استراتيجية الإصلاح الضريبي والجمركي في سورية

الدكتـور محمد بيطـار(*)

 

 

أولاً – الإصلاح الضريبي:

اقترنت الضريبة بوجود السلطة في المجتمع السياسي وتطور مفهومها بتطور وظائف هذه السلطة وأهدافها والمفهوم المعاصر للضريبة يقوم على اعتبارها إحدى المصادر الرئيسية للتمويل ووسيلة فعالة تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي، لذلك فان البحث في النظام الضريبي واصلاحه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإصلاح الاقتصادي الذي يقع عبء القيام به على مؤسسات الدولة جميعها.

انطلاقاً من هذا المفهوم، ومن واقع أن الاقتصاد السوري يتجه نحو الانخراط في خضم الاقتصاد العالمي ومن مؤشرات هذا الاتجاه تعزيز الانفتاح على الاستثمار الخارجي المباشر، تحسين البيئة الجاذبة للاستثمار، زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، التحرير المتدرج للتجارة الخارجية، التوجه نحو تشجيع التصدير، اتخاذ إجراءات باتجاه التحرير في السياسة السعرية، توحيد أسعار الصرف تدريجياً...

ومقابل سياسة الانفتاح هذه تبرز أهمية تطوير النظام الضريبي النافذ في سورية بحيث يتفق مع المستجدات ومع متطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي في سورية فالنظام الضريبي النافذ في سورية يتألف من مجموعة من الضرائب النوعية (مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعددة صدرت في فترات متباعدة ويعود بعضها إلى اكثر من /50/ سنة ولم يلحق بالعديد منها أية تعديلات جذرية إنما اقتصرت عملية التطوير من خلال الصكوك التشريعية التي صدرت في السنوات الأخيرة على تعديلات جزئية لبعض الضرائب النوعية النافذة والتي كان أبرزها:

ـ القانون رقم /20/ لعام 1991 المتضمن تعديل الضريبة على الدخل ( تخفيض معدلات الضريبة على الدخل وتوسيع الشرائح.)

ـ المرسوم التشريعي رقم /4/ لعام 1998 المتضمن تعديل قانون ضريبة التركات ومنح إعفاءات ذات بعد اقتصادي واجتماعي وثقافي.

ـ القانون رقم /7/ لعام 1999 المتضمن إلغاء رسم التصدير على القطن وإعفاء القطن وبذوره وفضلاته من ضريبة الإنتاج الزراعي وكذلك الغزول القطنية والمنسوجات بأنواعها من القطن لتشجيع التصدير.

ـ المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2000 المتضمن تعديل قانون الاستثمار بما يخدم توسيع قاعدة التنمية والاستثمار وتخفيف العبء الضريبي على الشركات المساهمة لاسيما الشركات التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام وتحديد معدل الضريبة على الدخل بمعدل مقطوع قدره /25%/ بما في ذلك المجهود الحربي والاستثناء من الإضافة لصالح الإدارة المحلية.

 

الشوائب التي تعتري النظام الضريبي النافذ:

1 ـ تدني الحاصلات الضريبية: حيث بلغت نسبة وسطي العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشرة الأخيرة /14%/.

أما نسبة الضرائب والرسوم المباشرة إلى إجمالي الإيرادات الضريبية الفعلية فقد بلغت عام 1999 /61.36%/.

وتشكل الضرائب على دخل الأرباح العمود الفقري للضرائب والرسوم المباشرة وقد بلغت نسبة مساهمة القطاع العام في هذه الضريبة من واقع نتائج قطع الحساب لعام 1999 /83.71%/ في حين بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص في حصيلة هذه الضريبة /16.29%/.

أما نسبة مساهمة كل من القطاعين الخاص والعام من ضرائب الدخل على الأرباح منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي فقد بلغت /7.49%/ للقطاع العام و/1.46%/ للقطاع الخاص.

وتعتبر نسبة مساهمة القطاع الخاص في تحصيلات ضريبة الدخل متواضعة جداً منسوبة إلى حصة القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي حيث ساهم القطاع الخاص بحوالي /61%/ من الناتج المحلي الإجمالي عام 1999.

كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إيرادات الرسـوم الجمركية والتي تشـكل حوالـي /18ـ20%/ من الإيرادات الضريبية الفعلية لعـام 1999 سـتخفض تدريجياً بفعل

تطبيق الاتفاقيات الإقليمية والدولية والمتعلقة بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واتفاقات مناطق التجارة الحرة بين سورية وبعض الدول العربية ( سورية – العراق... ) والشراكة السورية – الأوروبية.

2 ـ الضعف البنيوي للنظام الضريبي:

إن الأداء غير الكافي للنظام الضريبي، وخاصة فيما يتعلق منه بضرائب الدخل، يعود لضعف في بنية النظام وآليات تطبيقية مما ينعكس على مردوده وعلى عدم توفر أسس العدالة الضريبية فيه. وان المآخذ الأساسية على هذا النظام تعود إلى سببين:

أ ـ السبب الأول تشريعي ويعود إلى عدم ملاءمة القانون الحالي لمقاييس العدالة التي يرسمها العلم الضريبي الحديث. ويتمثل ذلك باعتماد القانون المذكور للضرائب النوعية دون أية ضريبة عامة تصاعدية على مجموع الدخل، وابقائه مداخيل عديدة خارج نطاق الضريبة، ( واعتماده تكليف الدخل الفردي بدلاً من دخل الأسرة ) وتعدد المسارب القانونية للتهرب الضريبي يضاف إلى ذلك بالنسبة للضرائب غير المباشرة، اقتصار فرضها على عدد محدود من السلع استنادا إلى تشريعات متعددة وفقاً لمبالغ مقطوعة أصبحت رمزية في الوقت الحاضر مع ارتفاع الأسعار وظاهرة التضخم النقدي، بحيث أصبحت ضرائب غير اقتصادية من جهة الحصيلة الضريبية وتحتاج إلى نفقات كبيرة في أعمال التحقق والجباية.

ب ـ السبب الثاني تنفيذي ويعود إلى ضعف تطبيق التشريع الضريبي، وتقع المسؤولية في ذلك على عدم توفر الوعي الاجتماعي لدى للمكلفين بالضريبة وعدم فعالية الإدارة الضريبية في فرض الانضباط الضريبي لاسباب تعود إلى القانون الضريبي، وضعف الصلاحيات المعطاة لجهاز الضرائب لضبط التهرب ومكافحته، وعدم توفر جهاز للاستعلام الضريبي يزود إدارة الضرائب بالمعلومات اللازمة عن أعمال ونشاطات المكلفين بالضريبة، إضافة إلى ضرورة استكمال شبكة نظم البرمجيات والأتمتة بما يغطي جميع مديريات الماليات في المحافظات وماليات المناطق، والتوسع الأفقي في استخدامات الحواسب في مراحل التدقيق الضريبي.

الاستراتيجية المقترحة لتطوير النظام الضريبي:

من المتفق عليه، ضرورة إصلاح النظام الضريبي النافذ ليس فقط لتأمين الموارد المالية الكافية للدولة وانما لتفعيل عملية التنمية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السوري في ظل التحديات التي تفرضها منطقة التجارة الحرة العربية وموجبات الشراكة الأوربية وفتح الأسواق....

وقد أعدت وزارة المالية خططاً مبرمجة على مراحل لتطوير التشريعات الضريبية تعتمد أساساً على إصلاح الضرائب النوعية كخطوة أولى ومن ثم تطبيق الضريبة على إجمالي الدخل بعد استكمال تعديل الضرائب النوعية واستكمال الإجراءات القانونية اللازمة لهذه الغاية والعمل بالتوازي انسجاماً مع الفكر الضريبي الحديث بتخفيض العبء الضريبي عن مصادر توليد الدخل بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار وتعويض ذلك عن طريق الضرائب على أوجه استخدامات الدخل. وقد تضمنت هذه الخطط والدراسات تصورات جديدة للنظام الضريبي في إطار المستجدات الاقتصادية الحاصلة وتطلعات المستقبل، بحيث يمكن للضريبة أن تلعب دورها كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية إضافة إلى وظيفتها المالية. وبات التوصل إلى نظام ضريبي متوازن يتميز بالوضوح والشفافية والعدالة أمراً ملحاً ومطلباً للجميع.

وفي هذا الإطار فإن المعايير والتوجهات التي اتخذتها وزارة المالية عند إعداد استراتيجية الإصلاح الضريبي في سورية ومشاريع الصكوك اللازمة لهذه الغاية تركزت على المبادئ التالية:

1 ـ إعادة النظر ببنية النظام الضريبي النافذ والاتجاه بتخفيض المعدلات وتوسيع الشرائح وتوسيع قاعدة التكليف الضريبي بما يحقق العدالة الضريبية بما في ذلك إعادة النظر بالحد الأدنى المعفى من الضريبة.

2 ـ توجيه الضريبة بحيث تكون أداة لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن يكون النظام الضريبي متناغماً مع أهداف السياسة والمستجدات الاقتصادية.

3 ـ الأخذ بمبدأ التشخيص الضريبي لتحقيق العدالة في التكليف ومراعاة المقدرة التكليفية للمكلفين تحقيقاً للعدالة الضريبية وذلك عن طريق الانتقال من نظام الضرائب النوعية إلى نظام الضريبة على إجمالي الدخل، وتحديد حد أدنى معفى من الضريبة تبعاً لذلك.

4 ـ تخفيض العبء الضريبي على الدخل والإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج والادخار، وتخفيض أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة لتخفيض تكاليف الإنتاج ورفع قدرتها التنافسية على التصدير، وتعويض ذلك من خلال الاتجاه إلى الضرائب على أوجه استخدامات الدخل (الضرائب على الإنفاق) وفق اتجاهات الفكر الضريبي الحديث.

5 ـ إعفاء الصادرات السورية من الضرائب والرسوم وإيجاد البدائل اللازمة المناسبة لتعويض ذلك وضمن أهداف التنمية.

6 ـ توفير المؤيدات القانونية والوسائل والأدوات اللازمة لمكافحة التهرب الضريبي وبما يساعد الإدارة الضريبية لتحقيق العدالة في التكليف.

7 ـ إعادة تنظيم وتقنين أحكام التقادم المالي على التكاليف الضريبية.

وفي إطار الإجراءات يتم التركيز على تحسين آلية النظام الضريبي من خلال الإجراءات التالية:

1 ـ إعادة هندسة النظام الضريبي بحيث يصبح قابلاً للإدارة بواسطة المكننة بما في ذلك إعداد ما يلزم لاعتماد الرقم الضريبي الموحد للمكلف بما يحقق مصلحة المكلف والدوائر المالية على حد سواء.

2 ـ اعتماد التأهيل والتدريب كسياسة دائمة لرفع كفاءة الجهاز الضريبي وكذلك تعزيز سياسة الثواب والعقاب.

3 ـالتوسع في استعمال المكننة في جهاز الضرائب.

4 ـ تقنين القواعد المحاسبية التي تؤدي إلى تحديد الربح الضريبي من أجل تأمين الشفافية وسلامة الإفصاح الضريبي والاستقرار في التطبيق، بما في ذلك توحيد نماذج التصريح الضريبي.

أخيراً، وحول ظاهرة التهرب الضريبي مما لاشك فيه أن هذه الظاهرة من الظواهر الشائعة في معظم دول العالم لاسيما النامية منها وقد عمدت وزارة المالية إلى معالجة هذه الظاهرة بجميع الوسائل الممكنة الإجرائية والتشريعية.

ففي المجال الإجرائي، تم اتخاذ ما يلي:

ـ إحداث مديرية الاستعلام الضريبي في وزارة المالية وأقسام للاستعلام الضريبي في جميع مديريات ماليات المحافظات لتحديث العمل الضريبي وتأمين الوسائل اللازمة للتكليف الضريبي وذلك رغم عدم كفاية وقصور النصوص القانونية النافذة لهذه الغاية، كما تم إدخال بيانات نظام الاستعلام الضريبي على الحاسب الإلكتروني في وزارة المالية من خلال نظام المعلوماتية المتطور في الوزارة، وقد أمكن نتيجة ذلك اكتشاف العديد من المطارح الضريبية المخفاة لدى العديد من مكلفي القطاع الخاص وتكليفها بالضرائب المتوجبة قانوناً... تحقيقاً للعدالة الضريبية.

كما قامت الوزارة بالتوازي ومنذ تاريخ 1/4/1988 بأعمال المسح الميداني للمطارح الضريبية المخفاة ( المكتومة ) وأمكن نتيجة ذلك اكتشاف /683/ ألف عقار مكتوم ( غير مصرح عنه للدوائر المالية ) و /156/ ألف مكلف مكتوم ( محلات تجارية ) في المحافظات السورية تم ويتم تكليفها بالضرائب وفق الأحكام القانونية النافذة.

ـ إعداد دراسة ميدانية لتحديد نسب الأرباح لجميع المهن ضمن حدين أدنى وأعلى بسبب حجم المنشآت من جهة والمستوى الاقتصادي لكل محافظة من جهة أخرى، ويتم تحديث هذه الدراسات باستمرار تبعاً لتطورات أوضاع السوق والأسعار وحجم النشاط الاقتصادي... وتعمم الوزارة هذه النسب على مديريات الماليات واللجان الضريبية باستمرار، بهدف الاستئناس بها لدى التكليف الضريبي المباشر في حالات ثبوت عدم صحة دفاتر المكلف أو لجوئه إلى أساليب احتيالية أو سوء استعمال بغرض التهرب الضريبي وذلك وفقاً لأحكام القوانين النافذة، وكذلك عن طريق إجراء تقاطع المعلومات في تصريح المكلف ( أخذ المعلومات من المنتج... ثم من الموزعين والتجار المشترين مثلاً ومؤسسات القطاع العام وفق الأصول الفنية المتعارف عليها ) وقد تمكنت الوزارة نتيجة ذلك الوصول ما أمكن إلى واقع فعاليات المكلفين.

وفي المجال التشريعي: أعدت وزارة المالية:

ـ مشروع قانون لإحداث جهاز الاستعلام الضريبي يؤمن للعاملين في هذا الجهاز الصفة القانونية والحوافز لتحصينهم بعيداً الإغراءات المادية ويعطيهم الحق بالتدقيق والتحري عن حالات التهرب والاحتيال من بعض المكلفين، ويعطي لضبوطهم المنظمة الصفة العدلية لقبولها في القضاء في حال المنازعات القضائية.

ـ مشروع قانون لمكافحة التهرب الضريبي وإدخال النصوص القانونية اللازمة لتأمين المؤيدات الجزائية لحالات التهرب والتحايل الضريبي وفق ما هو موجود في معظم الدول الأخرى.

ـ مشروع قانون يقضي بإلزام الشركات الأجنبية بتسمية وكلاء تجاريين، وتسجيلهم لدى وزارة الاقتصاد، ـ عدا بعض الحالات الخاصة حسب طبيعة العقد – وبالتالي إلزام الجهات المتعاقدة السورية بالتعاقد مع الشركات الأجنبية الموردة عن طريق وكيل تجاري يصرح عن عمولته أصولاً، وتخضع للضرائب والرسوم، كما هو الحال في معظم الدول الأخرى، علماً بأنه لا توجد أية مناقصة أو صفقة لا يوجد وراءها وكيل أو وسيط خفي حالياً يتقاضى عمولات عالية بالقطع الأجنبي ولا يدفع عنها ضريبة، كما أن وزارة المالية تقوم في العديد من الحالات بتكليف الوسطاء والوكلاء بالضريبة عند توفر معلومات وبيانات عن نشاطهم، إلا أن القضاء في العديد من الحالات يفسخ ويبطل هذا التكليف الضريبي بحجة أن هذا الوسيط أو السمسار يقدم وثيقة بأنه موظف في الشركة الأجنبية وليس وكيلاً ويستفيد بذلك من الثغرات والنقص في النصوص القانونية النافذة.

إن الهدف النهائي للإصلاح الضريبي هو زيادة النمو الاقتصادي بالدرجة الأولى وتحقيق عبء ضريبي متوازن تتحقق فيه العدالة بضوء الدخل الذي يحققه كل مواطن مع التأكيد بأن عملية تطوير التشريع الضريبي هي حاجة دائمة ومستمرة لتأمين التوافق مع المستجدات ومتطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي ومبادئ العدالة الضريبية.

ثانياًـ الإصلاح الجمركي:

يهدف الإصلاح الجمركي إلى تحقيق العديد من الغايات بما يحقق زيادة النشاط الاقتصادي وفعاليته ومن أهم الغايات التي ينشدها هذا الإصلاح تبسـيط الإجراءات الجمركيـة، سرعة تخليص البضائع، الشفافية، المعلومات، وفي هذا المجال تتم عملية الإصلاح الجمركي في عدة محاور متعددة يمكن إيجازها بالآتي:

أ ـ تعديل قانون الجمارك:

القانون المطبق حالياً في سورية رغم التعديلات التي طرأت عليه مضى عليه أكثر من خمسة وعشرون عاماً وخلال هذه المرحلة تم تطور سريع وهائل في العمل الاقتصادي، لذلك بات من الضروري إعادة النظر بأحكام قانون الجمارك النافذ بهدف تبسيط الإجراءات الجمركية وتوفير الشفافية في إنجاز المعاملات الجمركية، ولهذا فقد تم العهدة إلى لجنة فنية من الخبراء العاملين في الجهات العامة وهي وزارات المالية والاقتصاد والصناعة ومديرية الجمارك العامة وممثلين عن غرف الصناعة والتجارة في سورية لاعداد مشروع قانون جديد يحقق المطلوب منه. وقد قامت هذه اللجنة بقطع شوط واسع في إنجازه وراعت عند إجراء دراسة المشروع الجديد القوانين الجمركية الحديثة المطبقة في كل من لبنان والأردن ومشروع جامعة الدول العربية الذي بني عليه القانون الحالي. وكذلك الملاحظات التي أبدتها غرف التجارة والصناعة على القانون الحالي والإجراءات الملحقة به. وسيكون هذه القانون عند إنجازه معبراً حقيقياً عن التطور الاقتصادي في سورية. ويلبي جميع المتطلبـات.

ب ـ التعريفة الجمركية:

1 ـ من أجل أن تكون التعريفة الجمركية متماشية مع التطورات الجمركية عالمياً والتي أخذت منذ فترة بالتعريفة الجمركية المنسقة كبديل عن التعريفة الجمركية النافذة حالياً والتي تعتمد مبادئ مجلس التعاون الجمركي في بروكسل هذه التعريفة التي تعتبر منطلقاً في عمليات التبادل التجاري بين دول العالم كافة لاسيما في عمليات التبادل بين الدول العربية ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى أو مع دول الاتحاد الأوربي في اتفاقية الشراكة المحتمل توقيعها قريباً.

وتقوم هذه التعريفة المنسقة على الأسس التالية:

آ ـ التوسع في عدد البنود المدرجة في تعريفة بروكسل بما يتلاءم مع الاحتياجات الجديدة.

ب ـ اعتماد طرق وأساليب تصنيف جديدة أدت في بعض الحالات إلى إخراج بضائع من هذا البند وإدراجه في بند آخر. أو إخراج بند ما من هذا الفصل وإدراجه في فصل آخر.

ج ـ إلغاء بعض البنود التي لم تعد بضائعها تشكل حجماً مهماً في المبادلات التجارية.

د ـ تقليص عدد الفصول من /99/ فصلاً إلى /97/ فصلاً بعد إعادة توزيع البنود بما يتفق وطريقة التصنيف الجديدة.

هـ ـ زيادة عدد البنود الأساسية ليصبح /1241/ بنداً بدلاً من /1011/ بنداً في التعريفة الحالية.

و ـ إضافة بنود جزئية لم تكن موجودة في التعريفة السابقة ويبلغ إجمالي عددها في النظام المنسق /5113/ بنداًً تمثل مجموعات البضائع التي يتم تبادلها على نطاق التجارة الدولية.

فقد أعدت وزارة المالية والمديرية العامة للجمارك وبالإفادة من المساعدة الفنية من خبراء من منظمة الجمارك العالمية في بروكسل مشروع التعريفة الجمركية المنسقة السورية التي روعي فيها الأسس العامة للتعريفة الجمركية المنسقة مع إدراج بنود التعريفة الجمركية السورية ( البنود الوطنية ) وفق ما هو معمول به لدى الدول الأخرى. وقد استغرق إنجاز هذا العمل حوالي السنة والنصف تقريباً.

2 ـ ضمن المراجعة الشاملة لتكاليف الإنتاج وتشجيع عمليات التصدير، وتصويب الانحرافات الأفقية فقد تم إعادة النظر بالتعريفة الجمركية للمواد الأولية للصناعة بحيث يتم تخفيض معدل الرسم الجمركي لهذه المواد إلى الحد الأدنى، وذلك من خلال لجنة فنية ضمت ممثلين عن وزارات الصناعة والاقتصاد والمالية وغرف التجارة والصناعة، وأقرت الدراسة التي أجريت بهذا الصدد، وتتخذ الإجراءات اللازمة لوضع ذلك موضع التنفيذ، وذلك بإعداد الصكوك القانونية التي تؤدي إلى التطبيق المباشر وتحقيق الأهداف المرتجاة.

3 ـ العمل على توحيد سعر صرف الدولار الجمركي بما يؤدي إلى تبسيط وتسهيل التخليص الجمركي بدلاً مما هو مطبق حالياً. حيث توجد ثلاثة أسعار لصرف الدولار الجمركي وهي /11.25، 23، 46.5/. ويراعى عند هذا الإجراء عدم زيادة الأعباء على المنتج والمستهلك بآن واحد، وبالوقت ذاته تخفيض الأعباء الجمركية نتيجة تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة.

4 ـ دراسة الصناعات السورية الجديدة التي أحدثت منذ صدور آخر تعريفة بالمرسوم رقم /25/ لعام 1989 وذلك بهدف تخفيض معدلات الرسوم الجمركية على المواد الأولية لهذه الصناعات الجديدة وإعادة التوازن بين معدلاتها وبين معدلات الرسوم الجمركية على المنتج النهائي، بحيث تصبح أقل من كلفة المنتج المستورد جاهزاً، انطلاقاً من القاعدة التي تقضي بتخفيض الرسوم الجمركية كلما زادت القيمة المضافة في المنتج.

جـ ـ أتمتة العمليات الجمركية:

تم وضع خطة واستراتيجية وأهداف محددة لعملية أتمتة العمليات الجمركية. بما يحقق إحداث منظومة لنظم البرمجيات والمعلوماتية في المديرية العامة للجمارك وأماناتها في المحافظات والمناطق وربطها مع جميع الموانئ والمنافذ الجمركية الحدودية البرية والجوية والبحرية. إضافة للربط وفق هذه الخطة مع كل من الجهات المعنية وهي: (الاقتصاد ـ التوكيلات الملاحية ـ اللجنة المنظمة الضامنة الـ TIR ) بعد أن انضمت سورية إلى اتفاقية التير (TIR) بموجب المرسوم رقم 48 لعام 1998.

دـ التأهيل والتدريب:

يتم الاستمرار بأعمال التأهيل والتدريب للعناصر الجمركية، وذلك من خلال إيفاد العديد من العاملين إلى الدورات الأجنبية التي تقام من قبل الجهات الدولية كالمنظمة العالمية للجمارك أو من خلال الدورات المحلية التي تقوم بها إدارة الجمارك العامة. ولاتقتصر عمليات التدريب والتأهيل على العمل الجمركي فحسب وإنما تشمل هذه العمليات التدريب على نظم المعلوماتية ومتابعة التطورات الجمركية سواء لجهة قواعد المنشأ التفصيلة لبنود التعريفة الجمركية المنسقة أو من خلال التعديلات التي تتم على التعريفة المذكورة بحد ذاتها.

هـ ـ تبسيط الإجراءات الجمركية:

شملت عمليات تبسيط الإجراءات الجمركية العديد من الإجراءات من المفيد الإشارة إلى بعضها:

1 ـ تبسيط عمليات الإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير، وذلك من خلال إلغاء إجازة الاستيراد وسرعة إصدار الموافقة بالإدخال المؤقت، وتفويض المديريات الإقليمية والأمانات التي لديها القدرة الجمركية على الرقابة بإصدار الموافقة، وتمديد مهلة الإدخال المؤقت لتصبح سنة واحدة بدلاً من ستة أشهر ومن ثم إجراء تمديدها.

2 ـ تطبيق مبدأ النافذة الواحدة، حيث تم اعتباراً من 1/2/2001 العمل بهذا المبدأ بحيث تم تجميع العناصر ذات العلاقة بعملية التخليص الجمركي في مكان واحد (جمارك ـ مرافئ ـ شركة توكيلات ملاحية ـ مخابر) وبالتالي اختصار الوقت والجهد على المستورد أو المصدر في آن واحد، وقد بدء بتطبيق هذا المبدأ في كل من مرفأي طرطوس واللاذقية.

3 ـ تطبيق مبدأ الحوض الجاف، بحيث تم السماح بنقل البضائع بالحاويات مباشرة دون الحاجة إلى الكشف في المرافئ إلى ساحات الجمارك في محافظة حلب بالقطار. ومن ثم إجراء الكشف الجمركي عليها وتخليصها، مما يحقق تخفيضاً في الكلف والمعاملات الجمركية.

4 ـ الإيعاز للجهات المختصة في الجمارك بإجراء الكشف الجمركي على البضائع المصدرة لاسيما تلك التي تتعرض للتلف أو الفساد بشكل مستمر أي على مدار /24/ ساعة.

5 ـ اعتماد تسديد بيانات الإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير ببيانات جمركية من نموذج ب15 وب7 لإتاحة الفرصة لاصحاب تلك البيانات الاستفادة من الإعفاءات والمزايا التي تمنح للبضائع السورية المنشأ تنفيذاً للاتفاقيات الثنائية، شريطة أن تتحقق في هذه البضائع نسبة القيمة المضافة التي حدها الأدنى /40%/ لتجعل البضاعة ذات منشأ سوري.

 

د. محمد بيطار



(*) ألقاها عن وزارة المالية الدكتور محمد بيطار معاون وزير المالية.