رؤية في الإصلاح الضريبي

الدكتور جمال قنبرية(*)

 

إن من أهداف الإصلاح الضريبي زيادة النمو الاقتصادي، وأن ترتفع إيرادات الضرائب ليس بسبب ارتفاع معدلاتها، بل نتيجة لازدياد النشاط الاقتصادي وارتفاع الدخول الحقيقية للمؤسسات.

مع مراعاة تحقيق العدالة وفرض الضريبة على القادرين على دفعها، وتخفيف آثارها على الفئات غير القادرة.

وان تحريك العجلة الاقتصادية وتفعيل عملية النمو يكونان من خلال تحسين ظروف الاستثمار والترغيب فيه مع إبراز الميزات النسبية للاقتصاد السوري في السوقين الداخلية والخارجية. وأهم هذه الميزات الاستقرار السياسي والأمان الاجتماعي، مع و توفير نظام ضريبي واضح، وعادل، وشفاف، غير معقد، ومستقر، ويكون قادراً على كسب ثقة المكلفين، مما يخفف آثار التهرب الضريبي ويزيد حصيلة واردات الضرائب.

إن مسألة الإصلاح الضريبي باتت من المسائل الملحة التي يتوجب إيجاد الحلول المنطقية والعملية لها. وتجمع كافة الآراء، ليس فقط على ضرورة الإصلاح الضريبي وتحديث الضرائب التي مضى على صدور بعضها أكثر من خمسين عاماً، بشرائحها ومعدلاتها التي كانت تلائم الظروف السائدة وقت صدورها، وإنما تجمع أيضاً على ضرورة الإسراع في البدء بهذا الإصلاح لاسيما في الوقت الراهن الذي تعتمد فيه الدولة سياسة التحديث والإصلاح للبنية الكلية لسائر قطاعات الاقتصاد، لذا يجب أن تتوافق استراتيجية الإصلاح الضريبي مع استراتيجيات الإصلاح في القطاع الصناعي، سوق الأوراق المالية، قانون الجمارك الجديد , تحديات انفتاح الأسواق من خلال منطقة التجارة الحرة العربية، الاتفاقيات مع لبنان والأردن والسعودية والتبادل الحر للسلع وإلغاء الرسوم الجمركية، وفتح المجال للمنافسة الكاملة بين السلع الوطنية والسلع المستوردة، وسياسات الدعم والإغراق التي تتبعها الأسواق الخارجية، وضرورة زيادة الاستثمار وتحسين مناخه، ومع قرارات القيادة السياسية بإعادة النظر بآلية ارتباط القطاع العام بالموازنة العامة للدولة.

وبالتالي فصل موازنات القطاع العام عن الموازنة العامة للدولة وعدم تحميل موازنة الدولة الخسارات والعجوزات التي تعاني منها، ومع قرار تحديد علاقة القطاع العام الاقتصادي مع وزارة المالية من خلال دفع الضريبة المستحقة، وتسديد حصة الدولة من الأرباح القابلة للتوزيع واحتفاظ الشركات بفائض السيولة، وأن لا علاقة لها بأية جهة مشرفة إلا جهة وزارة الصناعة , وصولاً إلى الإدارة الاقتصادية والفصل بين الإدارة والملكية والأخذ بآلية السوق. وبنجاح هذه التوجهات لابد من إعادة النظر في النظام الضريبي السائد حالياً باتجاه تخفيض المعدلات والتبسيط ليكون عنصراً محركاً للاقتصاد السوري، ونحن على قناعة تامة أن حصيلة الضرائب ستزداد بعد تخفيض معدلات الضرائب وتوسيع شرائحها لأنها ستحد من الآثار السلبية للتهرب الضريبي.

ولن أسهب في مبادئ الإصلاح الضريبي وضروراته. ولكنني سأتوجه إلى الواقع الذي نعمل فيه من خلال مشاركتنا في لجان الإصلاح الضريبي، ودراسة الخطط المبرمجة التي أعدتها وزارة المالية لتنفذ على مراحل لتطوير التشريعات الضريبية والتي تعتمد على تخفيض العبء الضريبي عن مصادر توليد الدخل بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار وتعويض ذلك عن طريق الضرائب على أوجه استخدامات الدخل عندما تدعو الحاجة إلى ذلك وبالوقت المناسب وبالمعدلات التي يستطيع المواطن تحملها.

وفي هذا المجال لابد للإصلاح الضريبي أن يؤكد على استعمال الضريبة كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية وألا يقتصر دورها على الوظيفة المالية.

لذلك لابد من تخفيض العبء الضريبي على الدخل ومدخلات الإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج والادخار وتخفيف أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة لتخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية عند التصدير الذي يجب أيضاً أن ندعمه بإعفاء الصادرات من كافة الضرائب والرسوم وتذليل العقبات الإدارية لتحسين ميزان المدفوعات.

والإصلاح الضريبي يجب أن يتركز أساساً على إصلاح الضرائب الموجودة حالياً وتعديلها بما يتفق مع الأسس السابقة لرفع كفاءتها وتحسين مردودها.

و سأتناول في حديثي بعضاً من التعديلات الأساسية التي لابد من إجرائها في الضرائب النافذة حالياً:

أولاً ـ الضريبة على دخل المهن:

 إن ضريبة الدخل على المهن هي من أهم الضرائب والرسوم في التشريع الضريبي السوري وأكثرها عدالة، وتقارب عائداتها 20% من مجموع الموارد في موازنة الدولة لعام 2000 وهذه النسبة بازدياد مستمر، ففي عام 1994 كانت حصيلة ضريبة الدخل على المهن 20.350 مليار ليرة سورية من أصل 144.162 مليار هي مجموع إيرادات الموازنة أي بنسبة 14.12% إلى أن أصبحت حصيلتها 52.450 مليار ليرة سورية من أصل 275.400 مليار ليرة سورية مجموع واردات الموازنة لعام 2000 أي بنسـبة 19.04% ونعتقد أن حصيلة هذه الضريبة سترتفع بالسنوات القادمة نتيجة لانتهاء الإعفاءات الممنوحة للمشاريع الصناعية المقامة على القانون 10.

غير أن هذه الضريبة تعاني من المعدلات المرتفعة، وتقارب الشرائح حيث أن القانون 20 لعام 1991 والذي خفض معدل الضريبة الأعلى من 92.4 % على الشريحة العليا لأكثر من 700 ألف ليرة سورية إلى معدل 63% ولشريحة عليا أكثر من مليون ليرة سورية. هذا المعدل الأخير، مع إضافات 30% مجهود حربي و 10% للإدارة المحلية يعتبر مرتفعاً جداً ويعتبر من أهم العوامل في التهرب الضريبي من جهة، ومن أهم الأسباب في تراجع الاستثمارات وهذه النسب مرتفعة جداً , إذا ما قيست بنسب هذه الضريبة في الدول المجاورة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف سيستطيع المكلف السوري الذي تبلغ ضريبة الدخل التصاعدية المفروضة عليه مع إضافاتها والبالغة 63% من أرباحه من مزاحمة المنتج اللبناني الذي يخضع بموجب القانون اللبناني رقم 282 تاريخ 30/12/1993 والذي فرض على الأرباح الصافية بعد تنزيل إعفاءات هامة للمكلف عن نفسه وعن زوجته وأولاده ضريبة دخل تبدأ بمعدل 3% وتصل في حدها الأقصى إلى 10% إذا تجاوزت أرباحه الصافية 37.5 مليون ليرة لبنانية أي ما يعادل (1.250) مليون ليرة سورية، لاسيما وأن التبادل الحر للسلع والمنتجات جعل بالإمكان انتقال هذه السلع بين البلدين بدون رسوم جمركية في نهاية هذا العام ويطبق حالياً تخفيض على هذه الرسوم ولنهاية العام بمعدل 75%.

هذا فضلاً عن تبادل السلع والمنتجات بين البلاد العربية الأخرى بدون رسوم جمركية مع الأردن، وضمن منطقة التجارة الحرة مع السعودية والكويت والإمارات والبحرين..

لذلك فإننا نرى أن هذه الضريبة الهامة " ضريبة الدخل على المهن " يجب أن يعاد النظر في النسب العالية للضريبة المطبقة حالياً، وأن يعاد النظر في الشرائح بحيث تتوسع مبالغها وتحقق العدالة وتحد من التهرب الضريبي، وتساعد على الاستثمار، مما يحقق زيادة في الإيرادات.ولتوسيع حصيلة هذه الضريبة لابد من:

آ ـ إعادة النظر في الإعفاءات الدائمة في ضوء ضرورتها الاقتصادية والاجتماعية من جهة ولتحقيق العدالة والمساواة بين كافة المكلفين من جهة ثانية وللحد من ظاهرة التهرب الضريبي باستغلال الإعفاءات الممنوحة قانوناً.

ب ـ اقتصار الإعفاءات من هذه الضريبة على الاستثمارات التي تساهم في التنمية الاقتصادية،وتحقق زيادة في القيمة المضافة، وتؤمن المزيد من فرص العمل، أو تلك المشاريع التي تقام في بعض المحافظات، مع منح الإعفاء خصوصاً للمشاريع التي تستعمل المواد الأولية المحلية كالقطن، الحبوب و الفوسفات..

ج ـ منح الإعفاءات للمؤسسات المستقرة التي ستشكل مطارح ضريبية مستقبلية.

د ـ توسيع مطارح هذه الضريبة وإلغاء القانون رقم 51 لعام 1979 الذي منع الوكلاء من العمل بشكل ظاهر، وبالتالي حرم خزينة الدولة من الضريبة على دخولهم. مع استبدال هذا القانون بقانون جديد يلزم الشركات الأجنبية التي تتعاقد مع الدولة ومؤسساتها وشركاتها بأن يكون لها وكيل وممثل في سورية يسجل وكالته لدى وزارة الاقتصاد، ويكون في ذلك مصلحة لجميع الفرقاء:

1 ـ خزينة الدولة تتقاضى الضرائب على دخل الوكلاء.

2 ـ تتحقق مصلحة الجهة المتعاقدة بوجود مرجع مسؤول عن تنفيذ التعاقد يمكن مراجعته بسهولة.

3 ـ ومصلحة الوكيل نفسه لحفظ حقوقه تجاه الشركة الأجنبية.

ـ كما أن العدالة تقتضي أن تأخذ الدوائر المالية عند تحقيق الضريبة بمبدأ خسارة المؤسسات التي تقدم ثبوتيات مقنعة بتعرضها للخسارة في إحدى السنوات.. لأنه من الطبيعي أن تتحقق خسارة لأحد المكلفين.

ثانياً ـ الضريبة على الرواتب والأجور:

إن إصلاح الضريبة على الرواتب والأجور يعتبر من أولويات الإصلاح الضريبي، حيث أن هذه الضريبة لم تتبدل إعفاءاتها ونسبها منذ عام 1949، بل تعرضت لإضافة 15% للمجهود الحربي.

يبلغ الحد الأدنى المعفى 100ل.س وهذا الإعفاء لا يستحق أن يذكر، فما كان يمكن شراؤه بمائة ليرة سورية عام 1949 لا يمكن أن نحصل عليه بمبلغ خمسة آلاف ليرة سورية عام 2001.

إن إعفاء الحد الأدنى يعني: أن لا يخضع للضريبة الحد الأدنى اللازم للصرف على تكاليف المعيشة لصاحب الراتب وعائلته.

فإذا كان الراتب كله لا يكفي لحياة كريمة لصاحب الدخل المحدود، فإنه من الواجب على الأقل أن يعفى مبلغ الخمسة آلاف ليرة الأولى من الدخل من ضريبة الرواتب والأجور أو 30% من دخل المكلف بضريبة الرواتب والأجور أيهما أكثر.

على أن يعاد النظر بمبلغ الإعفاء كل خمسة أعوام في ضوء التضخم النقدي.

الرسوم الجمركية:

لم تعد التعريفة الجمركية المطبقة حالياً تتناسب بمعدلاتها وبنودها الجمركية مع التطورات التي حصلت في الصناعة الوطنية والتطورات الدولية في التجارة الخارجية، وانفتاح الأسواق السورية على الأسواق العربية والمجاورة مع الإعفاء الكامل لكافة البضائع من الرسوم الجمركية.

مما أدى إلى خلل كبير كان من نتيجته توقف العديد من المنشآت الصناعية وإغلاقها والاستغناء عن عمالها والكفاءات الفنية العاملة فيها وانتهاء هذه الصناعات في سورية وذلك بسبب انسياب السلع الصناعية الجاهزة إلى الأسواق السورية بدون رسوم جمركية في حين أن المواد الأولية المكونة لهذه السلع والتي تستعملها المصانع السورية هي خاضعة للرسوم الجمركية والرسم الموحد (بمعدلات مرتفعة تصل إلى 47%) وعمولات مؤسسات التجارة الخارجية والدولار الجمركي بمعدل 46.5%، والاستيراد بقطع التصدير، مما جعل السلع الجاهزة المستوردة من البلاد العربية أقل في تكلفتها من نفس السلعة التي تصنعها المصانع السورية.

ونورد على سبيل المثال:

ـ  صناعة المكيفات.

ـ قضبان اللحام.

ـ القوالب.

ـ الورق.

ـ الألكيدات.

ـ الأحماض الدهنية والغليسرين.

ـ صناعة السمن النباتي.

والصناعات الأخيرة (الألكيدات، الأحماض الدهنية، السمن النباتي) توقفت بسبب فرض ضميمة على الزيت المستورد بمعدل 10ل.س /لكل كيلو غرام. وهذا الزيت هو المادة الأولية لهذه الصناعات بينما تدخل المواد تامة الصنع بدون أية ضميمة أو رسم جمركي (الالكيدات، الأحماض الدهنية، الغليسرين، السمن النباتي).

علماً أن هناك شكوكاً في كثير من الأحيان من صحة منشأ البضاعة الجاهزة وأنها لا تحقق نسبة الـ 40% التي نصت عليها قواعد المنشأ، مما أتاح تسرب بضائع واردة من أسواق رخيصة عبر بعض الدول العربية إلى الأسواق السورية.

وفي اللجان المشكلة لمعالجة هذه المشكلة، تم اعتماد مبدأ أن لا تكون الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية أعلى من الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الجاهزة وبدأت الدراسة منذ سنتين، غير أن صدور المرسوم رقم 4377 تاريخ 1/12/2000 في لبنان الذي تم بموجبه إعفاء المواد الأولية اللازمة للصناعة من الرسوم الجمركية وتخفيض الرسوم الجمركية على معظم السلع الأخرى إلى معدل 5% جعل من الواجب الإسراع في إصدار التشريعات اللازمة لإعفاء المواد الأولية الصناعية ومدخلات الإنتاج الصناعي في سوريا من الرسوم الجمركية أو تخفيضها أسوة بما جرى في لبنان والذي تنساب بضائعه وسلعه إلى الأسواق السورية بدون رسوم جمركية مع التأكيد على وجوب التشدد في تطبيق قواعد المنشأ لمنع انسياب سلع دول أخرى إلى الأسواق السورية على أساس أنها من منشأ لبناني وهي في الحقيقة غير ذلك.

وحيث أن الباب الخلفي للصناعة السورية أصبح مفتوحاً بشكل كامل على الأسواق المجاورة والعربية. وأصبحت الصناعة السورية في خطر المنافسة غير المتكافئة.. فان حماية الصناعة السورية والاستثمارات لا يمكن أن تتم إلا:

آ ـ بمساعدة هذه الصناعات على تخفيض تكاليف الإنتاج.

وهذا ما يجب أن يرمي إليه الإصلاح الضريبي بشكل عاجل وواضح. ونحن عندما نطالب بتخفيض الأعباء عن كاهل الصناعة السورية لا نهدف أبداً إلى زيادة أرباح الصناعيين أو التهرب من الضرائب، أبداً، وإنما نهدف بوضوح إلى حماية الصناعات القائمة في القطاعين العام والخاص، والمحافظة عليها من الإغلاق أو الانكماش، وتوفير المناخ اللازم لزيادة الاستثمار، وكلنا يعلم أن مبالغ الاستثمارات في تناقص، وهذا مؤشر يدفعنا إلى معالجة الأسباب بواقعية وجرأة خصوصاً أن شركات القطاع العام سوف تعمل وفق القرار الاقتصادي، وأصبح غير مقبول أبداً تغطية خسارة أية شركة من خزينة الدولة.

لذلك يجب الإسراع بما يلي:

1 ـ إصدار التعريفة الجمركية المنسقة لمسايرة التطورات الدولية في التجارة الخارجية.

2 ـ تضمين هذه التعريفة الإعفاءات والتخفيضات في الرسوم الجمركية على المواد الأولية الصناعية ومدخلات الإنتاج الصناعي.

3 ـ إصدار القرارات اللازمة لتوحيد سعر الصرف للدولار الجمركي.

4 ـ أتمتة عمليات الجمارك بهدف تبسيط الإجراءات واستخدام الكمبيوتر باستعمال نظام الانسيكودا المطبق في معظم الدول العربية ودول العالم الأخرى في تسيير المعاملات الجمركية بسرعة وشفافية.

ـ ضريبة الآلات:

ـ نصت الفقرة / د / من المادة 2 من قانون ضريبة ريع العقارات على خضوع ريع الآلات والأدوات الصناعية في المعامل والمصانع باستثناء تلك الآلات التي لا يتجاوز ريعها 300 ليرة سورية بالنسبة للمعمل الواحد إلى ضريبة ريع العقارات على المنشآت الصناعية والآلات والأدوات، وبفرض رسم الحراسة عليها عند التمتع بالإعفاء من الضريبة. ويضاف إلى الضريبة نسبة 20% للمجهود الحربي و 2% للإدارة المحلية.

إن الضريبة على الآلات تفرض على مالكها سواء كانت عائدة لمالك مبنى المصنع أو لشاغله وسواء كانت يدوية أو تعمل بقوة محركة.

1 ـ لابد من الإشارة إلى أن ضريبة ريع الآلات تتعارض مع ضريبة دخل المهن لأن الآلات أدوات إنتاج يخضع إنتاجها لضريبة الدخل. لذلك كان في فرض الضريبتين معاً ازدواج ضريبي.

2 ـ إن هذه الضريبة باهظة جداً لأنها تفرض بمعدلات عالية تصل إلى 38% يضاف إليها 20% للمجهود الحربي و 2% للإدارة المحلية ولشريحة ريع الآلات الصناعية قدرها 20 ألف ليرة سورية. فإذا كانت قيمة الآلات الحديثة بمئات الملايين فانه لا يعقل أن يستمر تطبيق هذه الضريبة لآثارها السلبية على الاستثمار الصناعي، وعدم الاستفادة من الآلات الحديثة ذات التقنية العالية تفادياً لارتفاع الضريبة

3 ـ إن هذه الضريبة غير موجودة في أي من الدول المجاورة، وهي تزيد من تكلفة المنتج وتحد من قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة.

لذلك لابد أن تلغى هذه الضريبة في ظل الإصلاح الضريبي.

ـ الشركات المساهمة:

الشركات المساهمة بحكم كونها شركات أموال لا شركات أشخاص فإنها تؤمن استمرارية المشاريع الاستثمارية ولا يتأثر كيانها القانوني بوفاة أي مساهم، إذ أن أسهمه تتوزع بكل سهولة على الورثة بنسبة حصصهم الإرثية ويستمر مجلس الإدارة في متابعة أعمال الشركة كالمعتاد.

شجع المشرع قيام الشركات المساهمة في المرسوم التشريعي رقم 7 الصادر بتاريخ 13/5/2000 والمعدل لقانون تشجيع الاستثمار وفرض ضريبة بنسبة 25% على الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام، وهذه النسبة تشمل المجهود الحربي، وهي مستثناة من الإضافة لصالح الإدارة المحلية.

وهكذا تحققت بالفعل المعاملة المتميزة للشركات المساهمة التي طرحت أسهمهما في الاكتتاب العام فأصبحت تخضع لنسبة مقطوعة شاملة للمجهود الحربي ومستثناة من إضافة الإدارة المحلية، وهذه النسبة معقولة، وكان ذلك لتشجيع إقامة الشركات المساهمة.

غير أن الواقع تؤسس الشركات المساهمة عادة من مجموعة من المؤسسين المتفاهمين والمنسجمين الذين يغطون كافة الأسهم حتى لا يتسرب إليهم غريب عن الصناعة عن طريق طرح الأسهم على الاكتتاب العام لأن ذلك قد يعيق مشروعهم منذ البداية وقد يؤدي ذلك إلى فشل المشروع. علماً أن قانون التجارة السوري يسمح بذلك، بل ويساعد على انشاء هذه الشركات بسرعة وخلال فترة وجيزة وبإجراءات بعيدة عن تعقيدات طرح الأسهم للاكتتاب العام واحتمال عدم تلبية الجمهور لهذه الدعوة.

لذلك، وتشجيعاً لإقامة الشركات المساهمة وما يمثله ذلك من تقدم في بنية المنشآت والمؤسسات الاقتصادية، فإننا نقترح إلغاء شرط طرح الأسهم في الاكتتاب العام لتستفيد الشركة المساهمة من معدل الضريبة بنسبة 25% المذكورة في المادة /4/ من المرسوم التشريعي رقم /7/ تاريخ 13/5/2000م.

ـ رسم التركات:

يشمل قانون رسم التركات رقم /101/ لعام 1952 جميع أموال السوري المتوفى أياً كان موقعها ضمن الأراضي السورية أو خارجها، في حين يعامل الأجنبي المقيم في سورية معاملة أفضل فيقتصر مطرح الضريبة على أمواله الموجودة داخل سورية فقط، ولا يشمل أمواله الموجودة في الخارج، ولذلك فان أي استثمار للسوري المقيم خارج سورية ولو كان يحمل جنسية أخرى سيتيح للدوائر المالية عند وفاته وضع يدها على أمواله في سورية، ولن تتحرر قبل دفع رسم التركات عن أمواله خارج سورية. وهذا الأمر يحد من حماس السوريين المغتربين لاستثمار أموالهم في بلدهم سورية.

وقد صدر المرسوم التشريعي رقم 4 تاريخ 25/7/1998 لتشجيع الادخار في المصارف وبموجبه تم إخراج الودائع العينية والمبالغ النقدية المودعة لدى المصارف أو صناديق الادخار في سورية من رسم التركات، في حين أن تشجيع الاستثمار يقتضي إعفاء الأموال المستثمرة في المشاريع الإنمائية وأسهم الشركات من رسم التركات.

إن الاستمرار في هذا الأمر يؤدي إلى نزوح الاستثمارات من قطاعات إنتاجية هي الآن في الواقع مطارح ضريبية لعدد من الضرائب (دخل، رواتب وأجور عقارات، رسوم جمركية...) سوف تنزح إلى صناديق الادخار التي تحقق عائداً بمعدلات مرتفعة 9.2% لا تحققها حالياً القطاعات الإنتاجية وهي ستكون في نفس الوقت محمية من الضرائب على التركات، ومن ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة بحكم القانون، لذلك وتشجيعاً للاستثمار المغترب والمحلي ومحافظة على المطارح الضريبية الحالية وزيادتها بالاستثمارات القادمة نقترح إلغاء هذا الرسم والذي لا تزيد عائداته عن 250 مليون ليرة سورية سوف تعوض من جراء ازدياد النشاط الاقتصادي والاستثمار وخلق مطارح جديدة، ولذلك عمدت مصر إلى إلغاء هذا الرسم.

أوردت نماذج من الإصلاح الضريبي الهادف إلى تشجيع الاستثمار وخلق مناخ مناسب للعمل، وهذه المبادئ يمكن أن تنسحب على الضرائب والرسوم الأخرى والتي لا نستطيع أن نغطيها جميعها لضيق الوقت، واتساع الموضوع.

وإنني على ثقة تامة أن تخفيض معدلات الضريبة سوف يزيد من حصيلة واردات الضرائب وسيكون علاجاً عملياً لظاهرة التهرب الضريبي.

هذه الظاهرة التي يمكن قمعها بفعالية عن طريق اكتساب تأييد المكلفين ورفع وعيهم الضريبي بعدالة التكليف.لأن الإجراءات الرادعة مع بقاء التكاليف بمستواها العالي سيهدد مطرح الضريبة نفسه. أما فرض ضرائب أو رسوم جديدة فيجب توخي الحذر والحيطة في ذلك وأن لا يتم ذلك إلا عند الضرورة وفي الوقت المناسب وضمن الإمكانيات التي يستطيع المواطن تحملها ويتمكن الاقتصاد السوري من امتصاصها دون أن تؤثر على عملية التنمية وانكماش المطارح الضريبية.

 

والسلام عليكم..

 د. جمال قنبرية



(*) عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق.