مشروع
دراسات
الديمقراطية
في
البلدان
العربية
اللقاء
السنوي
الخامس عشر
"
نحو تعزيز
المساعي
الديمقراطية
في البلاد العربية
"
الجلسة
الختامية
:حلقة نقاشية
حول
مستقبل
تحركات
الشارع
العربي من أجل
الاصلاح
* * * * * * *
النضال
الشعبي من أجل
الديمقراطية
في مصر
الدكتور
محمد السيد
سعيد
السبت 27/8/2005
Bernard
Sunley Room, St. Cathrine’s College, Universtity of Oxford,
مقـدمـة
د. محمد
السيد سعيد
استقطبت
قضية
الديموقراطية
اهتماما
مبكرا من جانب
المصريين
بمناسبة
ارتباطها
بقضية النضال
الوطنى.
فساندت
الطبقة
الوسطى
الريفية
المشروع
النهضوى الذى
طرحه
المفكرون
الاصلاحيون منذ
بداية عقد
الستينات من
القرن التاسع
عشر, وترجم
هذا الاسناد
الاجتماعى فى
التصويت للعناصر
التقدمية فى
انتخابات
مجلس شورى
القوانين أو
مجلس شورى
النواب عام 1866
والانتخابات
التالية. كما
ترجم هذا
الاسناد من
جانب الطبقات
الشعبية
والوسطى
المصرية على
اتساع البلاد
فى الدعم
الواسع الذى
حظت به الثورة
العرابية 1881-1882. وانهار
هذا الاسناد
عندما وقع
الاحتلال
البريطانى
وحتى انفجرت
ثورة 1919 الوطنية.
وبرز الشعب
كاحد أطراف
المعادلة
السياسية فى
النظام
الليبرالى
الذى أسسه
دستور 1923. وتميز
الأسناد
الشعبى فى هذه
المرحلة
الطويلة ليس
قط بالارتباط
مع القضية
الوطنية بل
وأيضا باعتبار
الحريات
العامة قيمة
مستقلة بذاتها.
فالوفد الذى
كان حزب
الأغلبية
الشعبية لم
يكن أكثر
الأحزاب
المصرية
تشددا فيما
يتعلق بالقضية
الوطنية. بل
كان موضوعا
للمنازعة الدائمة
من جانب قوى
أكثر تشددا
مثل الحزب
الوطنى أو
حركة مصر
الفتاة, ولكنه
امتاز عنها
بتوفيره لقدر
أكبر من
الاستقامة
الديموقرطية.
ولم يظهر هذا
الاسناد فى
مجال
الانتخابات
العامة وحدها-
والتى عادة ما
فاز بها الوفد
عندما توفرت
شروط النزاهة-
وانما أيضا من
خلال اشكال
المقاومة
السياسية
المختلفة مثل
المظاهرات
وحركات
المقاطعة
والحركات
الاجتماعية الأخرى.
لقد اكتسبت
الديموقراطية
قيمة بذاتها
ليس فقط
بالنسبة
للطبقة
الوسطى
المدينية والطلاب
والمثقفين بل
وايضا
بالنسبة
لقطاع مهم من
الريف وفقراء
المدن, وقطعا بالنسبة
للطبقة
العاملة
البازغة.
لابد
للمرء من أن
يدرس ايضا
ديناميكية
التفاعل
الشعبى مع
قضية
الديموقراطية
بالمقارنة بالقضايا
الأخرى على
قائمة
الاهتمامات
الوطنية. فقد
ثارت
الاغلبية
الساحقة من
المصريين
للمطالبة
بالديموقراطية
وعودة الجيش
لثكناته فيما
يعرف بأزمة
مارس 1954. ولكن الاسناد
الشعبى
للديموقراطية
انهار تماما بعد
ذلك, جزئيا
بسبب هزيمة
القوى
الديموقراطية
فى الصراع
السياسى داخل
النخبة
السياسية الجديدة,
وجزئيا لأن
القضية
الديموقراطية
همشت بسبب
الطابع
الضاغط
للقضية
الوطنية
والقومية منذ
قيام عبد
الناصر
بتأميم قناة
السويس ومن ثم
الغزو
الثلاثى لمصر.
وما أن كسب
الرئيس ناصر
المعركة
الوطنية
سياسيا حتى
بدأ سلسلة أخرى
من المعارك
القومية التى
ارتبطت
بتفكيك الهيمنة
الاستعمارية
فى المنطقة
العربية وافريقيا,
والمعارك
الاجتماعية
التى تلازمت
مع خطط طموحة
للتحول
الاقتصادى
والتصنيع, حتى
وقعت هزيمة
عام 1967.
لقد
أعادت
الهزيمة قضية
الديموقراطية
الى الصدارة,
مؤقتا على
الأقل, جزئيا
بالارتباط مع القضية
الوطنية
والصراع ضد
اسرائيل
والولايات
المتحدة,
وجزئيا كقيمة
مستقلة. وقعت
أول معركة من
أجل
الديموقراطية
بعد الهزيمة
فى مظاهرات
العمال
والطلاب فى
فبراير عام 1968,
واضطرت
الرئيس ناصر
للقيام
بتنازلات نحو
هذه القضية
سجلها فى بيان
30 مارس نفس
العام, وان لم
يتحقق من وعود
هذا البيان
شىء يذكر. وربما
تحديدا بسبب
تراجعه عن
احترام
وتطبيق
الالتزامات
التى جاء بها
البيان مثل الانتقال
الى حكم
القانون
ودولة
المؤسسات وشعار
الرجل
المناسب فى
المكان
المناسب وضمان
حرية الصحافة
والمشاركة
السياسية
وغيرها, هزم
اقرب أجنحة
السلطة الى
قيم الناصرية
فى المعركة مع
الرئيس
السادات. وقد
انتصر السادات
جزئيا لأنه
استند على
الدعاية
الديموقراطية
التى كانت قد
عادت لتكتسب
قيمة بذاتها
فى نفوس المصريين.
فالمزاج
العام
والسائد ايد
السادات لأنه
وعد بالتخلص
من أساليب
الحكم القديمة
والتى اشتملت
على انتهاكات
خطيرة
للحريات العامة,
وحكم القانون.
وخلال
المرحلة
الأولى من حكم
الرئيس
السادات وضع
دستور 1971
الافضل الى حد
كبير من ستور
عام 1964, كما
تحققت بعض
المكاسب الديموقراطية.
كان الشارع
بمعناه
الواسع غائبا,
بل انه لم يعد
ابدا الى ساحة
الفعل
السياسى منذ
مارس 1954, ولكن
النخبة
السياسية
والثقافية كانت
لاتزال تتمتع
بشىء من الحيوية,
وانتقل زمام
المبادرة من
جديد الى الطلاب
والعمال
الذين قاموا
بسلسلة من
المظاهرات
والاضرابات
السياسية
وخاصة خلال
الفترة 1971 و1972.
ولكن أخر
اقتحام
للجماهير
للساحة
العامة كانت
هى مظاهرات
الخبز عام 1977.
ورغم الاهمية
السياسية
الكبيرة لهذه
المظاهرات,
فانها لم تحمل
وعيا سياسيا
يذكر. لقد خرج
الشعب –
بالمعنى
الواسع –
تماما من مجال
السياسة ولم
يعد اليه حتى
الان.
فالتصويت فى
الاتخابات
العامة نادرا
ما يصدر عن
موقف سياسى,
والمعارضة
السياسية
المنظمة
معزولة بصورة
تامة تقريبا
بين الجماهير,
أما الحكومة
ذاتها فلا تنشأ
سوى علاقة
بيروقراطية
مع الجماهير
ولم تعد تستطيع
تعبئتها
بالأساليب
التقليدية
بما فيها
المال, وينصرف
النا الى حال
سبيلهم بعدم
اكتراث تام بالشأن
السياسى أو
بالمعنى
الأوسع
بالشأن العام
كله.
تحدد
هذه الحقيقة
حدود وفحوى
معضلة
السياسة الكبرى
والأهم فى
مصر, بما فيها
بالطبع معضلة
التحول
الديموقراطى.
وبينما تلقى
هذه الورقة
بعض الضوء على
حركات الاصلاح
الديموقراطى
غير الرسمية
فهى تحاول أن تلقى
الضوء على
أزمتها
الأكبر وهى
فشلها حتى الان
فى اعادة
المجتمع الى
حلبة السياسة
الديموقراطية.
أولا:
حركات
الاصلاح
الديموقراطى
فى مصر اليوم
(ما
توفر فى مصر
منذ 1954 كان
مزاجا سياسيا
تهمله أو تحسب
السلطة
السياسية
حسابه ولكنه
لم يتبلور
ابدا فى صورة
رأى عام أو ما
سمى شارعا
سياسيا: كان
الشعب بعد
هزيمة حركة
الديموقراطية
عام 1954 قد خرج من
فضاء السياسة
ولم يعد اليه
حتى الان).
ان
اقوى وأهم
تطور فى حقل
النضال
الديموقراطى
تمثل فى بروز
حركة كفاية فى
أسطس من عام 2004.
وقد لجأت
الحركة فور
تأسيسها
واصدار
بيانها الأول
الى تحدى النظام
السياسى
القائم
بالتظاهر
رفضا لتولى
الرئيس حسنى
مبارك من حيث
المبدأ فترة
ولاية خامسة
بعد أن قضى فى
الحكم أربعة
فترات رئاسية
مدة كل منها
ست سنوات
بمجموع 24 عاما,
ورفض البديل
الذى كانت
الشائعات
تركز عليه وهو
توريث الحكم
لأبنه, رففعت
كفاية شعار لا
للتمديد ولا
للتوريث,
وأطلقت حملة
شعبية من أجل
التغيير
باصدار
البيانات
والقيام
بالمظاهرات
والمسيرات.
ولم يتوقف هذا
التحدى بفعل يومى
تقريبا طوال
عام 2005 الذى شهد
الانتخابات الرئاسية
المباشرة
والتنافسية
الأولى فى تاريخ
البلاد.
لقد
نجحت حركة
كفاية فى
تكثيف الضغط
على النظام
السياسى
لتقديم
تنازلات مهمة
من أجل الديموقراطية.
ففى 26 فبراير
من عام 2005 فاجأ
الرئيس مبارك
الجميع
باعلان اقتراحه
تعديل المادة
76 من الدستور.
ومثل هذا الاعلان
استجابة لأحد
مطالب حركة
كفاية وهو انتخاب
رئيس
الجمهورية
انتخابا حرا
مباشرا من بين
أكثر من مرشح.
ولكن الرئيس
مبارك تجاهل
المطالب
الأخرى
لكفاية
وللأطراف
الأخرى لحركة الاصلاح
الديموقراطى
والدستورى,
وخاصة مطلب وضع
حد أقصى على
مدد تولى
رئاسة الدولة
والمناصب
التنفيذية
الأخرى لا
تزيد عن مدتين
دستوريتين,
وذلك لسبب
واضح وهو
تمسكه بالحكم
لفترات
أضافية وحتى
النهاية
الطبيعية
التى هى بيد
الله
وحده.
كانت
تلك
الاستجابة
مفاجأة لأن
الأحزاب السياسية
الشرعية كانت
قد سلمت بطلب
قيادات الحزب
الوطنى
الحاكم
بتأجيل مطالب الاصلاح
الدستورى لما
"بعد
الاستفتاء
على رئاسة
الجمهورية"
المقرره فى
سبتمبر. وكان
الرئيس مبارك
نفسه قد صرح
علنا عدة مرات
– وحتى قبل
ايام قليلة من
هذا الاعلان-
برفض تعديل
الدستور أو
فتح أى قضية
تتعلق به بل
واتهام المطالبين
بتعديل
الدستور أو
تغييره
بالعمالة لدول
أجنبية. ويكشف
الانقلاب فى
موقف الرئيس مبارك
فى غضون عدة
أيام أو
أسابيع عن
طبيعة وحجم الحضور
القوى فى ذلك
الوقت لحركة
كفاية والنمو
الظاهر فى
حركة الاصلاح
السياسى
والدستورى.
وما أن بدأت
العملية
الانتخابية
بتقديم أوراق
الترشح
لانتخابات
الرئاسة حتى
اضطر الرئيس
مبارك لتقديم
تنازلات
كبيرة أخرى
لحركة
الاصلاح
الديموقراطى.
فوعد فى خطاب
الترشيح فى 28
يوليو ثم فى
خطاب اعلان
البرنامج فى 16
أغسطس
الالتزام
بوقف العمل
بقانون
الطوارىء, واستبداله
بقانون
لمكافحة
الارهاب,
وزيادة نسبة
تمثيل النساء
فى البرلمان,
وبقانون جديد للحصانات
القضائية. اما
فيما يتعلق
بالبنية الدستورية
فالتزم
بزيادة سلطات
مجلس الوزراء
وتقوية سلطات
البرلمان
وتقليص
صلاحيات رئيس
الجمهورية,
وهى التزامات
توجب تعديلات
دستورية مهمة.
لقد
مثلت الفترة
الفاصلة بين
اعلان فبراير
واتمام
الانتخابات
الرئاسية فى
سبتمبر مرحلة
مثيرة فى
تاريخ البلاد
السياسى. فلأول
مرة منذ بداية
السبعينات
تستلم قوى غير
رسمية زمام
المبادرة
السياسية
وتواصل بدون توقف
الضغط على
النظام
السياسى
للقيام باصلاحات
جوهرية, ولأول
مرة تستمر هذه
الضغوط
العلنية فترة
عدة شهور بدون
توقف, ولأول
مرة تشعر
الأمة ككل بأن
النظام
التسلطى بدأ
يهتز أو على
الأقل يتخبط.
ولا شك مطلقا
أن الموقف
الأمريكى كان
له بعض
التاثير من
حيث تقييد
الغريزة
القمعية
للنظام
السياسى
ورئيسه الذى
لن يتورع ابدا
عن الزج
بالالاف فى
السجون
لأسباب أقل بكثير
من المواجهة
العلنية التى
قامت بها كفاية
معه.
وقد
ترتب هذا
التأثير على
عوامل كثيرة.
أول هذه
العوامل فى
تقديرى هو
التهافت
الأخلاقى والمعنوى
لحجج أنصار
الحكم الأبدى
المطلق بمن فيهم
أو على رٍاسهم
رئيس الدولة.
فلم يعد من الشائع
فى عصرنا وحتى
فى دول عربية
أن يواصل رئيس
ما الحكم لمدة
24 عاما متصلة,
بل لم يعد
يوجد فى
العالم دستور
يحدد الولاية
الرئاسية
بستة سنوات.
ومثلت الرغبة
غير الخفية للرئيس
فى تولية ابنه
فى لحظة ما من
المستقبل كرئيس
للدولة مصدرا
لا شك فيه
للانكشاف أو
الحرج. وكان
وضع حد أقصى
على مدد تولى
رئيس الدولة
أحد الأحلام
التى تراود
المصريين, لبدء
حركة ما
لتغيير
الواقع
السياسى ونظر
لها الجميع
باعتبارها
العلامة التى
لا تخطئها العين
على نجاح
الانتقال الى
نظام
ديموقراطى. ولهذا
السبب اضطر
الرئيس
الراحل
السادات لوضع
حد أقصى
فترتين فى
دستور 1971 عندما
كان لا يزال
يغازل
الأشواق
الديموقراطية
للمصريين.
ويلفت النظر
أنه أزال هذا
القيد كواحد
من البنود فى
التعديلات
الدستورية
التى حصل عليها
عبر استفتاء
عام 1980, وكان قد
ناور للحصول
على هذا
التعديل
بالذات بأن
وضع النص
القائل بأن الشريعة
الاسلامية هى
المصدر
الرئيسى للتشريع
– وهو نص يتمتع
بشعبية
غريزية – من
أجل تمرير
بقية
التعديلات
ومنها ازالة
القيد على مدد
تولى رئاسة
الدولة. كما
أن الرئيس
مبارك نفسه
كان قد تعهد
فى أول خطاب
يلقيه فى البرلمان
بعد انتخابه
رئيسا عام 1981
بأن يحكم لفترة
واحدة!
الحرج
أو الشئون
الرمزية لها
أهمية ليس فقط
فى العالم
الخارجى
وانما أيضا
أمام الرأى
العام. ولهذا
السبب نعتقد
أنه تحتم على
مبارك أن
يتقدم خطوات
اضافية فى
مجال الاصلاح
الدستورى وهو
ما يمكن أن
ننسبة لأثر
حركة
كفاية وبروز
حركات أخرى للاصلاح
الديموقراطى.
فقد
اكتسبت حركة
كفاية زخما
نوعيا أولا بانتشار
نسبى لحركات
التغيير
والاصلاح
التى تحمل نفس
الأسم وخاصة
فى الجامعات.
وثانيا بتكوين
عدد من
التجمعات
والمنابر
الأخرى المنادية
بالديموقراطية
وأبرزها
"التحالف الوطنى
من أجل
الاصلاح
الديموقراطى"
فى صيف عام 2005. اشتملت
هذه الحركة
الأخيرة على
عناصر معروفة
من النخبة بما
فى ذلك رئيس
الوزراء
الأسبق عزيز
صدقى وعدد من
أهم وزراء
السادات
ومبارك, وعدد
لا بأس به من
رؤساء
الشركات
والقطاعات
والهيئات
الاقتصادية
والسياسية,
فضلا عن شخصيات
عامة كثيرة.
والواقع
ان هذه
الحركات
الاصلاحية
برزت كطفرة فى
سلسلة من
العمليات النضالية
العضوية. ويهمنا
هنا أن نشير
الى اربعة
عمليات
تراكمية كبرى.
الأولى تطورت
فى حقل الحركة
الحقوقية المصرية.
فمنذ منتصف
الثمانينات
بدأت حركة
حقوق الانسان
تتحدى فى
الواقع
العملى
البنية
التشريعية
للاستبداد.
وهى لم تلجأ
الى اثارة
الرأى العام
ضد هذه
التشريعات
الاستثنائية
فحسب بل
واعتبرتها
انتهاكا للمواثيق
الدولية, ومن
ثم فقد أقامت
تلك الحركة
شرعيتها على
مفهوم الحق
وليس على
مفهوم
الترخيص الذى
يتمسك به التشريع
الجمعياتى,
وهو مفهوم منح
الدولة لا
مجرد اختصاص
حجب الشرعية
عن الجمعيات
بل سيطرة
فعلية
وقانونية على جميع
أوجه الفضاء
الجمعياتى وعلى
شروط حياة
وموت
الجمعيات.
وقررت
المنظمة
المصرية
لحقوق
الانسان أن تفرض
وجودها
الفعلى دون
حاجة الى
ترخيص بل
وبدون اللجوء
الى القضاء
للحصول على
ترخيص وفقا
للقانون
المعمول به
وقت نشأتها
وحتى عام 1997.
وعندما بدأت
الجمعيات
والمراكز الحقوقية
فى الانتشار
أخذت جميعها
بهذا المفهوم.
فالدفاع عن
حقوق الانسان
يتطلب أيضا
تشجيع مختلف
القوى
الشعبية
والمجتمعية
على ممارسة
الحقوق الى
يحجبها عنها
القانون. ومثل
ذلك فى الواقع
تطورا ثوريا
من الناحية
الرمزية
والفكرية وخاصة
بعد أن تكيفت
الدولة فعليا
مع هذا الواقع
بعد أن خسرت
معركة شرسة
عام 1989 مع المنظمة
المصرية
لحقوق
الانسان. لقد
انعكس هذا
التطور بوضوح
بالغ على نشأة
حركة كفاية
والحركات
الاصلاحية
الأخرى, اذ
فرضت هذه
الحركات
وجودها بالفعل
استنادا على
مبدأ الحق
وليس الترخيص
او طلب الشرعية
القانونية.
لقد بدا الأمر
مع كفاية
وكأنة أمر
منطقى للغاية
حيث لا يمكن
لحركة تتحدى
الاستبداد أن
تطلب الشرعية
من تشريعات
استبدادية
واستثائية.
غير أن من عاش
ومارس العمل
العام فى عقدى
السبعينات
والثمانينات
يمكنه أن يدرك
أن هذا
الانجاز لم
يكن ممكنا
بدون اقدام
الحركة الحقوقية
على تحدى
الشريعات
الاستبدادية
علنا
وبشفافية ووضوح
تام. وعلى
سبيل المثال
كان عدد من
ابرز المفكرين
المصريين بمن
فيهم شخصية
شهيرة ووثيقة
الصلة
بالرئيس
والسلطة
السياسية مثل الراحل
الكبير الأستاذ
احمد بهاء
الدين
قد طلب من الرئيس
الاذن لتاسيس
منبر فكرى فى
بداية عقد
الثمانينات,
ورفض الرئيس
هذا الطلب. واستمر
هذا الواقع
حتى قامت
الحركة
الحقوقية بتحديه
كما أسلفنا
القول.
أما
التطور
الثانى فجاء
فى سياق عملية
الاحياء التى
شهدتها
النشاطية
النقابية المهنية
فى عقدى
الثمانينات
والتسعينات.
لقد كان هذا
التطور بالغ
التعقيد حيث بدأ
الاستقطاب
الحاد بين
التيارات
الفكرية
والسياسية
المدنية وتلك
الاسلامية فى
التبلور, وبدأت
الأخيرة فى
اجتياح عدد من
أهم النقابات
المهنية
وأضخمها
وأكثرها
نفوذا وخاصة
نقابات الأطباء
والمهندسين
والمحامين. ومع
ذلك, فان اهم
انجاز تحقق هو
تمكن
القيادات الاعتدالية
على الجانبين
من ادارة
سلسلة من
الحوارات,
بدأت فى اطار
عملية
التنسيق بين
النقابات
المهنية ثم
انتقلت الى
المستوى
الحزبى. لقد
فشلت تلك
العمليات فى
اصدار وثائق
مبدئية أو برنامجية
مشتركة كما
كان مامولا,
ومع ذلك فان
تجربة الحوار
المتصل
بذاتها اسست
جسرا ظل صالحا
للعمل خلال
السنوات التالية.
وفى الحد
الأدنى فان
رغبة الدولة
البوليسية فى
استخدام
المثقفين
والأحزاب
والتيارات
العلمانية
لضرب أو تطويق
حركة الأخوان
المسلمين
بالذات لم
تنجح. ورفضت تلك
الفعاليات
جميعا
التواطؤ مع
الدولة
لاستمرار حجب
الشرعية أو
اضطهاد
التيار الاسلامى
الاعتدالى
رغم التخوف
الاصيل من هذا
التيار
لأسباب
تاريخية
وايديولوجية
وسياسية.
وانطلاقا من
هذا الانجاز
الذى تم فى
حقل الحركة
النقابية
المهنية نشأ
توافق عام على
القبول
المتبادل,
والتعايش بل
والعمل
المشترك. وقد
ترجمت كفاية
هذا الانجاز
حيث ضمت
شخصيات من
كافة
التيارات
الفكرية
والسياسية
بما فيها تيار
الأخوان
المسلمين.
وبينما لا
يزال هذا
التعايش أو
العمل
المشترك
مضطربا
ومشوشا ومتذبذبا,
فانه يمثل
خطوة متقدمة
بالمقارنة بميل
التيار
الأسلامى فى
عقد
السبعينات
"لشيطنة"
القوى الأخرى
وخاصة اليسار,
وميل الأخير
للتعاطى مع
حركة الأخوان
المسلمين
وفقا لتحليل يصفها
بالفاشية
والظلامية
وشتى الصفات
الأخرى
الدالة على
الذعر منها
والتطير من
نتائج ممارساتها
على صعيد
مستقبل الديموقراطية.
لقد تحقق هنا
انجاز مهم وان
غير مكتمل.
ويظهر هذا
الانجاز
بصورة أكبر فى
طرح الأخوان
المسلمين (فى
مصر وسوريا,
وفى الأخيرة
بدرجة أكثر
تقدما)
برنامجا
سياسيا يقبل
بالديموقراطية
وان ليس
متحررا من
مفهوم الدولة
الدينية أو
على الأقل من
مركزية مفهوم
الشريعة فى
تصورات هذا التيار
عن الدولة.
وابتداءا من
هذا المفهوم
طرح الأخوان
المسلمون فى
مصر فى بداية
هذا الصيف شعار
التحالف من
الديموقراطية,
وهو أمر دال
وان لم يتقدم
خطوات كثيرة
الى الأمام.
أما
التطور
التراكمى
الثالث فتم فى
حقل النضال المدنى
والسياسى
المصرى من أجل
القضايا
القومية
العربية وعلى
رأسها قضية
فلسطين
والعراق. فمثل
تأسيس اللجنة
المصرية لدعم
الانتفاضة عام
2000 فرصة مهمة
أولا لبناء
تحالف من
مختلف التيارات
السياسية وان
بصورة فردية,
وثانيا لعمل
شعبى واسع
الطيف ووصل
بالفعل الى
أعمق اعماق
المجتمع
المصرى بما فيه
المناطق
الريفية
شديدة الفقر.
لقد تمكنت هذه
اللجنة من
جميع تبرعات
اغاثة وتسيير
عدد كبير من قوافل
اغاثة للأرض
المحتلة.
ومثلت عملية
جمع التبرعات
الشعبية فرصة
مثالية للعمل
على المستوى
القاعدى بين
افقر فئات
المصريين. ولم
تكن تجربة
اللجنة
الشعبية
لمناصرة
الانتفاضة هى
التجربة الوحيدة
للعمل على
المستوى
القاعدى.
فالواقع أن
ثمة تجارب
أخرى ترتبط
بالانتفاضة
الفلسطينية
الثانية ولا
تقل اثارة وان
كان الاختلاف
فى تقويمها
منطقيا
وطبيعيا مثل
تجارب مقاطعة
الشركات
الأمريكية أو
المتعاملة مع
الأمريكيين. وقد
أظهرت
التجربة
المخزون
الهائل للتعاطف
مع القضية
الفلسطينية
فى مصر بعد
عقدين على
الأقل من
الانقطاع
بسبب توقيع
اتفاقية كامب
ديفيد. ويمكننا
مضاهاة هذين
الأسلوبين فى
العمل لدعم
الانتفاضة
الفلسطينية
خلال الفترة
2000-2003. فالأولى
أخذت بمفهوم
الاغاثة
والثانية أخذت
بمفهوم
المقاطعة,
والأولى
اعتمدت على المخزون
القومى بينما
اعتمدت
الثانية على
التحريض
الدينى,
وأخيرا فان الأولى
قامت على
التواصل
المباشر مع
القواعد
الشعبية بينما
قامت الثانية
على تقنيات
ثورة الاتصال
من انترنت
وتليفونات
جوالة,
وغيرها. ومع
ذلك انعكست
الخبرات
المتراكمة فى
هاتين التجربتين
على الحركات
الاصلاحية
الجديدة مثل
كفاية
و"لتحالف
الشعبى من أجل
الديموقراطية"
بطرق شتى. بل
أن حركة كفاية
تعد من زوايا
عديدة وليدة
المخاض الذى
مرت به الحركة
السياسية
"الجماهيرية"
المعادية
للامبريالية
والصهيونية
منذ بداية
الألفية
الثالثة.
وسريعا
ما بدأت
النشاطية
الشعبية تمتد
الى قضية أخرى
وهى النضال من
أجل قطع
الطريق على
الغزو الأمريكى
للعراق. وقد
نهضت هذه
التجربة أساسا
على
التظاهرات
الشعبية خاصة
فى الربع
الأول من عام 2003.
ولم تكن تلك
التظاهرات
كبيرة الحجم
بالمقارنة
بالمظاهرات
والمسيرات
العملاقة
التى تم تسييرها
فى العواصم
العالمية
والغربية الكبيرة
لنفس السبب.
ومع ذلك فقد
كانت أول
تظاهرات
شعبية تتم دون
موافقة - أو
بتحدى- الحكومة
فى غالب
الأحوال, بل
هى اجبرت
الحكومة على
تسيير
مظاهراتها
الخاصة بها فى
محاولة واضحة
للظهور بصورة
تتلاقى مع
الحركة الشعبية
أو لقطع
الطريق عليها
وعدم السماح
للقوى الأخرى
بقيادتها. وامتازت
هذه
المظاهرات
بأنها استمرت
لفترة طويلة
نسبيا وحتى سقوط
بغداد فى
ابريل 2003.
والواقع أن
المظاهرات
الشعبية لدعم
العراق فى
مواجهة الغزو
الأمريكى
كانت هى
البداية المباشرة
لمظاهرات
كفاية. كما كانت
البداية
الحقيقية
لمولد جيل
جديد من
اليسار لأول
مرة من نهاية
عقد
السبعينات.
لقد
ثارت تلك
الموجة الجديدة
من النشاطية
السياسية
بفضل الأجندة
والمشاعر
القومية
والمعادية
للامبريالية.
وربما كانت
تلك الأجندة
هى الوحيدة
القادرة على
تحريك الشارع
حتى
بالمقارنة
بالهموم
المباشرة
لهذا
"الشارع". وقد
نلاحظ هنا أن
تلك الفترة 2000-2003
تعد أسوأ
فترات التاريخ
السياسى المصرى
من حيث
انتهاكات
حقوق الانسان
وأصعب الفترات
فى التاريخ
الاقتصادى
المصرى من حيث
شدة الركود
وتراكم مشاكل
البطالة. ومع
ذلك لم نشهد
موجه من
النشاطية
المطلبية
الاقتصادية لمواجهة
هذه
المشكلات, كما
كانت الحركة
السياسية قد
خمدت بعد
التجربة
البوليسية
الرهيبة مع انتخابات
عام 2000 التى
أوضحت اصرار
النخبة
الحاكمة على
الاحتفاظ
بالسلطة
واحتكارها
حتى لو تضطرت
لتزوير الانتخابات
علنا وتحت عين
وسمع العالم
كله. وفى هذا
السياق قد
نناقش بقدر من
التفصيل فى
سياق أخر مدى
وطبيعة
الارتباط بين
النشاطية
المدنية والسياسية
فى حقل الديموقراطية
بالمقارنة بالقضايا
الوطنية
والقومية. ولا
بد من
الاعتراف بأن
الأخيرة كانت
وربما تظل
لفترة طويلة هى
الأكثر قدرة
على تحريك
الشارع.
ولا
ينفصل التطور
التراكمى
الرابع عن هذه
القضية
الأخيرة.
فالاحباط
الهائل الذى
مثله الغزو
الأمريكى
للعراق وربما
تراجع (أو هزيمة )
الانتفاضة
الفلسطينية
أدى الى نشوء
وعى "جديد"
الى حد ما
يعيد التلازم
بين القضيتين
القومية
(الوطنية)
والديموقراطية.
لقد شرحنا
سلفا الجدلية
التاريخية
التى تأسس بها
هذا التلازم
فى التاريخ
السياسى لمصر,
أو تفكك فيه.
والان بدا
الأمر كما
يلى. ان الغزو
الأمريكى
للعراق أسقط
أخر الحجج
التى كان من الممكن
من خلالها
"اثبات"
الحاجة الى
دولة تسلطية
أو شعبوية
باطشة. لم يعد
هناك أى شىء
على الاطلاق
يبرر القول
بأن "لا صوت
يعلو على صوت
المعركة" ليس
لأنه لم يعد
هناك معركة
بالأصل بل
ولأن المعركة
تغيرت
طبيعتها
وصارت النظم
العربية
حليفة
للامبريالية
ومتعايشة مع
عودة الاستعمار.
وهكذا صرنا
نحتاج
للديموقراطية
من أجل استعادة
حيوية النضال
الوطنى من أجل
الاستقلال
الثانى.
لقد
بدت هذه
الحاجة ماسة
وشديدة ليس
لأن النضال
الوطنى
والقومى فى
مصر كان قويا
بل لأنه فى
الواقع كان أضعف
بكثير جدا ما
يجب. وقد لاحظ
حتى أبسط
الناس فى البلاد
الفارق
الهائل بين
مظاهرات
مناهضة الحرب
ضد العراق فى
أمريكا ذاتها
وفى غيرها من
دول العالم من
ناحية وما كان
يجرى فى مصر
والبلاد
العربية الأخرى
من ناحية
ثانية. وعزا
الجميع
تقريبا هذا
الفارق
الكبير الى غياب
الديموقراطية
والحريات
العامة. ولهذا
السبب
استأنفت قوى
عديدة - بعد سقوط
بغداد مباشرة-
جهود الاصلاح
الدستورى,
وبدأت موجة جديدة
للاصلاح
السياسى
والدستورى,
طرحت أهمية وضع
دستور جديد
للبلاد
وانهاء
الدولة
البوليسية,
فضلا عن
النضال من أجل
الاحياء
الوطنى والقومى.
وبدأت تلك
الحركة فى وضع
افكار لتدشين
عملية فعلية
لوضع مسودة
دستور جديد
للبلاد أولا
من أجل حفز
الوعى
والنضال من
أجل الاصلاح
الدستورى والسياسى
وثانيا من أجل
التحضير
لانتفاضة ديموقراطية
يمكنها أن
تعتمد على
مسودة لدستور
ديموقراطى.
بدأت
هذه الجهود
بمبادرة
أطلقت على
نفسها اسم
"مبادرة
تجديد
المشروع
الوطنى" عقدت
مؤتمرا يعد
كبيرا فى ربيع
عام 2003, ولكن هذه المبادرة
لم تكتمل ولم
تتطور بصورة
كبيرة ربما
لأنها ضمت
أساسا جيل
اليسار الذى
ارتبط بالحركة
الطلابية فى
عقد
السبعينات,
ولكنها مثلت
بداية جديدة
لاحياء
اليسار
واستدعاءه
للقيام بدور
جديد بعد أن
استقال من
الحياة السياسية
أو تم
استيعابه فى
مؤسسات
الدولة الثقافية,
وقد انعكس هذا
التطور على
بروز أطروحة
طموحة وهى
"حفر طريق
ثالث" بين
التيار
الدينى الذى يناضل
من أجل بناء
دولة دينية
والتيار
البيروقراطى
البراجماتى
الذى يساند
الحكم المطلق
والبوليسى.
وقد ورثت "كفاية"
والحركات الاصلاحية
الأخرى هذا
الجهد الذى
بدأه اليسار
الديموقراطى
بقيادة
المركز
الديموقراطى
الاجتماعى
والذى مثل
بؤرة مهمة
لنضوج حركة اليسار
الديموقراطى.
وقامت كفاية
على نفس الأسس
التى وضعتها
مبادرة تجديد
المشروع
الوطنى.
*****
ركز
هذا التحليل
على البعد غير
الرسمى فى النضال
الشعبى من أجل
الديموقراطية
فى مصر, ولن يكون
هذا التحليل
أمينا أو
سليما
ومتكاملا اذا
أهمل البعد
الحزبى أو
السياسى
الرسمى أو
المعترف به
قانونا. صحيح
أن الأحزاب
المصرية
الرسمية
"فشلت" فى الثورة
أو التمرد على
البنية
الاستبدادية
للدولة
المصرية
ولكنها لم
تتقاعس عن
المطالبة
باصلاحات
ديموقراطية
كبرى. وقد أدى
فشلها فى
الضغط على
الدولة بصورة
قوية الى بروز
حركات
الاصلاح غير
الرسمية, ومع
ذلك لابد من
الاشارة الى
الجهود
الكبيرة التى
قامت بها هذه
الأحزاب
وخاصة تلك
التى تملك
قاعدة
شعبية أو
تعبر عن
تيارات
حقيقية فى
المجتمع وخاصة
التجمع
والوفد. ولهذه
المسألة قيمة
نظرية وعملية
كبيرة, حيث يسود
الحركات
الجديدة روح
من التحقير
وربما من
العزلة تجاه
الحركة
السياسية
الحزبية, وهى
روح تبدأ من
اشاعة
الاعتقاد بأن
الأحزاب الرسمية
هى امتداد
لجهاز الدولة
التسلطى, أو
بؤر لتسويق الصفقات
السياسية
التى قادت الى
تجذيره التسلط
وارهاب
الدولة.
فالواقع أن
الأحزاب
السياسية لم
يكن بيدها
الكثير لتضغط
به على جهاز
دولة صلف
وباطش, سوى
المطالبة عبر
صحافتها
بالحريات
العامة
ونزاهة
الانتخابات.
فالصحافة الحزبية
رغم حدودها
ظلت هى وسائل
الاعلام
الوحيدة
المتاحة
للمعارضة
الديموقراطية
وللحركات
الاجتماعية
طوال عقدين أو
أكثر. وبينما
لم يكن بيد
الأحزاب سوى
سلاح
المقاطعة فى
وجه انتخابات
عامة مزورة,
فان الدولة لم
تظهر اهتماما
كبيرا لا
بالمقاطعة
ولا
بالمشاركة
الانتخابية,
فهى زورت جميع
الانتخابات
والاستفتاءات
العامة بدون
استثناء. وكان
لهذه الحقيقة
اثر متناقض
على القوى
الشعبية. فمن
ناحية ثارت
حركات احتجاج
وتمرد محدودة
وذات نطاق
اقليمى أو جهوى
مضاد للتزوير,
ولكن
الجماهير
نفسها تعلمت
هذه العادة
السيئة ودرجت
هى ذاتها على
ممارسة
التزوير
الانتخابى,
على مستوى
القرى وانطلاقا
فى العادة من
عصبيات ضيقة
الأفق وبدائية
على
المستويين
الأخلاقى
والسياسى,
وكان ينظر
لهذه العادة
على أنها
الطريقة
الوحيدة لكسب
الانتخابات
فى وجه
التزوير
المنظم الذى يقوم
به جهاز
الدولة, وهكذا
افسدت الدولة
الجماهير
بدلا من أن
تثورها.
ولهذا
السبب بين أسباب أخرى يجب
الاعتراف بأن
النضال من أجل
الديموقراطية
ظل فى الجوهر
نخبويا ولم
يحدث أن التفت
الجماهير حول
هذا النضال أو
قامت باسنادة
أو تبنيه
بصورة كبيرة
أو ملحوظة.
ويحتاج هذا
الاعتراف الى
مزيد من الشرح
والتحليل. ان
السؤال الذى
نحاول
الاجابة عليه
فى الفقرات
التالية هو
لماذا لم
يكتسب النضال
من أجل
الديموقراطية
زخما شعبيا فى
مصر حتى اليوم.
ثانيا:
أزمة النضال
الديموقراطى
فى مصر
يواجه
تفسير
الافتقار الى
حضور جماهيرى
مؤثر ومساند
للنضال
الديموقراطى صعوبات
شتى, ربما يكون
فى مقدمتها الافتقار
لبيانات
واحصاءات
مدققة أو
مقبولة
لاختبار تنوع
كبير من
النظريات
الشائعة حول
القضية.
أكثر
هذه النظريات
شيوعا – بين
المثقفين
والاعلاميين
بل والشارع
نفسه- هو أن ما
يهم المصريون
الان هو الشأن
الاقتصادى الصرف.
ومن هذا
المنظور, فالنضال
من أجل
الديموقراطية
عزل نفسه عن
المطالب
الجماهيرية
المتعلقة
بالشروط
الاقتصادية
والاجتماعية للحياة
اليومية. ويضغط
قطاع كبير من
الحركة
الحقوقية
والديموقراطية
من أجل تبنى
قضايا الأسعار
والأجور لضمان
التفاف
جماهيرى أوسع
حول الحركة.
ولهذا اهتمت
حركة "كفاية"
بتسيير
مظاهرات
ومسيرات
تتبنى
القضايا
الاقتصادية.
غير أن
هذا التبنى لم
يصنع أى فرق
فى مستوى الالتفاف
الشعبى حول الحركة
حتى عندما تبنت
أكثر المشكلات
الشعبية التهابا
وهى مشكلة
البطالة. وكان
الناس ينظرون
بدهشة الى
مظاهرات وقعت
فى مناطق
شعبية فقيرة,
واستاء كثير من
العاطلين لأن
المظاهرات
هتفت بسقوط
الرئيس مبارك!
ومع ذلك لم
يكف غالبية
النشطاء فى حركة
كفاية
والحركة
الديموقراطية
والحقوقية عن
المناداة
بطرح أجندة
اقتصادية
واجتماعية
كمدخل للحصول
على التفاف
شعبى حول
المطالب الديموقراطية.
وتفترض
تلك النظرية أن
الأجندة الاقتصادية
وحدها هى التى
تستطيع أن تحرك
الشارع, وأن
الحركة
الديموقراطية
لا تلهم الجماهير
التى لا تفهم
الصلة بين
النضال
الديموقراطى والنضال
من أجل نيل
الحقوق
الاقتصادية
والاجتماعية.
كما
تفترض هذه
النظرية أن
الأوضاع
الاقتصادية
الصعبة التى
يعيشها
المصريون هى
السبب
الرئيسى وراء
ضعف النضال
السياسى
للمصريين,
ويشيع
الاعتقاد بأن
الناس تقضى
وقتها كله بحثا
عن لقمة
العيش, ولذلك
لا تعير
القضايا الكلية
بما فيها قضية
الديموقراطية
اهتماما يذكر.
ومن
الطريف أن هذا
التفسير لا
يخص المعارضة
الديموقراطية
وحدها بل
تشاركها فيه
الدولة
وقياداتها
العليا ايضا.
ويصر الرئيس
مبارك على أن
همه الأول هو
"اطعام
المصريين"
الذين يتزايدون
بصورة كبيرة
بين يوم وأخر.
وتذخر خطب
الرئيس
والمسئولين
الكبار
بالدولة
بالوعود ذات
الصلة بالأوضاع
الاقتصادية.
وفى برنامج
الرئيس مبارك
لخوض الانتخابات
الرئاسية
الحالية
استغرق
الحديث عن
المشكلات
والقضايا والوعود
الاقتصادية
بأكثر من 90% من
مساحة الخطاب بدءا
من وعود زيادة
الأجور
ومرورا
بقضايا التعليم
والعلاج
الصحى
والأسكان
ووصولا الى وعود
التوظف
والقضاء على
البطالة.
ويعكس هذا الخطاب
انتصار تيار
رئيسى داخل
الحزب الوطنى "الحاكم"
يسخر من
المثقفين
الذين يرفعون
لواء الاصلاح
الديموقراطى
على اعتبار
أنهم جماعة
معزولة لا
تفهم الواقع
المصرى ولا
الجماهير
المصرية التى
تريد لقمة
الخبز وليس
الحديث "الأجوف"
عن الحرية.
هنا بكل أسف
يتفق المعارضون
والموالون,
وأنصار
ومعارضى
الحكم المطلق
والدولة
البوليسية
على تحقير
العقل الشعبى
المصرى
والنظر اليه
باعتباره
كيانا بدائيا
لا يفهم ولا
يهتم بغير لغة
الحياة
اليومية
والتفاصيل
المعيشية. وجدير
بالذكر أن
الاصرار على
أحادية
الأجندة
الشعبية مثل
الأساس
النظرى بل
والصفقة العملية
للقضاء على
الديموقراطية
فى مصر. ويحكى
التاريخ أن
الرئيس ناصر
نجح فى تعبئة
قطاع من
الحركة
العمالية
لصالح موقفه
فى أزمة مارس 1954
برشوة أحد
النقابيين,
واشتهر عنه أنه
استجاب لموقف
طرحه أحد
النقابيين فى
بداية الستينات
بقوله "نحن
نعطى, وليس
لكم أن تطالبون".
وبوجه عام,
يعتقد أن
المبادلة بين
الخبز
والحرية هى
الصفقة
السياسية
الجوهرية,
وربما المعطى
الأيديولوجى
الأساسى الذى يساند
الاستبداد
بكل صوره
التوتاليتارية
والبوليسية. ومع
ذلك فاذا
فهمنا لماذا
تريد نظم
الحكم الاستبدادية
تسييد هذه
المبادلة, فهل
يمكننا فهم
قبول الشعب
بها؟ ربما
تفيد
الملاحظات
التالية فى
وضع أجندة
للبحث حول
الموضوع.
أ)
الدوافع
الاقتصادية
للجماهير: الواقع
أن النظرية
السابقة تخطأ
تماما تفسير
اشكالية
الافتقار الى
الالتفاف
الجماهيرى
حول قضية
الديموقراطية
والقضايا
الخاصة
بالسياسة
والاصلاح
السياسى والدستورى.
فالقول بأن
الصعوبات
الاقتصادية
تحول دون نشاط
الجماهير
السياسى يتعارض
مع جبال من
النظريات
الشائعة فى
علم الاجتماع
والسياسة
والتى تنسب
الجانب الأهم
من النشاطية
السياسية
للجماهير الى
الصعوبات الاقتصادية
نفسها. وقد
افترضت نظرية
الصراع الطبقى
أن الجماهير
تتجه بنهاية
المطاف للنضال
السياسى
كتعبير عن
رفضها
للاستغلال
الاجتماعى. وسواء
لجأنا الى
مقولة الفقر
بذاته أو الى
مفهوم
الحرمان
النسبى فان
الاعتقاد
الشائع فى العلوم
الاجتماعية
هو أن الثورات
وحركات التمرد
والاشكال
الأخرى
للنضال
السياسى
ترتبط على نحو
مباشر وغير
مباشر وبصورة
سببية
بالصعوبات
الاقتصادية.
وليس هناك ما
يمكن أن
يقنعنا بأن
السلوك
السياسى
للمصريين
يختلف الى حد
التعارض مع
الشعوب
الأخرى التى
اشتقت تلك
النظرية من
تجاربها
التاريخية.
أما اذا
تركنا
النظريات
ولجأنا الى
ميدان الواقع,
فالمفترض أن
تؤدى
الصعوبات
الاقتصادية فى
المرحلة
الأولى الى
نشاطية
اقتصادية ومطلبية
قبل أن تتبلور
فى نشاطية
سياسية.
ويفترض أن
تتبلور
النشاطية
الاقتصادية فى صورة
اضرابات
عمالية
واشكال أخرى من
التمرد
الاجتماعى.
والواقع أن
النشاط المطلبى
للمصريين لا
يبدو وكأنه
ازداد فى
السنوات أو
حتى العقود
الأخيرة بل
يبدو من المشاهدة
المباشرة
وكأنه قد
انخفض بصورة
واضحة, على
الأقل
بالمقارنة
بعقد
السبعينات
والثمانينات.
ومن الأمور
الملفتة
للنظر أن
"الاصلاح
الزراعى
المضاد" الذى
طبقه نظام
مبارك بتحويل
عقود
الايجارات
الزراعية الى
القانون
المدنى بعد أن
كانت خاضعة
لقانون
الاصلاح
الزراعى لعام
1952 لم يؤد الى
الثورة
الشعبية فى
الريف كما
توقع اليسار.
وبينما تدفق
النشطاء
اليساريون من
ماركسيين
وناصريين
لقيادة
النضال الفلاحى
ضد النكسة
الاجتماعية
التى جردتهم
من حق أساسى
من حقوق
الاصلاح
الزراعى الذى
شكل قاعدة
مهمة لشرعية
الناصرية
استسلم
اغلبية فقراء
الفلاحين من
تلقاء أنفسهم
لهذا التشريع,
باستثناءات
محدودة
للغاية. وهكذا
فان الركود لا
يصيب فقط
النشاطية
السياسية
للمصريين
وحدها بل
النشاطية الاقتصادية
والاجتماعية
ايضا حتى فيما
يتعلق بشروط
مباشرة
وجوهرية
للحياة مثل
عقود الأراضى
الزراعية.
وبدأت منذ
شهور قليلة
حركات فلاحية
صغيرة فى قرى
بعينها للتمرد
على محالات
سرقة الأراضى
المسجلة
باسماء
الفلاحين
الفقراء أو
تحيز نظام
القضاء والشرطة
ضدهم فى
منازعات
الملكية, ولكن
من المثير أن
الفلاحين
يعتقدون أن
تضامن
المثقفين
الاتين من
القاهرة معهم
يؤدى الى بطش
بوليسى اسوأ.
وربما يحتاج
الأمر الى
فترة أطول حتى
ينضج هذا
التلاقى بين
مناضلى
اليسار
الديموقراطى
من ناحية والطبقات
الشعبية من
ناحية أخرى.
وقد
مثلت هذه
الحقيقة
الأخيرة
دليلا لنظرية مناقضة
تماما يشيعها
قطاع من الفكر
البراجماتى المحافظ.
فيرى بعض
الكتاب أن
السكون التام
تقريبا فى
الحياة
السياسية للجماهير
هو نتيجة
لتحسن كبير
ومطرد فى مستويات
المعيشة, وفى
الأوضاع
الاقتصادية
والاجتماعية
للأجيال
الحالية
للمصريين.
فمتوسط عمر
المواطن
المصرى قفز من
نحو 49 عاما
بنهاية
السبعينات
الى اكثر من 66
عاما خلال
الأعوام
الأخيرة. كما
تشير
الاحصاءات
الى أن متوسط
دخل الفرد زاد
من نحو 600
دولارا فى العام
بنهاية
السبعينات
الى نحو 1200
دولارا خلال الأعوام
الأخيرة.
وبوسع
الكثيرين
الاشارة الى
أوجه أخرى
للتحسن فى
مستويات
المعيشة
لأسباب عديدة
ربما يكون من
بينها الهجرة
الجماهيرية
الى الدول
الغنية فى
المنطقة
العربية
وخارجها. وليس
همنا هنا أن
نعرض
للاحصاءات
المتاحة, ولكن
يبدو أن هذه
النظرية
بدورها تخطأ
كثيرا فى
تعليل الجفاف
السياسى
للمصريين
الحاليين.
فالقول بأن
متوسطات
المعيشة زادت
لا يخفى عدم
العدالة فى
توزيع الدخل
ومستويات
المعيشة وحتى
فرص الحياة.
ومن المؤكد أن
الفقر قد اتسع
كثيرا ايضا
بالرغم من
تحسن مستويات
الدخول
الفردية
المتوسطة,
بسبب عدم
العدالة, كما
تشير احصاءات
البنك الدولى.
وكان من
المتوقع أن
يؤدى تزايد
عدم المساواة
الى تكثيف أو
توسيع النضال
الطبقى,
والاجتماعى
سواء على
الصعيد
الاقتصادى أو
على الصعيد
السياسى. وحتى
لو صحت نظرية
تحسن مستويات
المعيشة بين
الاجيال
الراهنة من
المصريين
فانها تصطدم بجبال
أخرى من
النظريات
التى تتوقع
زيادة النشاطية
مع تحسن فرص
الحياة
والتعليم
الثقافة وبالارتباط
مع التشبيب
المتزايد
للسكان فى مصر.
لدينا
اذن نظريتان
متعارضتان
تفسران عزوف المصريين
عن الممارسة
السياسية
عموما بالاشارة
الى تفاقم
الوضع
الاقتصادى
وتحسنه فى نفس
الوقت! وقد
ينبهنا هذا
التعارض الى
التردى الهائل
فى نوعية ودقة
وشمول
الأحصاءات
المتاحة. كما
ينبهنا هذا
التعارض الى
الصعوبات
الكبيرة
المحيطة بفهم
العزلة
النسبية
للحركة الديموقراطية
والسياسية
عموما فى مصر,
خلال العقدين
الأخيرين. فهل
يمكن تقديم
تفسير ذى مصداقية
نظرية
وميدانية؟
لنبدأ
أولا بتحديد
دقيق لما نريد
تفسيره. وأول
الملاحظات فى
هذا الشأن هو
أننا لا
نستطيع
الحديث عن
"انهيار
مفاجىء" فى
مستوى
النشاطية
السياسية
للمصريين. فقد
تطور الوضع
تاريخيا حتى
على المستوى
السياسى
البحت. فلم
يحدث أن دخلت
الطبقات
الشعبية أو
المواطنون
المصريون
بأنفسهم الى
ساحة الفعل
السياسى
وتحديدا على
جانب
المعارضة منذ
هزيمة حركة
الديموقراطية
عام 1954. وليس
صحيحا على الأطلاق-
وهذه شهادتى
الخاصة - أن
ابدى
المواطنون
العاديون
تعاطفا حركيا
حتى مع
مظاهرات
العمال
والطلاب فى
فبراير عام 1968
أو يناير عام 1972
وهى أهم موجات
النضال
الديموقراطى
الممتزج
امتزاجا
عميقا وعضويا
بالقضية الوطنية.
كان ثمة مزاج
مؤيد بصورة
عامة لهذه
الحركات
الطلابية
اساسا, ولكنه
المزاج
الشعبى لم يخل
ايضا من نقد
أو حتى معارضة
للطلاب
وللحركات
الطلابية, نقد
ومعارضة تعكس
نفايات
الدعاية
الحكومية. وقد
تغير الموقف
الى حد ما فى
الشهور
الأولى من عام
1973 حيث تحول
الموقف لصالح
الحركة
الطلابية, وجد
ترجمة حقيقية
هذه المرة فى
مشاركة ولو
جزئية
للجماهير
القاهرية فى
الماهرات
التى طافت
لشهور شوارع
القاهرة
احتجاجا
أساسا على
الموقف
السلبى
للنظام من
المسألة
الوطنية.
ولهذا اجضهت
الحركة الطلابية
بسهولة تامة
ما أن وقعت
حرب أكتوبر
عام 1973. أما
المناسبة
الكبرى
الأخرى التى
دخلت فيها
الجماهير
كفاعل فى
الساحة
السياسية
فكانت أحداث 18
و19 يناير عام 1977.
وكانت مشاركة
الطبقات الشعبية
اجماعية
تقريبا, ويقدر
عدد من شاركوا
فى المظاهرات
والمسيرات فى
مصر كلها بما
لا يقل عن 7
مليون مواطن.
ولكن هذه الحركة
لم تكن ذات
شعارات
سياسية الا
بالقدر الى رفع
فيها اليسار
هذه الشعارات,
وانما كانت مظاهرات
متعلقة
بالخبز قبل كل
شىء.
لنناقش
ما حدث بعد
انتفاضة
الخبز لأنه
أمر شديد
الدلالة على
العلاقة بين
النضال
الاقتصادى
والأوضاع
السياسية فى
مصر. فقد
استنتج
الرئيس
السادات أنه
لو استمرت
الأزمة
الاقتصادية
قد تؤدى الى
هز أن لم يكن
تقويض اساس
النظام. ولهذا
فهو لم يتراجع
فقط عن
القرارات
التى أدت الى
انتفاضة
يناير 1977 بل انه
فى الواقع
توسع فى مد
شبكة الرعاية
الاجتماعية
التى أسستها
الناصرية وقرر
معاشا خاصا
لفقراء الريف,
وتعلم نظام
السادات
ومبارك أهمية
"عدم المساس"
(وهو مصطلح
مستخدم بكثرة
شديدة فى
الدعاية
السياسية
لنظام مبارك)
بالاعانات
الضخمة التى
تضعها
الموازنة
العامة
لتثبيت اسعار
بعض السلع الرئيسية
وعلى راسها
الخبز.
أما
النتيجة
الأهم فهى
استنتاج
الرئيس السابق
السادات
وتلميذه مبارك
حتمية
الاسراع بحل
المسألة
الوطنية, عبر
مصالحة دائمة
وجوهرية مع
الولايات
المتحدة
واسرائيل.
فهذه
المصالحة هى
الضمانة الأهم
للحيلولة دون
تدهور الوضع
الاقتصادى
بما يقود الى
منازعة
الشرعية
السياسية
للنظام الحاكم,
ولهذا بقت
الايديولوجيا
الاقتصاديوية
أكثر من مجرد
"خديعة"
للجماهير
المستلبة
لأنها فى الواقع
الخطاب
المحدد
للشرعية
الأساسية للنظام,
ومن ثم الأساس
المحدد
لخياراته
الأخرى فى
المجالات
الخارجية
والداخلية.
وربما
لهذا السبب
بين اسباب
أخرى لم تتكرر
أحداث
انتفاضة
الخبز حتى
عندما تعرضت
الموازنة
العامة
لتعديلات
جوهرية فى
بداية عقد
التسعينات.
ولا
يمكننا أن
نترك هذا
الجانب من
المسألة حتى
نشرح بعض
تناقضات
العلاقة بين
الدوافع الاقتصادية
والسلوك
السياسى
للمصريين
الحاليين. لندع
الأن جانبا
نظرية الصراع
الطبقى والعلاقة
بين
"السياسى"
و"الاقتصادى"
فى هذا الصراع,
فالمشكلة
التى نتعرض
لها فى هذه
الفقرات هى
الى أى حد
تتدهور شروط
حياة
المصريين بما
يقود الى استنتاج
حتمية تاجج
الصراع
الطبقى
والاجتماعى.
تدفعنا
الرغبة فى
الاختصار الى
بيان الملاحظات
التالية دون
دخول فى
التفاصيل
وخاصة تفاصيل
المادة
الاحصائية
التى اعتمدنا
عليها فى هذه
الملاحظات:
أولا:
ان مستوى
معيشة المصريين
ككل تحسن
بصورة مؤكدة
خلال ربع
القرن الماضى
دون أن يكون
هذا التحسن
راجعا للأداء
الاقتصادى التنموى
للدولة.
الواقع أن
العكس هو
الصحيح,
فالأداء
الاقتصادى
للدولة اهدر
فرصا
استثنائية
تاريخيا للانطلاق
التنموى.
وبدلا من ذلك
توسعت الدولة
فى دعم
الاستهلاك
بصورة خارقة
الأمر الذى
ساهم فى
الشعور بتحسن
عام فى
مستويات
المعيشه, تم تمويله
من مصادر خارج
الدولاب
الانتاجى
للمجتمع. والواقع
أن الاحصاءات
المتاحة لا
تعكس هذه
الحقيقة
بالقدر
الكافى لأن
احصاءات الدخل
أقل بصورة
ملموسة- فى
تقدير هذا
الكاتب- من
حقيقتها, بسبب
الانتعاش
المذهل
للقطاع غير
الرسمى (يقدر
بما لا يقل عن
نصف الاقتصاد
الرسمى), وعدم
تسجيل تدفق
دخول خارجية
كبيرة). كما
تؤكد
المشاهدة
المباشرة
للعين الخبيرة
والموضوعية
حقيقة التحسن
الكبير فى
مستويات
المعيشه بفضل
تدفقات كبيرة
غير رسمية.
ثانيا:
ان الأمر
الأهم فى هذه
المشاهدة
بالنسبة
لموضوعنا هو
أن القوى
القادرة على
الفعل
السياسى والتأثير
الايديولوجى
قد افادت
كثيرا من الاوضاع
والسياسات
الاقتصادية
للنظام
الحاكم, بما
فيها الطبقة
الوسطى التى
يزعم
اختفائها, فالواقع
أن الطبقة
الوسطى
الحديثة
والتقليدية
أفادت كثيرا
بدرجات مختلفة.
فمشروعات
"بير السلم"
ازدهرت عموما
ووفرت بديلا
لهبوط
تنافسية
قطاعات كاملة
من الاقتصاد
الرسمى,
والمهن الحرة
أفادت عموما
بالسماح
بتعدد
الوظائف
والنظرة
العامة للوظيفة
الرسمية
وكانها مجرد
منصة انطلاق
للانشطة
الحقيقية
المنتجة
للدخول
النقدية
الأهم. كما أن
التوسع فى
الفساد
الصغير الى
مستوى
القانون افاد
ملايين من
الموظفين
الحكوميين
بصور مختلفة.
ولا أدل على
تحسن الأوضاع
الاقتصادية
لغالبية
الطبقة
الوسطى من
العدد الهائل
من السيارات
التى تجرى فى
مدن وأرياف
مصر, بصورة
جعل السيارة
الخاصة سلعة
استهلاك
جماهيرى رغم
غلاء ثمنها
بالمقارنة
بالبلاد التى
تنتجها.
ثالثا:
ان تدهور
توزيع الدخل
صحيح الى حد
كبير, ثمة
درجة أكبر من
الظلم فى
توزيع الدخل
والثروة من أى
فترة سابقة فى
تاريخ مصر,
ولكن الطبقات
الأشد فقرا
تحصل على
تحويلات غير
محسوبة سوء
بفضل دعم
الموازنة
العامة او
بفضل التحويلات
الخاصة التى
صارت ملمحا
رئيسيا فى
خريطة توزيع
الدخل فى مصر.
وعلى أى حال
فلم تكن الفئات
الأشد فقرا فى
مصر حيوية
سياسيا فى أى
فترة من
تاريخها
الحديث.
ورابعا,
وهذه هى
ملاحظتنا
الأهم أن ربع
القرن الماضى
مثلت أفضل حقب
التاريخ
المصرى من حيث
مستوى
الاستقرار السياسى
والاجتماعى
للبنية
العائلية وهى
التى تدور
حولها
الثقافة
المصرية بشكل
اساسى اكثر من
اية بنية
اخرى. فهى
فترة سلام
خارجى ممتد
مهما كان
مؤلما من حيث
الجوانب
الأخرى بينما
حرمت اجيال
متعاقبة من
المصريين من
فرص الحياة
الاعتيادية
بسبب الحروب
الخارجية
المكلفة من
الناحية
الاجتماعية
(حربان
عالميتان خاضتهما
مصر دون
ارادتها, حروب
1948-1956, ثم حروب 1967-1973.
وفى نفس الوقت
حصل المصريون
المعاصرون
على مستويات
من الخدمة
الصحية ادت
بين اشياء
أخرى الى هبوط
كبير للغاية
فى معدلات
وفيات
الأطفال
والأمهات
اثناء الحمل
والولادة, وهو
ما انعكس فى
ارتفاع ملحوظ
فى معدلات نمو
السكان. ولهذه
المسألة
أهمية كبيرة
فى مصر نظرا
لأن العائلة
الفقيرة
المصرية كانت
حتى وقت قريب
تتوقع وفاة
طفلين أو
ثلاثة من بين كل
خمسة اطفال
قبل ان يبلغوا
سن الخامسة.
وبايجاز يمكن
القول بأن
الأجيال
الحالية من المصريين
تمتعت بقدر من
الاستقرار لم
تنعم به الأجيال
السابقة قط
وأنها تقدر
هذا الاستقرار,
لأن الأجيال
الحالية من
المصريين هى
الوحيدة التى
سنحت لها
الفرصة لوضع
استراتيجيات
ما للحياة
يمكن
استكمالها
دون انقطاعات
أو احباطات
شديدة من
الأوضاع
السياسية
المحلية أو الدولية,
وهو ما كان
عليه الحال
لمئات من
السنين.
ب) الدوافع
السياسية:
أن
أكثر
النظريات
شيوعا فى مصر
تقول- كما
اشرنا- ان
الجماهير لا
تتفهم قضية
الديموقراطية,
وانما تهتم
بالشروط
الأساسية
للحياة.
والواقع أن
الجماهير هى
صاحبة
المصلحة
الأكبر فى
الاصلاح
الديموقراطى.
وقد أحصيت
بنفسى ملايين
من المصريين
الذين وقعوا
ضحية الصور
المتنوعة
وبالغة
القسوة من
"العقاب
الجماعى",
والانتهاكات
الخطيرة
لحقوق
الانسان خلال
ربع القرن
الماضى. وقد
انتعش العقاب
الجماعى خلال
هذه الفترة
لأسباب شتى منها
فرض قانون
الطوارىء
بصورة متصلة,
وتغير طبيعة
الدولة الى حد
كبير بسبب
سيادة أجهزتها
البوليسية
والقمعية على
غيرها, وربما أساسا
بسبب
الانحطاط
الأخلاقى
والثقافى المذهل
لنخبة الحكم
البيروقراطية.
بل
أن الجماهير
فى الواقع
تقدر
الديموقراطية
وحكم القانون
وتفهم أنها فى
مصلحتها. فخريطة
الرأى العام
كما تقدمها
لنا
الاستطلاعات
المتاحة تشير
الى بعض
النتائج
المخالفة
للنظريات
الشائعة وذات
الأهمية
القصوى
بالنسبة
لموضوعنا.
وعلى سبيل
المثال, يكشف
عدد من
الاستطلاعات
التى أجراها
مركز
الدراسات
السياسية
والاستراتيجية
بالأهرام على
عينة قومية ان
أغلبية كبيرة
من الجمهور تقدر
الديموقراطية
والحرية
تقديرا كبيرا,
وتفضلهما
كنظام للحكم
بالمقارنة
بنظم الحكم الشمولية
والتسلطية.
وتؤكد هذه
الاستطلاعات
أن الرأى
العام المصرى
لا يريد
التضحية
بالديموقراطية
حتى لو كان
البديل هو
نظام حكم رشيد
أو عادل ولكنه
استبدادى.
ولكن
هذا التعلق
بالمثل
الديموقراطية
لا يصاحبه
اهتمام
بالعمل
السياسى.
وتظهر فجوة
كبيرة بين
مستوى
الاهتمام
الذهنى
بالشئون السياسية
حتى فى أعماق
الريف من
ناحية ومستو
الفعل أو
الممارسة
السياسية أو
حتى المدنية
من ناحية
أخرى, فمن
يعرفون أنفسهم
كأعضاء فى
أحزاب سياسية
لا يزيدون عن 2%,
ومن يعرفون
أنفسهم
كأعضاء فى
جمعيات أهلية
لا يزيدون عن 7%
من السكان.
ومعنى
ذلك أن
المشكلة
الحقيقية فى
النضال من أجل
الديموقراطية
ليست مختلفة
كثيرا عن مشكلة
النضال لأى
هدف أو غاية
كبرى أخرى,
وهى مشكلة
الافتقار الى الحضور
الجماهيرى فى
ساحة السياسة
عموما, أعنى
ساحة الفعل
السياسى
وليست ساحة
الفهم أو الوعى.
فالشعب يهتم
بتحصيل معارف
سياسية بدرجة
اعتيادية,
ويتحدث فى
الشئون
السياسية مثل
معظم
المجتمعات
الأخرى, ولكنه
يبدو غائبا عن
ساحة الفعل
السياسى
باعتباره
"سياسيا" أى
فعلا يتعلق
بقضية الدولة
والسلطة. وهو
لا يدرك نفسه
باعتباره
طرفا أو فاعلا
حقيقيا – أو
صاحب الحق الأصيل-
فى صياغة
الدولة وتنظيمها
وتعيين
طبيعتها.
وغالبا ما
يدخل هذا
المجتمع كطرف
فى مساومات
كثيرة أو فى
صفقات عملية
وخاصة
بمناسبة
الانتخابات
العامة, ولكنها
تبدو من نوع
المساومات
والصفقات
التى تتم بين
طرفين غريبين
وليس بين صاحب
السلطة
الأصيل (مبدأ
سيادة الشعب)
ووكيل له أو
نائب عنه
(نظرية النيابة).
وبتعبير
أخر فان الشعب
أو الجماعات
المختلفة
تبرم شتى
أعمال
التعاقد مع
الدولة
ولكنها عقود
تبيح استمرار
الأمر الواقع
والذى يقوم فى
الجوهر على
اغتصاب
السلطة مقابل
التزام غير
مؤكد بتقديم
خدمات معينة,
وهى بهذا المعنى
اقرب الى
العقود
الاقتصادية
منها الى العقد
السياسى الذى
تحدث عنه
أنصار
الديموقراطية
والفكر
الدستورى.
وفى نفس
الوقت, فان
الجماهير
تمارس عبر
بنياتها
العضوية
الأهلية – وخاصة
البنية
القروية
وبدرجة اقل
النقابية العمالية-
تحركات
والاعيب السياسة
– وبصورة خاصة السياسات
الانتخابية- وان
بطريقتها
وعبر
استراتيجية
خاصة بمعطيات
هذه المرحلة
بالذات. ان
استراتيجية
الصفقات الملموسة
والمنخفضة
والتى تحكم
المبادلات بين
مصالح فردية
وجماعية محددة
على مستوى
القرى والقوى
الاجتماعية المختلفة
من ناحية
والأصوات
الانتخابية
التى تحدد
مصفوفة
المكانات فى
بنية الدولة
التسلطية
لعبت دورا
أساسيا فى
حياة الناس
كبديل للنضال
من أجل حكم
القانون
ونزاهة
الانتخابات
والتوق
لدستور
ديموقراطى
يحمى الحريات
العامة. بل
ويصعب توقع أن
تنهض الحركة
الديموقراطية
بين الجماهير
طالما أن هذه
الاستراتيجية
لا زالت تعمل
بقدر من
الفعالية.
وفضلا
عن ذلك كله, لم
تشكل
الجماهير
بذاتها
العنصر
المستمر فى النضال
الديموقراطى
أو حتى
السياسى فى أى
بلد من بلاد
العالم الا
لفترات قصيرة
تم فيها حسم
الصراع حول
قضية
الديموقراطية
أو قضية طبيعة
وشكل الدولة.
وبتعبير أخر
فان النضال
السياسى يقوم
فى العادة على
أكتاف نسبة
صغيرة من السكان
هى التى تعد
نشطة سياسيا
طوال الوقت حتى
فى المجتمعات
الديموقراطية,
ويجب استيعاب
هذه الحقيقة
لأن
الماركسيين
واليسار عموما
اشاعوا
الاعتقاد بأن
الجماهير
يمكن أن تكون نشطة
طوال الوقت,
وهو أمر يقترب
من أن يكون اسطورة
حتى فى
المجتمعات
المتقدمة. ولا يعنى
ذلك اطلاقا أن
الجماهير
تعيش على
الخبز وحده,
فالمجتمعات
هى كيانات
مركبة
ومتداخلة تعي
بصورة كلية فى
ميادين شتى
ومختلطة فى كل
اللحظات. ولكن
يمكن القول
أيضا أن
الجماهير
تختار استراتيجيات
سياسية
مختلفة فى حقب
او فترات مختلفة
بقدر ما تتوفر
معطيات
مناسبة أو غير
مناسبة, وأن
استراتيجية
العمل أو
النضال الانتفاضى
هى الاستثناء
فى التاريخ
السياسى والاجتماعى
لأى شعب أو
مجتمع بغض
النظر عن
مستوى تطوره
السياسى
والاجتماعى.
كل ما حدث فى
بلادنا
العربية وعلى
رأسها مصر أن
الجزء الصغير
نسبيا من
النشطاء
الدائمين- او شبه
المتفرغين -
للنضال
السياسى
تحولوا خلال
ربع القرن
الماضى بصورة
حاسمة عن
اليوتوبيات
العلمانية
والتقدمية
الى يوتوبيات
مضادة. وبالتالى
لا يكون
السؤال
السليم
ميدانيا هو
لماذا لم
تتدخل الجماهير
فى الصراع حول
قضية
الديموقراطية
بل متى تتدخل
الجماهير
ولصالح أى
طرف.
والواقع
أننا قد نصل
الى نتيجة
مختلفة لو وضعنا
هذه الحقيقة
فى الاعتبار
لو نظرنا
لحركة
الاسلام
السياسى باعتبارها
مناط الفعل -
أو الحضور
السياسى –
الشعبى, كبديل
للحركة
الديموقراطية
والقومية
والوطنية
التى سادت
الساحة
السياسية خلال
أكثر من قرن. وتلاقى
هذه الحركة دعما
واسعا من
الشارع
المصرى سواء
من حيث اتساع
العضوية بها,
أو الانضام
الى أحد
انشطتها الجماهيرية
أو الاستعداد
لذلك. وقد
يدهش المرء عندما
يرى الحماس
الكبير الذى
تبديه سيدات
فى سن
الشيخوخة نحو
الواجبات
والمسئوليات
التى تكلفهن
بها الحركات
أو التيارات الاسلامية
المختلفة مثل
جمع الزكاه أو
التبرعات
الأخرى أو حتى
تحمل عبء
الانتخابات
العامة. ولا
يمكن وصف
ثقافة هاته
السيدات
بالاهتمام بالسياسة,
ولكن لا يمكن
تجاهل
الأهمية
السياسية لما
يقمن به وهن
على معرفة
تامة بأنهن
يتحدين الدولة
وقد يتعرضن
لبطشها
لقيامهن بهذا
النشاط الذى
لا يبدو بذاته
سياسيا. ويمكننا
ضرب مئات من
الأمثلة على
هذا النوع من
النشاطية. كل
ما هناك أن
الايديولوجيا
التى تحملت
العبء الاكبر
فى المعارضة
السياسية
كانت هى ذاتها
غير ديموقراطية
وذات افاق
معادية
للثقافة.
من
ناحية أخرى لا
يمكن تجاهل
حقيقة أن عقدى
الثمانينات
والتسعينات
شهد مستويات
عالية للغاية
من النشاطية
السياسية
تمثل فيما كاد
أن يكون حربا
اهلية بين
الدولة
والتيار
المتشدد
والعنفوى من
الحركة
الاسلامية.
واذا
تجاهلنا
طبيعة تلك
النشاطية
وتوقفنا عند
مستواها
الكمى اخذين
فى الاعتبار
طبيعة النظام
السياسى
البوليسى
والباطش الذى
تواجهه هذه
النشاطية
لتعين علينا
استنتاج أن
مصر ربما تكون
أكثر نشاطية
مثلا من بلاد
أكثر منها
تقدما من
الناحية التعليمية
والاقتصادية
عندما كانت
تعيش ظروفا سياسية
مشابهة على
الأقل من حيث
مستويات البطش
مثل جميع دول
أوربا
الشرقية
اثناء الحكم الشيوعى.
قد
تخدعنا هذه
المقارنة
فنظن أن تفسير
الحالة
المصرية اصبح
قريب المنال.
وهل هناك ما
هو أسهل وأكثر
ارضاءا للنفس
من القول بأن
الانخفاض
النسبى فى
مستوى
النشاطية
السياسية الديموقراطية
يعزى الى
تعاظم مستويات
القمع والبطش
السياسى
بصورة غير
مسبوقة؟. ولكن
هذا التفسير
يبدو كما قلنا
مخادعا الى حد
كبير. فالبطش
السياسى قد
يحفز ولا يقلل
من مستوى النشاطية
أو النضالية
السياسية بين
الجماهير. وقد
راينا ذلك فى
دروس التاريخ
فى عدد كبير من
بلاد العالم.
أما على
المستوى
الميدانى فان مصر
قد أنتجت
مستوى من
النشاطية أو
المعارضة السياسية
يضاهى أن لم
يزد عن غيرها
فى ظروف سياسية
مشابهة.
لنذهب
اذن الى
استناجين
أساسيين من
هذه المناقشة:
أول
هذه
الاستنتاجات
أن الشكل
الرئيسى
للمعارضة أو
النشاطية السياسية
فى مصر خلال
ربع القرن
الماضى هو
الممارسة
الاسلامية
السياسية.
ومعنى ذلك أن
الشروط
الموضوعية
والذاتية
للنشاطية
الديموقراطية
كانت - وقد تظل
لفترة مقبلة-
ثانوية,
بالمقارنة مع
هذا الشكل
الخاص
للنشاطية. وتشمل
الظروف
الموضوعية
والذاتية
الحالة
النفسية والثقافية
للجماهير,
والاوضاع
الاقتصادية
والاجتماعية,
وأهم من ذلك
كله السياقات
التاريخية
المحددة. ومن
المحتمل أن
تلحق تغيرات
معينة بهذا
الميل العام
وأن تبرز ظروف
جديدة مواتية
للنضال
الديموقراطى,
وان بصورة
تراكمية قد تغير
فى نهاية
المطاف من
المعطيات
الكبرى
للساحة السياسية
بما يفتح باب
الأمل فى صعود
الحركة الديموقراطية
على المستوى
الشعبى.
أما
الاستنتاج
الثانى فهو أن
الصعود
الصاروخى
لتيار
الاسلام
السياسى
وخاصة منذ
نهاية عقد
السبعينات دمر
بذاته
الاجندة
الديموقراطية
عندما حرمها
من الحيوية
الخارقة
للقطاع الشاب
من المجتمع
الذى
استغرقته
الايديولوجيات
والممارسات
الدينية
السياسية على
حساب انكماش
الاهتمام
بالقيم ذات
الصلة بنوعية
الحياة
السياسية
والثقافية
والاجتماعية.
وبتعبير أخر
فان الحركة
الاسلامية
قدمت أولويات
معكوسة ولكنها
كانت متوافقة
مع الظروف
النفسية
والسياسية
وربما الاقتصادية
والاجتماعية
للعقود
الثلاث الأخيرة.
وهناك
ما يعزز هذا
التفسير,
فالنضال
الديموقراطى
فى الشهور
الأخيرة افاد
كثيرا من مناخ
الاسترخاء
النسبى فى
العلاقة بين
الحركة الاسلامية
وخاصة حركة
الأخوان
المسلمين من
ناحية
والحركة
الديموقراطية
ممثلة فى
كفاية والأحزاب
والحركات
الديموقراطية
والاصلاحية الأخرى
من ناحية أخرى.
ولن يكون هناك
ما يعادل
القيمة
والتأثير السياسى
لتحول حركة
مثل حركة
الأخوان
المسلمين بعيدا
عن الصورة
الشمولية
المغلقة
للمجتمع الى
تبنى صورة
ديموقراطية
منفتحة
ومعتدلة.
ت) المنصات
السياسية:
ويدلنا
هذا الواقع
على حقل التفسير
السليم لأزمة
الديموقراطية
أو فى الواقع
أزمة السياسة
بوجه عام.
فالمجتمع
المصرى يبدو
خارج السياسة
لأن البنية
الأساسية
للفعل السياسى
وقع تدميرها
بصورة تامة
تقريبا.
وتركز
معظم
الدراسات
السياسية فى
مصر على
الجانب
التشريعى
ووتوسع فى شرح
القيود
المفروضة على
الممارسة
السياسية أو
على ممارسة
أبسط حقوق
الانسان بما
فيها حق
التجمع. ومن
المؤكد أن ثمة
فائضا كبيرا
فى التشريعات التى
تصادر
الحريات
والحقوق
الأساسية أو
تقيدها, وثمة
بنية تشريعية
للاستبداد
تبدو كمخزن
كبير للأسلحة
السياسية
بعضها متقادم
وينتمى
للقرون
الوسطى
وبعضها فائق
الحداثة, وتحقق
جميعها نفس
الغرض وهو
قيام الدولة
باغتصاب حق
توليد السلطة
من داخلها
وبارادتها
المنفردة دون
المرور على
المجتمع, وذلك
بعد التأكد من
نزع اسلحة هذا
المجتمع
جميعها
تقريبا , وهذا
هو المعنى
الدقيق
لمصطلح النظم
"التسلطية".
ولكن
الجانب
التشريعى ليس
غير بعد واحد
فى الصورة.
ولا شك أن أهم
نتائجه هو زرع
ثقافة الخوف
بقوة فى
السيكلوجية
العامة
للمصريين,
واستئصال
فكرة
المواطنة وحس
امتلاك
السلطة أو الأهلية
الأصيلة
للسلطة من نفس
المجتمع.
ويمثل
التدمير أو التتبيع
الاقتصادى
أوالادارى
أوالسياسى لمؤسسات
الفعل
الجماعى أهم
وأخطر جوانب
تهميش
المجتمع
واضعافه
واخراجه
بالقوة من
الفضاء
السياسى.
ويمكن القول
بكل ثقة أن
الدولة المصرية
الحديثة قد
نجحت بالفعل
فى تدمير
وتتبيع أهم
هذه المؤسسات,
بما فيها
مؤسسات المجتمع
القروى. وتكاد
تنفرد مصر بأن
الدولة تحتفظ
بحق فرض من
تشاءه من أبسط
الموظفين العموميين
فى القرى.
فيتولى جهاز
الأمن تعيين
العمد ومشايخ
الخفر بعد أن
صادر حق
انتخابهم شعبيا
والذى مورس
لفترة قصيرة
فى عقد
الثمانينات.
أما فى المدن,
فالنقابات
العمالية
تعيش حياتها
كلها تقريبا
فى كنف جهاز
أمن الدولة, ويسيطر
هذا الجهاز
على جميع
مستويات تكون
النقابات
وعملها بدءا
من الاعتراض
على ترشيح قيادات
ما, وترشيح
وضمان فوز من
يراه هذا
الجهاز من
عملاءه
اليوميين.
وحتى الأحزاب
السياسية وقعت
محاصرتها فى
مقارها, وخضعت
تماما لنفس
الصفقات
التافهة التى
فرضت بها
الدولة سيطرتها
التامة على
البرلمان
بمجلسيه.
وفى المدن
والريف على
السواء تسيطر
اجهزة الادارة
المحلية على
الشروط
المباشرة
لحياة الناس.وعلى
عكس النظم
التوتاليتارية
الأخرى ذات
التوجهات
الايديولوجية,
فان النظام
السياسى فى
مصر لا يسمح
بأى قدر من
الحرية على
المستوى
المحلى, بل أن
السيطرة على
المستوى
المحلى أكبر
واشد بكثير من
السيطرة على
شروط الحضور
والفعل السياسى
على المستوى
المركزى, بل
ان السيطرة
الأمنية
والادارية
على شروط
الحياة
اليومية فى الأقاليم
أو على مستوى
القرى والمدن
الصغيرة يكاد
يكون مطلقا.
ولذلك اهتم
نظام مبارك
بحشد نظام
الادارة
المحلية
بضباط الجيش
والشرطة المحالين
على التقاعد.
ولا يكاد يكون
هناك حى مدينى
واحد لا يرأسه
ضابط سابق.
وتتيح السيطرة
البيروقراطية
والعسكرية
على ابسط
مستويات
الحياة
القاعدية فى
مصر لا سيطرة
سياسية حديدية
فحسب بل وايضا
سيطرة شديدة
على مجال الأعمال
والاقتصاد,
بما فى ذلك
الملكية
المباشرة
لأجهزة امنية
لقطاع اعمال
كبير.
وفى
سياق الدمار
والتتبيع
لمؤسسات
المجتمع, تفكك
ايضا النسيج
الذى يربط
القطاعات
الأكثر حداثة,
بل ويتعرض
المجتمع
القروى نفسه
لعملية تفكك
واسعة للغاية.
ولا تتوقف
عملية التفكك
هذه على المستويات
السياسية
والادارية
للحياة, بل
وتمتد فى
الحقيقة الى
المستويات
الاقتصادية
الاجتماعية.
فالتمايز
الاجتماعى
انطلق خلال العقود
الثلاث
الأخيرة
بصورة فوضوية
الى حد بعيد.
وأدى مزيج من
العوامل
وخاصة الهجرة
للعمل فى
الخارج,
والفساد
الكبير
والصغير
والتداخل بين
الأمن
والسياسة
والتحول
الواسع
للراسمالية
فى انتاج
خدمات أساسية
فى مجالات
التعليم
والصحة بل
والأمن الى
تصدع كامل
تقريبا للبنية
الطبقية
والاجتماعية
التقليدية.
ويمكن القول
أن هذا التصدع
اتخذ شكلا
راسيا, ورتب
نوعا من
التضامنيات
الرأسية, حيث
تتشكل شبكات
المصالح
السياسية
والاقتصادية
من
عناصر تنتمى
الى مختلف
طبقات
المجتمع.
وبالمقابل تتصدع
التضامنيات
الأفقية التى
تحدد الانتماء
الى طبقة أو
فئة اجتماعية
بسبب تسريع
التمايزات
بين قطاعات
مختلفة
داخلها نتيجة
العوامل
السابقة (هجرة-
انتقال الى
اقتصاديات
السوق-فساد –
تحول القوى
الأمنية الى
قوى اقتصادية
ومؤثرة فى
مجال
الاقتصاد,,الخ).
وقد
أدت هذه
العوامل
مجتمعة الى
اضعاف الرغبة
والمصلحة فى
الفعل
السياسى أو
الاجتماعى الجماعى
من ناحية
وحرمان
الجماعات
المختلفة من
مؤسسات الفعل
الجماعى المستقلة
من ناحية
اخرى.
خاتمة:
نظرة الى
المستقبل
لقد
حرمت
الجماهير
الشعبية فى
مصر- وهى التى
نشير اليها
عندما نتحدث
عن الشارع- من
فرصة التعبير
المنظم عن
ذاتها أو
انشاء حضور
منظم فى الفضاء
السياسى.
وتظلل هذه
الحقيقة جميع
معادلات
السياسة فى
مصر. فالصراع
السياسى يدور
بين اقليات أو
بين نخب صغيرة
بعضها يسيطر
على جهاز
الدولة
وبعضها الاخر
يمارس وظائف
المعارضة.
وتبدو
المعارضة
الديموقراطية
والتقدمية معزولة
نسبيا عن
الجماهير
الواسعة, وهو
أمر يحرم
النضال
الديموقراطى
من طاقة فعل
ضرورية للفوز
فى الصراع.
ولكن حتى النخبة
الأمنية-
البيروقراطية
تشعر بنفس
العزلة, بالرغم
مما تتمتع به
من سلطات
مطلقة.
ففى
الانتخابات
الرئاسية
الحالية
والتى تجرى
وفقا لشروط
هذه النخبة
وتحت سيطرتها
التامة لا
يتوقع ان يذهب
للتصويت أكثر
من نسبة ضئيلة
من المواطنين.
وعندما يفوز
الرئيس
الحالى بدورة
رئاسية
اضافية لن
يكون قد حصل
سوى على
موافقة اقلية
ضئيلة للغاية
من المصريين.
فلم يذهب الى استفتاءات
رئاسية فى
الماضى ما
يزيد كثيرا عن
2-5% من المصريين.
وحتى لو
تصورنا أن
نسبة التصويت
وصلت فى
الانتخابات
الحالية الى 10%
ممن لهم حق
الاقتراع وأن
80% منهم أعطوا اصواتهم
للرئيس مبارك
فلن يكون قد
حصل على أكثر من
6% من اصوات
المصريين.
ولا
يعنى ذلك أن
الصراع يدور
على قاعدة
التكافؤ. فلا
شك أن
المعارضة
الديموقراطية
صارت تملك
المنصة
الأخلاقية
الأعلى, بينما
تملك الاقلية
الحاكمة
السيطرة
التامة على
أجهزة القمع
وأكبر اليات
الاعلام.
وكانت النخبة
البيروقراطية
الحاكمة قد
درجت على
توظيف
دولابها
القمعى
والاعلامى
والايديولوجى
بدون أى تحفظ.
وقد وقع تغير
مهم فى هذه
المعادلة
مؤخرا عندما
طرحت ادارة بوش
مشروع
الديموقراطية
فى الشرق
الأوسط.
لم
نتناول هذا
المشروع فى
هذه الورقة
نظرا لأن موضوعها
هو النضال
الشعبى, وأن
تاثير هذا
المتغير حديث
ويخص الشهور
القليلة
الماضية, ومن
ناحية ثانية
فلا يمكن
القول بأنه
أحدث توقفا فى
التوظيف
القمعى
المنفلت
لجهاز الدولة.
كل ما يمكن
قوله هو أنه
احدث تقييدا
نسبيا
للغريزة القمعية
الباطشة
للدولة, وهو
الأمر الذى
مكن مناضلين
شجعان من
الاستمرار فى
القيام بالتظاهر
السياسى لعدة
شهور متتابعة
دون توقف, بينما
كان يمكن
للدولة فى
الماضى أن
تلقى بهم فى
السجون
لفترات طويلة,
دون نتائج
تذكر.
ويمكننا
أن نلخص
الموقف
الحالى فى
النقاط التالية:
1) أن الدولة
اضطرت للقيام
بتنازلات
كبيرة الى حد
ما فيما يتعلق
ببعض الحقوق
السياسية الديموقراطية.
وفضلا عن
التحول الى
انتخابات رئاسية
مباشرة
وتعددية, فقد
التزمت
الدولة بالغاء
العمل بقانون
الطوارىء,
واستحداث
تعديلات
دستورية أخرى
تغير الى حد
ما العلاقة
بين السلطتين
التنفيذية
والتشريعية,
اضافة الى تمثيل
اقوى للمرأة
وتشريع
"أفضل"
للادارة
المحلية.
2) ومن
الممكن نظريا
فى المستقبل
القريب اجبار الدولة
على التسليم
بحتمية
الاصلاح
الدستورى بما
فى ذلك وضع
دستور جديد فى
البلاد. ويمثل
ذلك مكسبا
كبيرا على
طريق
الديموقراطية.
3) ومع ذلك
فان موازين
القوى لا زالت
مختلة الى حد
كبير لصالح
قوى التسلط
البوليسى, ولا
يتوقع أن يتم
تخفيض
الاعتماد على
البوليس
مقابل مزيد من
الاعتماد على
الكوادر
والأجهزة
السياسية
للنظام نظرا
لمدى الفساد
الذى ألم بهذه
الأجهزة. ومع
ذلك فيلفت
النظر أن
الدولة البوليسية
بقيادة مبارك
أظهرت قدرا
كبيرا من الصلابة
السياسية
والصمود فى
وجه التحديات
الداخلية
والضغوط
الدولية بهدف
الابقاء على
الجانب
الأكبر من
وسائل البطش
القانونية
والفعلية.
4) ويلفت
النظر ايضا أن
القوى
الديموقراطية
رغم أظهارها
لقدر كبير من
الحيوية لم
تستطع أن تحدث
اختراقا فى
الموقف
الشعبى أو حتى
فى مجال
العلاقة بين
قواها
المختلفة. والواقع
أن امكانية
انجاز هذا
الاختراق ضئيلة
للغاية.
والأرجح أن
الشعب سيبقى
خارج الساحة
السياسية حتى
تتم عملية
تاريخية كبرى
تستعيد
النسيج
الاجتماعى أو
تنسجه بخامات
جديدة وعلى
ضوء صورة
جديدة.
ولهذا السبب
فان مستقبل
الديموقراطية
فى مصر يجب أن
يتحرر من
نموذج
"انتظار
الثورة الشعبية"
وهو بدون شك
نموذج اسر
للمثقف, ولكنه
لا يبدو
مفيدا. فقد ظل
المثقفون
ينتظرون ثورة
ديموقراطية
وأحيانا
يتعمدون
المبالغة فى تقدير
سوء الأوضاع
الاقتصادية
والمعيشية للجماهير
حتى يقربوا
لأنفسهم لحظة
الثورة أو الانفجار
الشعبى (مجاز:
فى انتظار
جودو). وقد دخل على
هذا النموذج
متغيرات كبرى,
اهمها أن الانفجار
الشعبى ليس
بالضرورة
ثورة ذات
مضمون سياسى,
وانما قد يكون
مجرد عاصفة
احتجاجية, ثم
أن التيارات
الاسلامية
المتشددة
والبعيدة عن
المثل
الديموقراطية
كانت أكثر
استعدادا وقدرة
على "توجيه"
هذه العواصف
لمصلحتها, وأخيرا
وهو الأكثر
أهمية فان تلك
الهبات أو
العواصف
الشعبية لم
تحدث, وقد لا
تحدث فى الأمد
القريب.
البديل لهذا
النموذج هو
معركة شجاعة
ومتواصلة
تخوضها نخبة
مثقفة راغبة
فى الاضطلاع
بمسئولية
الاشتباك فى
معركة
متواصلة من أجل
الديموقراطية,
ومن أجل
توجهات جديدة
تعيد بناء
مجتمع تم
تخريبه بصورة
منهجية
وعشوائية فى
الوقت نفسه.
ويقوم هذا
النموذج على
ادراك حقيقة
أن التدمير
الذى طال
المجتمع يحصر
الصراع
الاجتماعى
والسياسى بين
اقليات
نخبوية
بطبيعتها, وأن
المرحلة
الحالية تقيد
امكانية القيام
بعملية ابادة
سياسية أو
بدنية
للمناضلين,
وهو ما يسمح
بمعركة
"فكرية"
وسياسية متواصلة
يتم من خلالها
وعبر فسحة من
الزمن نداء فعاليات
كامنة فى
الفضاء
المشترك بين
الدولة والمجتمع
(الأحزاب,
النقابات,
الجمعيات
الأهلية,
الشخصيات
العامة, الخ)
لحسم الصراع
لمصلحة نموذج
فكرى دون أخر.
ومن هذا
المنظور فان
الصراع سيدور
وقد يحسم على
المستويين
الأخلاقى والفكرى
السياسى, وليس
على مستوى
القوة.
ولهذا
السبب يتوقف
مسار النضال
الشعبى من أجل
الديموقراطية
فى مصر على
أربعة عوامل
كبرى.
1) العامل
الأول هو
العلاقة بين
حركة الأخوان
المسلمين
والتيار
الاسلامى
بوجه عام
والقوى التقدمية
والديموقراطية
بكل تياراتها.
ومن المتوقع
أن تحدث
اصطفافات
جديدة تتجاوز الخط
التقليدى
الفاصل بين
"الدينى"
و"العلمانى",
وربما يتبلور
حول اختيارات
محددة فى المستوى
الرمزى وفى
التوجهات
والاختيارات
الاقتصادية
والسياسية
(بما فيها
السياسة
الخارجية).
وبايجاز فانه
لا بد من
تسوية الصراع
بين التيار
الديموقراطى
التقدمى من
ناحية
والتيار
الرئيسى فى الحركة
الاسلامية من
ناحية أخرى
حتى يصير من الممكن
تجاوز وانهاء
الدولة
البوليسية.
2) العامل
الثانى يتعلق بمدى
استمرار
تماسك التحالف
الحاكم. وهناك
بالتأكيد
خلافات
وتناقضات
كبيرة , ولكنها
ليست فى الوقت
الحالى نشطة
بسبب غياب البديل.
ومن المعتقد
أن نضوج
الصراع
السياسى وتبلور
الاختيارات
الفكرية
سيكون أمرا
كافيا لدفع
التحالف
الراهن نحو
التصدع,
باستقطاب القطاعات
الأكثر تعلقا
بالعلم
والمعرفة
والاستقامة
القانونية
والأخلاقية
من طبقة رجال
الأعمال بل
ومن جهاز
الدولة ذاته,
بعيدا عن
الطغمة
الفاسدة
والمستبدة
الراهنة.
3) العامل
الثالث هو
الموقف
الشعبى. ان
استبعادنا
لأرجحية وقوع
ثورات
ديموقراطية شعبية
لا يعنى
اطلاقا
التواطؤ
لأبعاد الشعب عن
العملية
السياسية أو
الصراع حول
مصير الوطن,
بل يجب أن
يحثنا بقدر
أكبر على
الالتقاء
بالفعاليات
الشعبية على
كل المستويات
وحتى بغض
النظر عن درجة
نضوجها. وهناك
فعاليات
قديمة وأخرى
مستجدة ويجب
أن نكسبها
لمصلحة
النضال
الديموقراطى.
4) أما
العامل
الأخير فهو
الموقف
الدولى والأمريكى
تحديدا.
ويحتاج هذا
العامل
لمعالجة
مستقلة نظرا
لتعقيده
الشديد. كل ما
يمكن قوله هنا
هو أن نلفت النظر
للحاجة الى
مدخل جديد
أكثر يستجيب
لمتغيرات
السياسة
الوطنية
والاقليمية
والدولية. فلم
نعد أمام
تناقض واحد
أصيل أو
رئيسى, وانما
مصفوفة من
التناقضات
التى تتحرك فى
مختلف
الاتجاهات.
ومن هنا فان
الموقف القومى
والديموقراطى
لم يعد بوسعه
اتخاذ موقف بسيط
من العامل
الدولى,
يكفينا أن
المدخل لهذا الموقف
يجب أن يكون
وطنيا وقوميا,
دون أن يتنازل
ابدا عن الحلم
الديموقراطى.