|
|
|
هل البوطي أحد فدائيي صدام؟ |
|
17.04.2003
حسنا فعل الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
عندما وضع نسبته الكردية تحت قدميه في خطبة من خطبه العديدة، و هو
اقتدى في ذلك بالنبي العربي محمد عندما قال في خطبة الوداع: إن دماء
الجاهلية تحت قدمي هاتين!! و لكن الفرق بينه و بين محمد أن محمدا لم
يضع نسبته العربية تحت قدميه، لا حظوا ذلك جيدا، مع أن العرب هم أول من
قاوموا حركته الدينية و آذوه و ألقوا عليه روث الحيوانات حتى و هو ساجد
في فناء الكعبة كما هو مشهور في السير النبوية جمعاء!! و إذ قال
الدكتور البوطي إنه يتشرف بما يفعل الآن، فإننا نقول بصراحة: لم يكن
انتماء البوطي إلى الشعب الكردي مشرفا في اي يوم من الأيام بل كان
وجوده بين صفوف الشعب الكردي نشازا صححه البوطي بخطبته العصماء تلك فلا
شرف لأمة عريقة بانتماء مرتزق منافق مثل البوطي إليها!! لقد كان
البوطي طوال حياته العملية مثالا كبيرا للمتنكر لقومه و عذابات شعبه و
لا تشفع له ترجمته البلاغية المشوهة لرائعة أحمد خاني مم و زين إلى
العربية، فذلك شيء آخر تبرأ منه البوطي نفسه لاحقا و اعتبره من نزوات
الشباب!! هذا البوطي(ليس نسبة إلى الجزيرة التي شهدت حب مم و زين
السامي بل نسبة إلى البوط الذي هو النعل الطويل الرقبة) بلع لسانه
عندما قصف أستاذه صدام حسين المجاهد ابناء حلبجة و خورمال و بهدينان
بالغاز و خنق آلاف الأطفال و دمر القرى و نهب الممتلكات و استعان
بالأمريكان ليقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب الإيراني المسلم!! و
هو بلع لسانه عندما قصفت القوات الخاصة السورية العزل من ابناء حماة و
جسر الشغور و عندما اغتصب الجند السوري فتيات حلب و قتل المئات من
المساجين المساكين في تدمر و بهدف القضاء على تنظيم إسلامي خرج البوطي
من عباءته و هو تنظيم الإخوان المسلمين!! و البوطي بلع لسانه عندما
عاش مهزلة تنصيب بشار الأسد خلفا لوالده الذي استولى على السلطة
بالقوة, و ظل بالعا لسانه سنوات طوال و لم تأته الجرأة إلا حينما حدث
نهب و سلب في كركوك و الموصل و لا أقول في بغداد و البصرة، فالسلب في
بغداد حلال و في كركوك حرام في دين هذا البوطي!! يذكرني البوطي هنا
بقاضي هارون الرشيد المشهور بابي يوسف الذي كان ُيَشْرعِن للخليفة
العباسي جميع تجاوزاته و يبحث له عن الحلول الشرعية لكل خطا يرتكبه
الحاكم، حتى أن هارون الرشيد عندما طلق زوجته زبيدة و قال لها: أنت
طالق إن نمت في ملكي الليلة!! و ملك هارون الرشيد غني عن التعريف حتى
قيل أنه كان يقول للغيمة في بغداد: إذهبي حيث تشائين، فسيأتيني خراجك!!
عندما وقع الطلاق ندم هارون الرشيد و استشار قاضيه الذكي الذي وجد
له الحل سريعا بأن قال لزوجة الخليفة: نامي في المسجد فالمساجد لله, و
هكذا لم يحدث التفريق بين هارون وزوجته المفضلة!! لم يتذكر البوطي
انه مسلم عندما اباد الأتراك قرى الشعب الكردي و حتى مسقط راس ابيه في
جزيرة بوطان و نكل بالكرد و قطع رؤوسهم و أجبر القرويين على أكل الغائط
و اغتصب البنات امام أعين ذويهن من المساجين مما أثار سخط كاتب مثل
ياشار كمال فندد بالجرائم التركية و خضع لمحاكمات كثيرة!! لم يتذكر
البوطي أنه كردي عندماجردت الحكومة السورية عشرات الألوف من الكرد من
جنسياتهم و سعت إلى توطين ألوف من عرب الغمر في ديار الكرد و سببت
مأساة حقيقية للشعب الكردي الرازح تحت نير الحكم السوري البعثي
البغيض. لم يتذكر البوطي أنه كردي عندما خان الشاه الفارسي محمد رضا
بهلوي الزعيم الكردي الراحل ملا مصطفى البارزاني و عندما قتل الخمينيون
الآلاف من أبناء الشعب الكردي و اغتالوا عبد الرحمن قاسملو!! لم
يتذكر البوطي أنه كردي عندما زار علي حسن المجيد المشهور بعلي الكيماوي
سوريا و لبنان قبل أن يموت ميتة يليق بها المجرمون في البصرة و بأيدي
قوات أمريكية أو بريطانية و للاسف الشديد فهي ميتة مريحة لمثل ذلك
المجرم!! و هنا يحضرني البيان الذي وقعه مجموعة من (المثقفين الكرد في
سوريا و يا ليتهم تبرؤوا ايضا من كرديتهم حتى نرتاح منهم) و يدينون فيه
(الغزو الأمريكي للعراق الشقيق) الذين سكتوا على زيارة الكيماوي لدمشق
و صرخوا لأن الأمريكان في بغداد و يا للعجب. لم يتذكر البوطي أنه
كردي إلا حينما تعرضت كركوك و الموصل للنهب و السلب من قبل بعض اللصوص
_ و هم ليسوا أكرادا بالضرورة_ و لم يتذكر البوطي أنه كردي إلا حينما
اضطر الاكراد إلى التحالف مع قوات التحالف و دخلوا الموصل و كركوك
بمعيتهم!! و هنا اسال البوطي إن كان يتجرأ على الجواب: لماذا لا
يتبرأ من الإسلام و الأمة الإسلامية وقفت تتفرج على بغداد تحت القصف
الأمريكي!! لماذا لم يتبرأ من جنسيته السورية و الجيش السوري صامت مثله
و البابات السورية نائمة تحلم بالعة سبطاناتها؟ الإسلام واضح و ليس
كيفيا و مزاجيا مثل البوطي، و الجهاد فرض عين على كل المسلمين في هذه
الحالة حسب الدين الإسلامي طبعا؟ لماذا لم يذهب البوطي إلى ساحة المرجة
و يدعو للجهاد و يصرخ: على الجيش السوري أن يذهب ليقاتل الأمريكان
الذين يغزون بلدا جارا عربيا مسلما؟لماذا لم يصبح البوطي فدائيا من
(فدائيي صدام)؟ كان على البوطي أن يرصد مسار البواج الأمريكية و
حاملات الطائرات _ و أظنه على علم بذلك_ و هي تدخل قناة السويس لتخرج
من مضيق باب المندب ثم تدخل مضيق هرمز لتاتي إلى المياه الإقليمية
لدولة الكويت و تنطلق الطائرات لتقصف بغداد و عروش صدام الواهية و
حماماته ذوات الصنابير الذهبية و المغاسل الذهبية التي كان يتبول فيها
صدام حسين الذي يؤلم البوطي كثيرا أنه سقط هذا السقوط السريع المريع!!
البوارج الأمريكية مرت في طريقها إلى بغداد بمصر و السودان و
بالقرب من مكة و المدينة و عرجت على اليمن و سلطنة عمان فالإمارات
العربية فإيران و قطر و البحرين فالكويت!! أي عشر دول مسلمة بينها تسع
عربية لها جيوش و قوات نظامية سلمت من طول لسان البوطي و تجاوزه، وحدهم
الكرد أيتام المسلمين- حسب تعبير كاتب مصري- لم يسلموا شر هذا اللسان
الطويل المسموم، و الكرد ذاقوا الهول باسم العروبة تارة و الإسلام
تارات و تارات فيا لإنصاف البوطي و نباهته و دينه و تقواه!! تحضرني
هنا حالة ربما اراد البوطي التماهي معها و هي براءة المناضل و المفكر
الراحل هادي العلوي من جنسيته العراقية عندما قصفت القوات العراقية
المسلمة حلبجة الكردية بالسموم يشبه كثيرا قصف البوطي للكرد بسمومه و
خطبه العصماء الآن- لقد كانت براءة العلوي دليلا على إنسانيته
اللامتناهية و وقوفه إلى جانب المظلومين أينما كانوا(لاحظوا معي أن
هادي العلوي لم يتبرأ من قوميته العربية أو مذهبه الشيعي بل من جنسيته
العراقية) بعكس البوطي الذي استضعف الكرد فتبرأ منهم و الكرد منه براء
سلفا!! كان بإمكان العلوي أن يتبرأ من العرب، لكنه لم يفعل لأنه رجل
واع و مفكر و مثقف كوني يفهم تشابكات الأحداث التي تمر بها المنطقة،
فلم يكن العرب كلهم شركاء في الجريمة و لو أننا لا ننسى أن الكثيرين من
العرب دعموا آلة صدام الإرهابية و التدميرية و لا ننسى أيضا أن الغرب
سكت على جرائمه و دعم المجرم التكريتي بالعتاد الكيماوي لخنق أطفال
حلبجة!! شتان ما بين البراءتين، براءة العلوي التي نبعت من ألمه
الحقيقي و معرفته بالنظام المجرم في بغداد، و براءة البوطي التي نبعت
من رسوخ النفاق في قلبه حتى فاض على لسانه في خطبة الجمعة. أخيرا
اقول بكل صراحة على الكرد أن يحتفلوا بخروج البوطي الطوعي من صفوفهم ،
فهو لم يمتلك إلى الآن- و أتحداه أن يثبت العكس- أي موقف مشرف تجاه
قضية ابناء الشعب الكردي المضطهد باسم الإسلام و باسم العروبة و باسم
الأنفال و ما أدراك ما الأنفال؟!! البوطي الذي شاهدناه مرارا على
شاشة القناة السورية باكيا، نتمنى له طول البكاء على صدام و غيره من
الفراعنة!!
*كاتب و أديب كردي من سوريا
| |