشتى الوسائل وراء اقصى المكاسب. والبعض يخشى
من ان يكون تحرر الدول النامية من الاستعمار السياسي هو في طور التبدل
نحو الاستعمار الاقتصادي من خلال مشاركة الشركات ورأس المال الخارجي
(5).
سادساً- خطوات متوجبة
بعد صدور قانون تنظيم الكهرباء
نستطيع التأكيد ان قانون تنظيم الكهرباء الجديد
في لبنان تضمن العناصر المبدئية الاساسية الضرورية لعصرنة القطاع
الكهربائي. ولكن النجاح المستقبلي يكمن في كيفية تطبيق احكام القانون
المذكور، وفي ملائمة الخطوات اللاحقة للواقع الكهربائي غير التقليدي
الناشئ والمستمر منذ ما بعد عام 1975 وبخاصة ان وظيفة التوزيع تشكل
اساس الداء والدواء.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتمكن الدولة من
الضبط والمراقبة والاشراف الفعلي على عمل القطاع الخاص في القطاع
الكهربائي، وبخاصة وظيفة التوزيع، حيث معظم الاهدار الفني وغير الفني
والمالي، وحيث لها من تجربتها غير المرضية مع الامتيازات التي كانت
قائمة او التي لا تزال قائمة؟
في وظيفة التوزيع هذه، يقتضي استيعاب الفرق بين
شبكة التوزيع كانشاءات وتجهيزات، وادارة الطاقة المنقولة على هذه
الشبكة، اي تسويق التيار للمستهلك واسترداد قيمته. فبالاضافة الى خفض
الخسارة الفنية وتحسين الكفاية التقنية، فأن النجاح الاساسي يكمن في
الاداء الاداري وضبط توزيع الطاقة وخفض الخسارات غير الفنية وتحصيل
الفواتير. وبعكس وظيفة التوليد، فان طبيعة استثمار شبكة التوزيع في
منطقة ما هي محض احتكارية وغير تنافسية. وهذا يعني انه يمكن فقط - في
حال مشاركة القطاع الخاص - تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة
تنافسية وفق دفتر شروط نموذجي ومدروس ومنح افضل العارضين امتياز توزيع
الطاقة في كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط. يبقى ان تقوم
الهيئة الوطنية المشرفة (Regulatory Boody) بدورها ومهمتها الرقابية
والاشرافية، والا انتقلت وظيفة التوزيع من احتكار القطاع العام الى
احتكار القطاع الخاص ودفع المواطن العبء مضاعفا.
اما وظيفة التوليد حيث المعامل محصورة في بقعة
معينة والانتاج يتطلب استثمارات كبيرة ويخضع لسوق تنافسية حادة تفرض
مستوى رفيعا من الاداء التقني والاداري، فمشاركة القطاع الخاص، ولا
سيما الاستثمار الخارجي، رهن باطار استثماري سليم وتنظيمات مقبولة
وضمانات تنافسية شفافة ومطمئنة (5).
وقد سبق ان اشرنا الى وظيفة القطاع المتبقية،
اي النقل (ومعها التحكم بشبكة النقل). فطبيعة هذه الوظيفة هي ايضا
احتكارية وستبقى في يد القطاع العام، اي مؤسسة كهرباء لبنان. ويشترط
هنا عصرنة الادارة فيها، ولا سيما تعجيل انشاء المركز الوطني للتحكم
(National Control Center NCC) وتركيزه وبالاخص في ضوء الربط الاقليمي
لشبكات النقل الكهربائي.
في ضوء التوضيحات والتفصيلات اعلاه، ما هي
الاجراءات التسلسلية المطلوبة؟:
1- تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم القطاع دون
تأخير، ومباشرة العمل بدءا بمتابعة اصدار المراسيم الخاصة بها، ولا
سيما مرسوم النظام الداخلي للهيئة والانظمة الادارية والمالية وانظمة
العاملين لديها وكيفية تمويلها واسس الترخيص وخلافه، وذلك وفق احكام
قانون تنظيم قطاع الكهرباء. وفي هذا المجال يمكن الهيئة متابعة الخطى
المتخذة من وزارة الطاقة والمياه والتعاقد مع مكتب استشاري عالمي لوضع
دراسة اعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان، ودقائق فصل وظائف القطاع
الثلاث، ومتطلبات جذب اهتمام القطاع الخاص (المحلي والخارجي)
بالمشاركة، ونوع هذه المشاركة وحجمها.
2- وفي اطار فصل وظائف القطاع الثلاث واولوية
معالجة وظيفة التوزيع اولا، وضمان سلامة هذه العملية ونجاحها قبل خصخصة
اي من وظيفة التوليد، تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة تنافسية وفق
دفتر شروط نموذجي ومدروس، ومنح افضل العارضين امتياز توزيع الطاقة في
كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط.
ولا بد في هذا المجال، من ضرورة تشجيع مشاركة
القطاع الخاص المحلي، وبخاصة في وظيفة التوزيع، لسببين رئيسيين.
- سهولة استيعاب التقنيات المطلوبة في وظيفة
التوزيع من القطاع الخاص المحلي، وتوافر الخبرة الادارية الاستثمارية
محليا (المثبت في امتيازي جبيل وزحلة)، وتمكن افضل المؤسسات المحلية من
فهم واقع التوزيع الكهربائي في لبنان وخصوصياته وتعقيداته، والتغلب على
معوقات نجاحه.
ب - من تجربة الازمة المالية في شرق آسيا، لم
تتأثر المشروعات الكهربائية الخاصة المملوكة من مستثمرين محليين كثيرا
بعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية، مثل مشروعات ماليزيا وتايلاند،
وبالتالي تقليص تعريض المشروعات الكهربائية للخطر بسبب عدم المواءمة
بين الايرادات بالعملة المحلية والالتزامات (6).
3- وبشكل متواز مع وظيفة التوزيع، تلزيم
"المركز الوطني للتحكم (National Control Center)، بعقدين منفصلين،
ولكن متزامنين:
* العقد الاول، من خلال شراء جهاز محاكاة
للتحكم (Simuulator) والتدرب عليه لاكتساب خبرة سريعة في ادارة شبكة
النقل الكهربائي.
* والعقد الثاني، شراء المركز الوطني للتحكم
وتركيزه ووضعه قيد الاستثمار.
4- وفي انتظار نتائج مشاركة القطاع الخاص في
وظيفة التوزيع (وفق ثانيا اعلاه)، يكتفي بأن تكون مشاركة القطاع الخاص
في وظيفة التوليد في حدود تلزيم التشغيل والصيانة لمعامل التوليد
الحراري الكبرى (البداوي والزهراني وربما الزوق).
سابعا - مقاربة الخطوات المتوجبة بالخطوات
المتخذة
من المفترض، على اثر صدور قانون تنظيم الكهرباء
الجديد، ان تحدد الحكومة وتعجل الخطوات اللاحقة لتنفيذ احكام القانون
المذكور، وتضع برنامجا زمنيا لآليات التنفيذ وتعلنه على الملأ، بدءا
باصدار مراسيم انشاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء وتعيين
اعضائها. الا ان هذا الامر لم يتم حتى تاريخه، وبقيت المداولات في هذا
الشأن في اطار المجلس الاعلى للخصخصة الذي حافظ على سرية تلك
المداولات.
وقد فاجأ المهتمين بالموضوع اعلان، باللغة
الانكليزية، صادر عن المجلس الاعلى للخصخصة (نشرت نسخة منه في عدد
"النهار" الصادر بتاريخ 15 تشرين الاول 2002)، اشارت فيه الحكومة
اللبنانية الى صدور قانون تنظيم قطاع الكهرباء وما ورد فيه في شأن
مشاركة القطاع الخاص وانها، من اجل ان تطلق في سنة 2003 مناقصة عالمية
تبعا لذلك، طرحت - في ما طرحت - رغبتها في تسلم "تصاريح اهتمام
(Expressions of interest)" من شركات قادرة ومستثمرين مؤهلين لاختيار
(ترجمة حرفية):
"- مشغل من ذوي الخبرة او اكثر في قطاع الطاقة،
كل يعمل منفردا او بمشاركة مستثمرين آخرين، على الا يتجاوز حصوله، في
مرحلة اولى، على نسبة 40% من القطاع مع تولي الادارة، لكل من الشركة او
الشركات المنشأة حديثا والتي ستحول اليها كل ممتلكات ونشاطات التوليد
والتوزيع أو جزء منها.
- مشغل من ذوي الخبرة لادارة شبكة النقل، التي
ستبقى بملكية الدولة.
ان المشغلين القادرين والمستثمرين الآخرين يمكن
ان يصرحوا عن اهتمامهم بهذه الخصخصة، اما منفردين او كمجموعة (التي يجب
الا تشمل اكثر من مشغل واحد)... ".
ان مضمون الاعلان المذكور يشوبه بعض الغموض
ويمكن أن يفسر بطرق متعددة، كما ان الاعلان استبق انشاء هيئة تنظيم
القطاع وأجاز المجلس الاعلى للخصخصة لنفسه ان يكون بديلاً منها.
هناك مجموعة من الاسئلة يجب توضيحها للراغبين
في المشاركة ليكونوا على بينة من امرهم، ويتأكدوا من فهم وتقدير
الخطوات الحكومية اللاحقة وتراتبيتها، وحدود صلاحياتهم ومسؤولياتهم،
ومقدار الشفافية والوثوقية والضمانات التي ترعى اعمالهم، ومنها:
- ما هي خطط الحكومة وبرامجها في قطاع الكهرباء
وفي كل من وظائفه الثلاث، اقله على المديين القصير والمتوسط، في ضوء
قانون تنظيم الكهرباء الجديد؟
- ما مدى رغبة الحكومة في فصل نشاط وظيفتي
التوليد والتوزيع؟
- هل ستعطى وظيفة التوزيع الاولوية زمنياً، ام
ستسير جنباً الى جنب مع وظيفة التوليد؟
- ما هي حظوظ سداد الاموال المتوجبة عن كل كليو
واط ساعة يتم توليده او نقله او توزيعه؟
- ما مقدار الدعم الحكومي الفعلي لجهة تطبيق
الانظمة والقوانين المرعية؟
- ما هي امكانات الربح بالمقارنة مع فرص
الاستثمار المتوافر؟
- هل سيسمح لمشغل واحد بامتلاك حتي نسبة 40% من
وظيفتي التوليد والتوزيع؟ وماذا يبقى من عنصر المنافسة في حالة كهذه؟
- الى اي مدى سيسمح لهيئة تنظيم القطاع بالعمل
باستقلال وشفافية وتقنية، بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية
والعائلية...؟ والى متى سيتأخر تعيينها واعداد المصادقة على المراسيم
التنظيمية والتطبيقية بشأنها؟
- الى اي مدى سيشجع المستثمر المحلي بالمشاركة،
وبخاصة في مجال التوزيع؟
وما لم تتم الاجابة بوضوح وعلانية عن تلك
الاسئلة واخرى في السياق نفسه، فسيبقى السؤال الآتي يطرح نفسه دون جواب
واضح:
"قطاع الكهرباء في لبنان، من احتكار القطاع
العام الى احتكار القطاع الخاص"؟
المهندس شفيق أبي
سعيد
مدير سابق في مؤسسة كهرباء لبنان، وباحث في
شؤون الطاقة والبيئة.
المصادر
1) تقويم خصخصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية
في دول مختارة اعضاء في "الاسكوا" (صفحة 13) - اللجنة الاقتصادية
والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA)، نيويورك .1999
2) Proceedings of the Expert Group Meeting on
the Privatization of the Electricity Sector (page 45) - ESCWA -
Beirut, November 1999.
3) تقويم خصخصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية
في دول مختارة اعضاء في الاسكوا (صفحة 79 - 82) - اللجنة الاقتصادية
والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA)، نيويورك .1999
Proceedings of the Expert Group Meeting on
the Privatization of the Electricity Sector (pages 54 - 59), ESCWA,
Beirut, November 1999.
4) Proceedings of the Expert Group Meeting on
the Privatization of the Electricity Sector (page 31), ESCWA,
Beirut, November 1999.
5) خصخصة قطاع الكهرباء في لبنان - توضيحات
ومقترحات - المهندس شفيق أبي سعيد - جريدة "النهار" تاريخ 25 كانون
الثاني .2001
6) تقويم خصخصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية
في دول مختارة اعضاء في الاسكوا (صفحة 92 - 93) - اللجنة الاقتصادية
والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA)، نيويورك .1999
Proceedings of the Expert Group Meeting on
the Privatization of the Electricity Sector (pages 60 - 61) ESCWA,
Beirut, November 1999. |