الإصلاح المصرفي في سورية
الدكتور علي كنعان

المحتويات:

مقدمة.

أولاً   : الإصلاح الاقتصادي والإصلاح المصرفي.

ثانيـاً : الإصلاح المالي والنقدي والإصلاح المصرفي.

ثالثـاً : مفهوم الإصلاح المصرفي.

رابعا  ً: النظام المصرفي  في سورية.

خامساً: خصائص النظام المصرفي في سورية.

سادسا ً: الإيداع والتسليف.

-         تطور حجم الودائع.

-         تطور حجم القروض.

سابعاً  : الودائع والقروض والناتج المحلي الإجمالي.

ثامنـاً  : الصعوبات والمشاكل المصرفية.

تاسعاً  : اختبار الفرضيات المطروحة.

عاشراً: المقترحات والتوصيات.

 


مقدمة:

إن التطورات الاقتصادية الدولية التي أفرزتها توجهات العولمة والتي تمثلت بقيام تكتلات اقتصادية سياسية مثل مجموعة الآسيان , الاتحاد الأوربي واتفاقية (النافتا) في أمريكا الشمالية وغيرها من التكتلات قد ساهمت في تخفيض حجم وقوة الدولة الوطنية لتظهر قوة التكتل أو التحالف اضافة الى ذلك فقد شجعت منظمة التجارة العالمية  التي تأسست عام 1995 على تخفيض القيود المفروضة على حركة التجارة العالمية وتحديد أسس جديدة للتبادل التجاري الأمر الذي ساهم في دعم توجهات العولمة .

 ان حركة رأس المال المالي والمضاربات في الأسواق المالية وانتقال رأس المال الساخن بين القارات والأسواق تشكل الأساس الجوهري لحركة العولمة وتثبيتها على أنها حقيقة موضوعية أنتجتها التقانات والاتصالات الحديثة وكرستها طموحات ورغبات المالكين في تعظيم الأرباح والاستفادة من ثغرات القوانين بين الدول فالمصارف التي تشكل جزءا من حركة رأس المال المالي واكبت وبشكل واضح هذه التوجهات وبدأت حركات اندماج كبيرة بين مجموعات مصرفية صغيرة ومجموعة كبيرة وأحيانا بين مصرفين كبيرين مثل اندماج بنك طوكيو ـ مع بنك ميتسوبيشي ليشكلا أكبر مجموعة مصرفية في العالم شكل موجوداتهما عند الاندماج عام 1996 حوالي 647 مليار دولار وتصل قروضهما الى 2000 مليار سنويا.

 اضافة الى ذلك فقد طورت المجموعات المصرفية أنظمة عملياتها لتواكب التطور العلمي الحاصل في التكنولوجيا والاتصالات وخدمة الزبائن والمتعاملين بحيث أصبحت بعض المصارف تقدم خدمات تصل الى 1000 خدمة بدءا من الودائع وصولا الخدمات الشخصية  للزبون وتحريك الحسابات عبر الانترنت واستخدام البطاقات المصرفية المحلية والعالمية وغيرها من الخدمات الأخرى .

ان تطور الخدمات المصرفية العالمية يظهر نتيجة للتطور الحاصل في قطاع الانتاج والتكنولوجيا والاتصالات وليس لذاته وبالتالي تبدو العلاقة واضحة بين قطاع الانتاج وقطاع الخدمات ولكي تنطلق مصارفنا الوطنية لتقدم الخدمات المصرفية العالمية لابد من تحديد التوجه الاقتصادي العام للاقتصاد السوري المتمثل بتبني التوجه الرأسمالي أولا والبدء بعد ذلك بعمليات الاصلاح في قطاع الانتاج المادي وقطاع الخدمات .

بحيث تستطيع المصارف تحديد برامجها الاصلاحية على أساس قاعدة واضحة ومحددة وما ظهر خلال السنوات الماضية كان عبارة عن عمليات ترميم وتحسين في اطار الواقع القائم .

أولا : الاصلاح الاقتصادي والاصلاح المصرفي : 

الاصلاح الاقتصادي "هو عملية اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية شاملة ومستمرة تستدعي فك الارتباط بين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية واعادة صياغتها من جديد بحيث يؤدي ذلك لظهور أفكار وقيم وعلاقات اقتصادية واجتماعية جديدة تؤدي لزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين"([1]) فالإصلاح الاقتصادي عملية فنية في محتواها ومضمونها لكنها تحتاج لارادة سياسية وموافقة جميع الطبقات والشرائح الاجتماعية التي ستقوم بالإصلاح وتتحقق مصالحها في نهاية المطاف وكل تردد أو تأجيل للاصلاح يؤدي لانقسامات في الاراء الاجتماعية ومن ثم تأجيل الاصلاح أو الاكتفاء بالترميم وتعديل وتطوير بعض التشريعات التي لاتشكل في مجموعها إلا جزءاً من الإصلاح الاقتصادي .

كما يبدو من التعريف فالإصلاح عملية اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية شاملة تشمل جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية وتشمل كافة الفئات والشرائح الاجتماعية بحيث يتأثر الجميع من خطوات الإصلاح وإذا لم تكن الخطوات مدروسة ومتكاملة فالنتائج ستصيب البعض على حساب البعض الآخر لذلك نلاحظ تضارب الآراء وتعارضها أحيانا تجاه الإصلاح.

فالسؤال المطروح :  هل يمكن إجراء الإصلاح في بعض القطاعات دون القطاعات الأخرى أو بعبارة أدق هل يمكن استخدام الإصلاح الجزئي ؟ 

كما تكون التنمية الاقتصادية عملية اقتصادية اجتماعية متكاملة يكون الإصلاح بالمقابل عملية متكاملة , فكيف يمكن اصلاح القطاع المصرفي أو قطاع النقل دون اصلاح القوانين التي تطبق على هذه القطاعات والقطاعات الأخرى معا وبآن واحد , فالقوانين والتشريعات الاجتماعية والاقتصادية الشاملة لكل القطاعات والتي تعتبر سببا مباشرا لتخلف هذه القطاعات أو الاقتصاد وبشكل عام لايمكن تطويرها بشكل جزئي .

لقد استخدم البنك الدولي في مصر مجموعة من الاجراءات الادارية والاقتصادية لمعالجة فائض الطلب والتي من أهمها :

ـ سياسة تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة الأمر الذي أدى لتخفيض حجم الانفاق العام والاستثمار العام .

ـ العمل بأنظمة الدين العام بدلاً من الاقتراض من المصرف المركزي وتحفيز التضخم وذلك عن طريق طرح سندات على الجمهور للاكتتاب بها([2]) .

ـ تحرير أسعار الفائدة لتتناسب مع ( التضخم ـ معدل النمو ـ الربحية الوطنية ومعدل نمو الناتج )

ـ سياسة تحرير الأسعار وتحرير التكاليف وتخفيض حجم الدعم المقدم لبعض القطاعات والسلع لكي تتقاري الأسعار من الأسعار العالمية .

ـ تحرير الأجور بحيث تقترب من مستويات التكاليف الاجتماعية ودفع المؤسسات لكي تضع الأجور التي تتناسب مع الكفاءات والخبرات ( أي التخلص من الأجور الادارية )

ـ تقليص دور الدولة في ملكية الشركات العامة والاتجاه نحو بيع بعض المؤسسات أو طرحها للاستثمار .

ان هذه الاجراءات التي تشكل في مجموعها وصفة الاصلاح لا يمكن تجزئتها وفصلها عن بعضها البعض .

فكيف لنا أن نجري تخفيضاً في أسعار الفائدة دون معالجة وضع اقتصادي محدد فالركود يحتاج لتخفيض سعر الفائدة وبالمقابل نرفع سعر الفائدة لمعالجة حالات التضخم .

وهنا نصل الى نتيجة مفادها  :

(( لايمكن اجراء الاصلاح المصرفي دون اجراء الاصلاح الاقتصادي الشامل )) لقد حاولنا في القطاع المصرفي السوري القيام ببعض الاجراءات التي من شأنها أن تصلح هذا القطاع فتبين لنا :

ـ ان اعطاء صلاحية واسعة لمجلس الادارة يتطلب تعديل القانون 20 لعام 1994 الناظم لكل مؤسسات القطاع العام .

ـ ان تحسين وضع الأجور ووضع حوافز جديدة يتطلب تعديل قانون العاملين الموحد لعام 1985 .

- إن زيادة حجم المرونة يتطلب اعفاء المصارف من المرسوم 195 الناظم لانفاق الموازنة واجراء المناقصات .

ان هذه التعديلات البسيطة التي حاولنا البدء بها تحتاج لتعديل وتطوير قوانين ومراسيم أساسية في الدولة علما بأن الجميع يطالب بإلغاء أو تعديل هذه القوانين والمراسيم .

وبالتالي فالاصلاح المصرفي يعتبر مستحيلا دون البدء بمجموعة إصلاحات اقتصادية شاملة ومستمرة تطال كافة القطاعات.

ثانيا : الاصلاح المالي والنقدي والاصلاح المصرفي :

لقد ارتبط مفهوم الائتمان بمفهوم النقد، إذ لا يمكن أن نتصور وجود الائتمان دون وجود النقد ومن جهة ثانية فالنقد سوف يخلق الودائع والادخار التي تشكل مادة الائتمان والجميع يرتبطون بالاقتصاد الوطني الذي يكون أساسا لهذه المتغيرات الاقتصادية([3]).

ولايمكن تحقيق الثبات النسبي في أسعار الصرف وسلامة النقد الا من خلال المصرف المركزي الذي يسهر على سلامة الجهاز المصرفي، إضافة إلى ذلك يشكل القطاع المصرفي جزءا هاما من القطاع النقدي وتشكل السياستان المالية والنقدية مجموعة اجراءات متكاملة تساهم في التأثير على الحالة الاقتصادية حسب توجهات الحكومة فالسياسة المالية بمفهومها العلمي : هي مجموعة من الاجراءات التي تقوم بها الحكومة لمعالجة حالة اقتصادية معينة مستخدمة كافة الوسائل المالية من الضرائب والرسوم والنفقات العامة والقروض وذلك للتأثير على المتغيرات الاقتصادية الكلية وتحسين الوضع الاقتصادي))([4]) .

أما السياسة النقدية فهي :

"كل ما تقوم به الدولة من عمل تؤثر فيه بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي تحفظ بها القطاع سواء أكانت عملة أو ودائع أو سندات حكومية"([5]).

هذا يعني أن السياسة النقدية مجموعة من الاجراءات التي تتضمن أسعار الفائدة وسعر الصرف والاصدار النقدي بهدف التأثير  على الوضع الاقتصادي القائم.

يتضح من خلال مفهوم السياستين المالية والنقدية بأنهما تستخدمان مجموعة من الأدوات المتكاملة ( الضرائب ـ الانفاق العام ـ الدين العام ـ سعر الفائدة ـ سعر الصرف ـ الاصدار النقدي ) وغيرها من الأدوات بحيث لاتستطيع الحكومة معالجة حالة اقتصاديةبشكل كامل الامن خلال تكامل أدوات السياستين معا فمثلا لمعالجة التضخم بشكل فعال يتوجب على الحكومة زيادة سعر الفائدة من جهة وتخفيض الانفاق العام وزيادة معدلات الضرائب من جهة أخرى.

إن الإصلاح المصرفي الشامل يتطلب اصلاحا واضحا في السياستين المالية والنقدية كمقدمة لانطلاقة الإصلاح المصرفي ولايمكن أن يستقيم الاصلاح المصرفي بدون الاصلاح المالي والنقدي لقد كتب الكثيرون عن امكانية الاصلاح المصرفي وتطوير الأنظمة المصرفية لكن الأمر يتطلب اصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية في اطار برنامج اصلاح اقتصادي ومايؤكد ذلك اتجاهات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث يركزان  على ضرورة تحديد برنامج زمني ومؤشرات اقتصادية وأهداف محددة تصب جميعها على تخفيض حجم الطلب باستخدام كافة الأدوات المالية والنقدية بما فيها سداد الديون للعالم الخارجي بهدف تخفيض معدلات التضخم وتحقيق التوازن بين العرض والطلب([6]).

إن الإصلاح المصرفي في هذا الاطار يعني تحديد تكلفة حقيقية للاقراض وتقديم خدمات مصرفية مشابهة للخدمات المصرفية المقدمة في الدول المتقدمة وذات كفاية و عائديه ، إضافة إلى ذلك لا يجوز التوسع في الاقراض الافي اطار برنامج الاصلاح الذي يحدده الصندوق .

ثالثا : مفهوم الاصلاح المصرفي :

الإصلاح المصرفي: ((هو مجموعة من العمليات الشاملة والمستمرة التي تتضمن إعادة الهيكلة وتطوير الأنظمة والقوانين والتشريعات بحيث تساهم في زيادة حجم الإقراض والإيداع وتحسين الخدمات المصرفية الأمر الذي ينعكس إيجاباً على قطاعات الاقتصاد الوطني )).

إن هذا التعريف يتضمن مجموعة من خصائص الإصلاح المصرفي أهمها:

1.  إلغاء التخصص المصرفي والانتقال من المصرف المتخصص إلى المصرف الشامل الذي يقوم بأكثر الأعمال المصرفية ويستطيع توزيع القروض قطاعياً بين القطاعات وجغرافياً بين عدة أقاليم بحيث يخفف من مخاطر الاستثمار المصرفي ويضمن الانتشار الواسع لفروعه.

2.  تشكيل رأسمال بشري وذلك عن طريق إعادة فرز الموظفين بين من يريد العمل ومن لا يريد، وبين من لديه خبرات ومن لا يمتلك الحد الأدنى، بحيث يقوم المصرف بعد ذلك بتأهيل وتدريب الموظفين الجيدين، وينقل الآخرين إلى جهات أخرى أو إلى التأمينات الاجتماعية .

3.  إعداد أنظمة رواتب وأجور جديدة تتناسب مع طبيعة العمل المصرفي، ومن ثم إعداد نظام جديد للحوافز بحيث يصبح راتب الموظف في قطاع المصارف ما يعادل ثلاث مرات رواتب العاملين في قطاعات أخرى .

4.  إعطاء الصلاحيات للإدارة والفروع والأقسام والموظفين، فالمصرفي يجب أن يعطى صلاحيات واسعة لجذب الزبائن لأن استقبال أي زبون هو رهن إشارة الموظف.

5.  إعادة هيكلة الإدارات والدوائر والأقسام ضمن المصرف الواحد بحيث يؤدي ذلك لإلغاء بعض الدوائر والأقسام وإحداث دوائر وأقسام غير موجودة يتطلبها العمل المصرفي الحديث([7]).

6.  إعداد نظام إداري خاص بالمصارف يتضمن علاقات إدارية وآليات عمل تتناسب مع الطبيعة المصرفية ويكون بعيد كل البعد عن النظام الإداري في الأعمال الإنتاجية.

7.  تطوير أنظمة العمليات بحيث تتضمن آليات جديدة وأسس علمية لمنح القروض وإدخال كافة الخدمات المصرفية التي تعمل بها المصارف العالمية والمصارف العربية.

8.  إعادة النظر بتكاليف القروض وخاصة سعر الفائدة والعمولات ورسم الرهن والطوابع والتكاليف الأخرى بحيث يؤدي ذلك لتشجيع الإنتاج والأعمال الإنتاجية التي تحتاجها سورية في المرحلة الراهنة.

9.  إدخال نظام محاسبي مصرفي متطور  يستوعب كافة الأعمال والخدمات المصرفية وإلغاء النظام المحاسبي الموحد أو أي نظام مطبق يدوياً لا يلبي الطموحات المصرفية، لأن النظام المحاسبي الحديث يساعد على إجراء المراجعة والتدقيق وكشف الأخطاء عند حدوثها وتسهيل عملية الرقابة الداخلية.

10.         استخدام التقانة المصرفية من أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الربط والصراف الآلي والبطاقات المصرفية الحديثة وتطوير أنظمة معلومات في حال عدم وجودها تسهيلاً للعمليات المصرفية.

إن هذه النقاط والمحاور تشكل في مجموعها برنامج الإصلاح المصرفي لأن سيطرة الدولة على هذا القطاع منذ عام 1958 قد ساهمت في خلق تشوهات يصعب ترميمها فالتباين بين الأسعار المحلية أو الأسعار الرسمية أو الأسعار التجارية وآليات الإقراض قد زاد من حجم التباين بين المصارف المحلية والمصارف الأجنبية([8]).

لذلك لا بد من إعداد برنامج إصلاح مصرفي شامل يتضمن كافة القواعد المصرفية والإجراءات والتشريعات بحيث تساهم في إنجاز مصرف حديث.

رابعا : النظام المصرفي في سورية :

 يتألف النظام المصرفي في سورية من المؤسسات التالية  :

1 ـ المصرف المركزي وهو يشكل السلطة النقدية العليا في سورية حيث تم تأسيس مجلس النقد والتسليف ليصبح السلطة المسؤولة عن رسم معالم السياسة النقدية وذلك حسب القانون 23 لعام 2002([9]).

2 ـ المؤسسات المصرفية : وتتكون من المصارف العامة والخاصة وهي كما يلي :

آ ـ المصارف الحكومية وهي :

1 – المصرف التجاري السوري.

2 – المصرف الزراعي التعاوني.

3 – المصرف العقاري.

4 – المصرف الصناعي.

5 – مصرف التسليف الشعبي.

6 – مصرف التوفير.

7 – مصرف الاستثمار: لم يباشر أعماله حتى الوقت الحاضر.

ب : المصارف الخاصة : لقد شهدت سورية تأسيس ثلاثة مصارف خاصة ولم تباشر أعمالها بعد وهي:

1 – بنك التجارة الدولي يشارك به بنك الاسكان الأردني بواقع 49%

2 – بنك لبنان والمهجر .

3 – سوسيتي جنرال

حيث تتوقع الأوساط المالية والنقدية أن يشهد عام 2004 نشاطاً ملحوظاً للمصارف الخاصة في سورية.

خامساً : خصائص النظام المصرفي في سورية :

تسيطر الدولة على القطاع المصرفي بشكل كامل وذلك منذ عام 1963 وحتى نهاية عام 2003 لذلك يعتبر القطاع المصرفي بأنه قطاع حكومي وبالتالي يتميز العمل المصرفي في هذا القطاع بالخصائص التالية :

1 – التخصص والاحتكار : لقد حدد القرار /813/ الصادر عن وزير الاقتصاد لعام 1966 أهمية التخصص في حياة المصارف حيث ينقلها من مؤسسات متنازعة فيما بينها على الزبائن إلى مؤسسات متعاونة يعمل كل منها في المجال الذي تحدده الدولة له([10]).

لقد حقق التخصص المصرفي في بدايته في بداية الانطلاق ميزة للعمل المصرفي في سورية لكنه سرعان ما تحول مع بدايات عام 1980 إلى سلبية حيث أخذت المصارف العالمية تنتقل من مصارف متخصصة إلى مصارف شاملة تعنى بكافة الخدمات المصرفية والتجارية والخدمية .

إضافة إلى ذلك تمارس المصارف الحكومية صفة الاحتكار حيث لا يحق للزبون الحصول على القروض والتسهيلات إلا من المصرف المخصص له، فإذا ساءت العلاقة بين الزبون والمصرف يتعرض الزبون للإفلاس، فالتخصص والتقسيم أثر على كفاءة الإنتاج الصناعي والزراعي فدفع بالزبائن الجيدين للبحث عن مصادر تمويل خارجية غير شرعية نظراً لعدم السماح بالتعامل بالقطع الأجنبي بحرية ( إدخال وإخراج غير نظامي ) ودفع الزبائن السيئين للحصول على قروض وهمية أو قروض خصصت للعمل التجاري بدلاً من الصناعة والزراعة والعمل الإنتاجي .

وكانت الإجراءات الحكومية المصرفية تزداد تعقيداً فيهرب الزبون الجيد ويبقى الزبون الرديء حتى أصبحت المصارف المجاورة تمول حوالي 80% من الصناعة والعمليات التجارية بينما تخصص المصرف التجاري والمصرف الصناعي بإقراض الحرف والورشات الصغيرة وتمويل بعض المصدرين .

فالاحتكار الحكومي المصرفي لم يكن فقط بسيطرة المصارف الحكومية، بل بتقسيم المواطنين بين المصارف وإلزامهم بمصارف محددة مما أدى لتراجع الأداء المصرفي وتراجع أهمية الخبرة والخبراء في المصارف ..

2 – المالك والإدارة المركزية :

بما أن المالك هو الحكومة لذلك تخضع المصارف لجميع القرارات والقوانين والبلاغات التي تصدرها الحكومة وبالتالي يصبح المدير العام أو مجلس الادارة ملزماً بتنفيذ هذه القرارات وبذلك تنعدم المبادرة الفردية ويصبح موظفو المصارف خاضعين كغيرهم من موظفي القطاع العام لتوجهات ورغبات المالك، لذلك لم يحصل أي تعديل أو تغيير يذكر في شكل ونمط الادارة الحكومية منذ صدور المرسوم 18 لعام 1974 الناظم لعمل مؤسسات القطاع العام فالصلاحيات والوظائف والهياكل الإدارية ما زالت قائمة نفسها دون تعديل، وبذلك ظهر نمط الموظف الذكي الذي لا يمكن الاستغناء عن خدماته بسبب معرفته ليس بالقوانين والبلاغات والتعاميم، بل بكيفية الخروج من تعارض وتناقض هذه القرارات .

فالمركزية قد تكون مفيدة في مرحلة من المراحل، لكن شدة المركزية وتشديد قبضة الحكومة على المؤسسات المالية  خلق تشوهات عميقة مستحيلة الحل ووضع إدارات القطاع العام أمام موقف (( الأزمة )) .

3 – الكفاءات والخبرات :

إن خضوع المصارف ومؤسسات القطاع العام للمرسوم 18 لعام 1974 وتعديلاته بالمرسوم 20لعام 1994 وقانون العاملين الموحد لعام 1985 قد وضع المصارف أمام سلم من الأجر غير قابل للزيادة وحدد الحافز والمكافأة براتب عام 1985 وبالتالي انعدم الحافز المادي الذي يدفع الموظف للعمل والإنتاج وتحسين خبراته وكفاءته، ونظراً لعدم وجود المنافسة سواء بين مؤسسات القطاع الخاص والقطاع العام ولعدم وجود مصارف خاصة فقد تحول العمل المصرفي إلى عمل إداري روتيني يخضع لتعليمات حددتها الأنظمة والقوانين وبالتالي لا داعي للتأهيل والتدريب والدورات التدريبية الداخلية أو الخارجية الأمر الذي دفع موظفي القطاع العام للبحث عن أعمال ووظائف تدر لهم دخولاً سواء في القطاع الخاص أو خارج القطر في دول الخليج العربي([11]) .

إضافة إلى ذلك فقد غابت مراكز التدريب ومراكز البحث العلمي ولم يعد الاقتصاد السوري بحاجة لمثل هذه المراكز في الفترات السابقة وظهر في مجال المصارف دورات تدريبية من قبل مؤسسات مصرفية عربية تجري بعض الدورات بين الفترة والأخرى .

4- التقانة والاتصالات :

إن تطور وسائل الاتصال والمعلوماتية قد ساعد على تطوير آليات العمل في الصناعة وفي أكثر القطاعات وخاصة قطاع الخدمات وقد أدخلت المصارف التقانات الحديثة وأصبح بإمكان الزبون التعامل مع حسابه دون التواجد في ردهات المصارف، إضافة إلى ذلك فقد استخدمت المصارف أنظمة الاتصالات لتسريع وتيرة العمل وإنجاز التحويلات بأسرع وقت ممكن .

لم تستطع المصارف مواكبة مسيرة التطور التقني بمفهومها العلمي نظرا لخضوع المصارف للقوانين والقرارات الحكومية التي تعيق إدخال التقنية الحديثة وخاصة المرسوم 195 الخاص بإنفاق الموازنة وإجراء المناقصات وغيرها،لكن المصرف العقاري استطاع بفضل تجاوزه للروتين إنجاز تقنية متطورة وإدخال بطاقة سورية واستخدام الصراف الآلي وغيرها في حين لم تستطع باقي المصارف إدخال هذه التقنية بسبب الروتين والأنظمة والقوانين وما زالت عمليات الأتمتة في بداياتها في باقي المصارف .

إضافة إلى ذلك فالتقنية ترافقها عمليات تخفيض عدد الموظفين وسرعة إنجاز الأعمال لكن مؤسسات القطاع العام لا تستطيع تخفيض عدد العاملين أو حتى نقلهم إلى أماكن أخرى بعيدة، لذلك سوف تزيد التقنية الأعباء على المصارف الحكومية عند تطبيقها .

5- الخدمات المصرفية :

لقد تطور مفهوم الخدمات المصرفية بشكل كبير في الآونة الأخيرة ودخلت الصيرفة الإلكترونية وأنظمة التمويل عبر الانترنت والصراف الآلي وبطاقات التوفير الإلكترونية وغيرها بحيث أصبح البعض يطلق على العمل المصرفي الصناعة المصرفية .

إن المصارف الحكومية السورية حافظت على خدماتها التقليدية ولم تستطع إدخال الصيرفة الحديثة فالمصرف ما زال يقوم باستقبال الودائع وتقديم القروض وإجراء التحويلات وتمويل التجارة الخارجية ولم يدخل الأنماط المتطورة أو الخدمات الحديثة وذلك للأسباب التالية :

1-   عدم معرفة الموظفين بنوعية وآلية الخدمات الحديثة .

2-  عدم قدرة المصارف على إدخال هذه التقنيات بسبب ارتفاع التكلفة من جهة وطول فترة إجراء المناقصة .

3-  عدم وجود المنافسة يدفع المصارف للحفاظ على الخدمات القديمة وعدم تطويرها .

4-  ثبات الرواتب والأجور والحوافز الأمر الذي يدفع الإدارات العامة والخبرات لعدم إدخال خدمات حديثة .

5-   تخلف أنظمة العمليات وعدم القدرة على تطويرها في ظل الظروف القائمة .

إن هذه الأسباب دفعت المصارف للحفاظ على وضعها الحالي دون تطوير، والاكتفاء بالخدمات القديمة التي اعتادت المصارف عليها .

سادساً - الإيداع والتسليف :

أ‌-       تطور حجم الودائع :

تشكل الودائع أهم مصادر السيولة للمصرف إضافة إلى الخدمات الناجمة عنها وتطوير آلية الخدمة وما ينتج عنها من خدمات أخرى،

لقد شهدت المصارف السورية تطورا ملحوظا في زيادة حجم الودائع كما يظهر في الجدول رقم (1) .


الجدول رقم (1)

تطور حجم الودائع في المصارف السورية 1990 – 2001

السنة

ودائع تحت الطلب

ودائع لأجل وودائع التوفير

إجمالي الودائع

ل.س

الودائع الأجنبية (المعادل) ل.س

المجموع

معدل النمو الجاري

1990

35.9

30.9

65.9

4.1

70.0

-

1991

41.9

41.6

83.5

8.5

92.0

31.5%

1992

48.8

55.1

103.9

10.5

114.4

24.3%

1993

65.3

57.5

122.8

11.5

134.3

17.4%

1994

72.0

71.2

143.2

17.5

160.7

19.7%

1995

81.2

79.0

160.2

17.3

177.5

10.4%

1996

90.8

89.2

18.0

17.7

197.7

11.4%

1997

101.1

104.5

205.6

17.0

222.6

12.6%

1998

103.7

125.5

229.4

16.3

245.6

10.4%

1999

131.1

147.7

278.8

16.7

295.5

20.3%

2000

164.2

175.1

339.3

23.2

362.6

22.7%

2001

190.6

227.3

417.9

51.1

469.0

29.4%

المصدر: المجموعة الإحصائية السورية للأعوام المذكورة

يظهر من الجدول رقم (1) ما يلي :

1 – تطور الودائع تحت الطلب والودائع الآجلة بمعدلات متناسبة خلال الفترة 1990 – 1997 لكنه يلاحظ بأنه منذ عام 1997 وحتى عام 2001 تضاعفت الودائع وخاصة الآجلة بمعدلات مرتفعة ويعود ذلك للركود الذي سيطر على الاقتصاد السوري .

2 – يلاحظ من خلال تطور الودائع بأنه منذ عام 1990 – حتى عام 1994 كانت معدلات نمو الودائع مرتفعة وسطياً 22%

ثم تراجعت في الأعوام 1994 – 1998 وذلك بسبب توجه الأفراد للاستثمار خلال هذه الفترة، أما الفترة من عام 1998 – 2001 فقد شهدت عودة الودائع للارتفاع حيث سجل معدل نمو الودائع حوالي 22 % .

ويعود السبب في زيادة حجم الودائع لما يلي :

أ-انخفاض معدلات الربحية الوطنية خــلال فترة الركود حيث سجلت ما بين 7-8% في حين كان سعر الفائدة مستقراً 8 % .

ب-انخفاض حجم الطلب علـى الاستثمار حيث بلــغ الاستثمار في عام 2000 حوالــي 155 مليار ليرة سورية وهي تشكل 17% من الناتج المحلي الإجمالي([12]).

ج-بقاء أنظمة العمليات المصرفية والإجراءات والقوانين على حالها مما جعل الودائع ترتفع وبالمقابل يتراجع الاستثمار .

الجدول رقم 2 توزيع الودائع على القطاعات الاقتصادية للسنوات 1995 - 2001

سنوات

حجم الودائع ل.س

الودائع الأجنبية (المعادل) ل.س

المجموع العام ل.س

النسبة من الإجمالي

خاص

عام

مجموع

خاص

عام

مجموع

خاص

عام

مجموع

خاص

عام

1995

105.2

55.0

160.2

5.0

12.3

17.3

110.2

67.2

177.4

62%

38%

1996

119.1

60.9

180.0

5.5

12.2

17.7

124.6

73.1

197.7

63%

37%

1997

132.2

73.3

205.6

6.0

11.1

17.0

138.2

84.4

222.6

62%

38%

1998

152.5

76.8

229.4

6.0

10.2

16.2

158.5

87.1

245.6

65%

35%

1999

177.9

100.9

278.8

6.3

10.4

16.7

184.2

111.3

295.5

62%

38%

2000

209.3

130.1

339.3

9.7

13.5

23.2

219.0

143.5

362.6

60%

40%

2001

268.9

149.0

417.9

34.7

17.3

52.0

303.5

166.4

469.9

65%

35%

المصدر : المجموعة الإحصائية السورية للأعوام المذكورة .

وإن التوزيع المذكور حسب القطاعات الاقتصادية لا يقل أهمية عن دراسة توزيع هذه الودائع حسب أنواعها (حسب الآجال) والتي كانت كما يلي :

·       ودائع القطاع العام هي ودائع تحت الطلب ( حسابات جارية ) بنسبة بلغت أكثر من 99% من ودائعه في العام 2001 .

·       أما ودائع القطاع الخاص ( بما في ذلك المشترك والتعاوني ) فقد توزعت لنفس العام على الشكل التالي 44.8 مليار ليرة سورية ودائع تحت الطلب 7.7 مليارات ليرة سورية ودائع لأجل 216.2مليار ليرة سورية ودائع توفير أي أن نسبة الودائع تحت الطلب والودائع الآجلة وودائع التوفير إلى إجمالي ودائع القطاع الخاص عام 2001 بلغت على التوالي (17%) . (3%) . (80%) . كما يوضح ذلك الشكل التالي :

ب-  تطور حجم القروض المصرفية :

تعتبر القروض المصرفية النشاط الأساسي للعمل المصرفي رغم تطور الخدمات المصرفية وتطور مجالات الاستثمار والتوظيف المصرفي , لكن الاستثمار في مجال الأوراق المالية والمضاربة في سوق المال أكثر ربحية وسهولة في التمويل الى أصول سائلة([13]).

لكن مصطلح الائتمان قد ارتبط بالمصرف وارتبط المصرف بالائتمان وبالتالي مهما تطورت الأعمال والخدمات المصرفية ستبقى القروض النشاط الأساسي لكل مصرف .

تمتلك سورية قطاعاً مصرفياً كبيراً تسيطر عليه الدولة بالكامل ويسيطر العمل التجاري على النشاط المصرفي في سورية حيث يقدم المصرف التجاري السوري حوالي 70 % من حجم القروض الممنوحة للقطاعين العام والخاص وذلك حسب الجدول التالي :


الجدول رقم ( 3 )

تطور حجم القروض المصرفية في سورية خلال الفترة 1990- 2001 بمليارات الليرات السورية

السنة

قصير الاجل

طويلة ومتوسطة الاجل

المجموع

معدل نمو جاري

1990

65.6

13.5

79.1

-

1991

97.7

1.4

99.1

25.3%

1992

98.6

26.5

125.1

26.2%

1993

130.6

32.9

163.5

30.7%

1994

131.6

40.1

171.7

5.0%

1995

150.8

53.3

204.1

18.9%

1996

172.5

65.4

237.9

16.6%

1997

167.6

65.4

233.0

- 2.1 %

1998

191.2

63.9

255.1

9.5%

1999

191.2

63.9

255.1

0.0%

2000

199.0

65.0

264.0

3.5%

2001

175.4

94.4

269.8

2.2%

المصدر : المجموعة الإحصائية السورية للأعوام المذكورة .

 
يلاحظ من خلال الجدول رقم ( 3 ) ما يلي :

1-   ان معدل نمو القروض في السنوات السابقة كانت بمعدلات ثابتة تراوحت بين 25-30 % سنويا وذلك من عام 1990- 1993 .

2-      تراجع معدلات نمو القروض خلال الفترة 1997-2001 وذلك للأسباب التالية :

‌أ.   سيطرة الركود على الاقتصاد السوري وبالتالي انخفض معدل الربحية مقابل سعر الفائدة مما اضطر الصناعيين والتجار وأصحاب الفعاليات الاقتصادية للإحجام عن طلب القروض.

‌ب. تعقد إجراءات الحصول على القروض حيث سيطر خلال هذه الفترة الروتين والبيروقراطية والأمور الورقية اكثر من الفترات السابقة .

‌ج.  ارتفاع تكاليف الرهن حيث يصل الى 3.5 % من مبلغ القرض، الأمر الذي ادى الى رفع تكاليف الإقراض.

‌د.   تعرض العديد من المنشآت لمخاطر الافلاس نتيجة ظروف السوق وظهور بعض السماسرة للتوسط في منح القروض مما زاد في تكاليف الإقراض .


سابعاً : الودائع والقروض والناتج المحلي الاجمالي :

تعبر المؤشرات المصرفية ( الودائع – القروض – المضاربة في أسواق المال)  عن حالة الاقتصاد الوطني فكلما ازداد حجم الودائع وانخفض حجم الإقراض كلما وصفنا الحالة بالركود وبالمقابل كلما ازداد حجم القروض كلما كانت الحالة رواجاً اقتصادياً.

اضافة الى ذلك لكي نستطيع اجراء المقارنة بين الاقتصاديات وبين الدول لابد من ربط المؤشرات المصرفية بالناتج لكي نحسن التقدير من جهة ونصل الى النتائج الواقعية من جهة اخرى .

فيما يلي الجدول رقم (4)

جدول رقم (4)

علاقة الودائع والقروض بالناتج المحلي الإجمالي

في سورية خلال الفترة 1990-2001 ( مليارات الليرات السورية )

السنة

الناتج المحلي الاجمالي

اجمالي الودائع

اجمالي القروض

القرض الودائع %

الودائع

الناتج %

القروض

الناتج %

1990

268.3

70.0

79.1

113%

26%

29%

1991

311.5

92.0

99.1

107%

29.5%

31.8%

1992

371.6

114.4

125.1

109%

31%

33.6%

1993

413.8

134.3

163.5

121%

32%

39.5%

1994

506.1

160.7

171.7

106%

31%

34%

1995

570.9

177.5

204.1

114%

31%

35.7%

1996

690.8

197.7

213.8

108%

28%

30.9%

1997

745.5

222.6

237.9

106%

29%

31.9%

1998

790.4

245.6

233.1

94%

31%

29%

1999

819.1

295.5

255.1

86%

36%

31%

2000

903.9

362.6

264.0

72%

40%

29%

2001

947.8

469.0

269.8

57%

49%

28%

المصدر : المجموعة الإحصائية السورية للأعوام المذكورة.

يلاحظ من خلال الجدول رقم ( 4 ) ما يلي :

1-   استمرت القروض أكبر من الودائع من عام 199. وحتى عام 1998 حيث كانت المصارف تقوم بتشغيل الودائع بشكل اقتصادي وكانت الحالة الاقتصادية توصف بالرواج   أما منذ عام 1998 فقد أصبحت القروض أقل من حجم الودائع وبالتالي تعطلت الأموال في الجهاز المصرفي حيث بلغت نسبة تشغيل الأموال في عام 2001 حوالي 57% وتعبر هذه الحالة عن الركود .

2-   بلغت نسبة الودائع للناتج وسطياً 30% حتى عام 1999 ثم ازدادت لتصل الى 40 % في الأعوام الأخيرة نتيجة الركود .

3-   بلغت نسبة القروض للناتج وسطياً 35% خلال سنوات الرواج 1990 – 1995 ثم تراجعت بعدها الى 29 % وهي نسبة متدنية وتعبر عن حالة الركود في حين يصل المعيار العالمي 60-70% من حجم الناتج او في حالات الرواج يجب ان تتراوح النسبة بين 90-100% من الناتج.

ان علاقة القروض والودائع بالناتج هي علاقة غير اقتصادية كما يظهر من خلال الجدول فالودائع ارتفعت في السنوات الأخيرة لتصل الى 49% والقروض انخفضت الى 28% وبالتالي فإن حالة الركود قد لا تكون السبب في الانحرافات الحاصلة عن المعايير العالمية وبالتالي نعزو السبب للوضع المصرفي والعلاقات المصرفية حيث لا تستطيع المصارف  الحكومية حتى الوقت الحاضر استخدام أنظمة التسويق لجذب الودائع وتعميم أنظمة ادخار حديثة ومن جهة ثانية فإن فترة الحصول على القرض والإجراءات غير جاذبة للمقترضين الأمر الذي يدفعهم للحصول على القروض من المصارف اللبنانية والأردنية بغية تمويل مشروعاتهم , لذلك اضطرت الحكومة لإدخال مصارف خاصة جديدة بحيث تساهم في تطوير التعليمات والأنظمة المصرفية .

ثامناً: الصعوبات والمشاكل المصرفية :  

إن قدم القوانين والتشريعات المالية والنقدية في سورية قد أثر سلباً على كافة قطاعات الاقتصاد الوطني وجعل كل تطوير أو تحديث في أي مجال من المجالات دون قيمة , اضافة الى ذلك فإن إقرار قانون العاملين الموحد عام 1985 قد ساهم في قتل روح الإبداع والمبادرة الفردية وأدى لانعدام الحافز المادي على العمل ووجدت سورية نفسها أمام مجموعة من المشاكل والصعوبات الغير القابلة للحل وأصبح الإصلاح الاقتصادي الشامل الأمل الوحيد للتخلص من المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد السوري.

وللتعرف على المشاكل المصرفية بشكل واضح سوف نقسمها الى مجموعات متجانسة كما يلي :

1- الصعوبات القانونية والادارية :

تخضع المصارف كمؤسسات حكومية لجميع القوانين والتشريعات الناظمة لعمل القطاع العام رغم وجود فروقات واضحة بين معامل الغزل والنسيج او الأحذية والمؤسسات المصرفية ومع ذلك يعتبر المالك هذه المؤسسات عامة ويخضعها للسلطة المركزية ولجملة القوانين دون تمييز واهم المفارقات :

أ - خضوع المصارف للمرسوم 20 لعام 1994 الناظم للعمل في مؤسسات القطاع العام الذي يحدد صلاحيات المدير العام وأعضاء مجلس الادارة وتعويضاتهم وآلية اختيارهم دون تمييز بين آلية عمل المؤسسات فالمصرف مؤسسة خدمية لا يمكن ان تخضع لهذا المرسوم وكذلك المصرف مؤسسة مالية ذات طابع مرن وديناميكي تحتاج للسرعة للتعامل مع زبائن يطلبون خدمة فكيف تتم التسوية في المعاملات.

ب - خضوع المصارف للمرسوم 195 الناظم لاجراء المناقصات والعقود فالمصرف الذي يحتاج لتجهيزات إلكترونية متطورة يضطر لإعلان مناقصة واختيار العرض الأدنى رغم تدني الجودة والأداء .خضوع المصارف للأجهزة الرقابية غير المتخصصة بالعمل المالي والنقدي فالمفتش الذي يعمل في قطاع الغزل ينقل مباشرة دون تأهيل وتدريب للتفتيش في قطاع المصارف الامر الذي يدفع الموظفين للتباطؤ في العمل وزيادة شدة الحرص ومع ذلك يعاقب المجد والمبدع والخبير ويكافئ من يتبع دوره ورقية مستندية صحيحة بغض النظر عن النتائج .

ج - خضوع المصارف لقانون العاملين الموحد الذي يحدد درجات وظيفية ورواتب موحدة وحوافز موحدة رغم اختلاف اليات العمل فالموظف أمين الصندوق يتقاضى 125 ليرة سواء كان في شركة عامة أو في المصرف رغم الاختلاف الجذري في طبيعة العمل .

د - خضوع المصارف للخطة السنوية التي تتم مناقشتها في مجلس التخطيط الاعلى ولا يحق لاي جهة التعديل او الخروج عن الخطة حتى اعداد خطة العام القادم .

ه - خضوع المصارف لجميع البلاغات والتعاميم والهواتف المسجلة والقرارات التي تصدرها الحكومة بصفتها المالك , الامر الذي يؤدي لمخالفة القوانين رغم علم الحكومة بذلك فالتعميم يلغي القانون ومع ذلك تلتزم المصارف بالتنفيذ مثال: تعميم الحكومة بتخفيض المحروقات 25% بغض النظر عن الخطة او الموازنة الصادرة بقانون .

و - الحكومة تضع القوانين ثم تقوم بخرقها فالسرية المصرفية صدرت بقانون ومع ذلك تطلب وزارة المالية او الجهات العامة معلومات عن الصناعيين حول الوضع المالي او القروض التي يحصلون عليها  .

ز - ارتباط الانظمة الادارية والتعيينات بالوزير المختص وبالتالي تصبح الصلاحيات المعطاة للمدير او مجلس الادارة في ادنى حدودها رغم ان المرسوم رقم /20/ قد اعطى مجالس الادارة اوسع الصلاحيات لكي تستطيع المجالس الاسراع في حل المشاكل والصعوبات القائمة.

ح - التخصص المصرفي كان ميزة في الماضي اما اليوم فقد اصبح سلبية ومع ذلك ما زال المالك يحتفظ بقراره الصادر عام 1966 بالحفاظ على التخصص المصرفي ولا تستطيع المصارف الخمسة الاخرى التعامل بالقطع الاجنبي الا المصرف التجاري السوري ومع دخول المصارف الخاصة تصبح هذه المصارف معرضة للافلاس اضافة الى ذلك لا يساعد التخصص المصرفي على توزيع المخاطر لانها تنحصر في جهة معينة وشريحة معينة فكل أزمة تؤدي لعدم قدرة المقترضين على الدفع فتقوم الدولة بإعادة الجدولة. فالتوزيع الجغرافي والمهني العامودي والأفقي للمخاطر يخفف على المصارف تعرضها للأزمات .

2- أنظمة العمليات :

تعتبر أنظمة العمليات الإطار التنفيذي الناظم لعمل المصارف وعادة ما يصدر هذا النظام بقرار من الوزير المختص ويصبح بمثابة القانون ويصعب إجراء التعديلات على هذه الأنظمة الا كل 10- 15 سنة  تعاني أنظمة العمليات من الصعوبات التالية :

1-   قدم جميع أنظمة العمليات في المصارف السورية حيث يعود أكثرها لعام 1985 والمصرف التجاري السوري لاكثر من 20 عاماًً فالمبالغ المخصصة لتمويل مجال محدد أصبحت غير ذات جدوى ولا يقدم التاجر للحصول عليها .

2-   ارتباط أي تعديل بالوزير الذي لا يصادق أو لا يصدر قرار الموافقة إلا بعد سنة أو أكثر وعادة لا يستجيب لذلك .

3-   ارتباط أنظمة العمليات بعدة وزارات ودوائر وبالتالي يصبح المصرف جهة تساهم في تحصيل الديون المستحقة لوزارة المالية والإدارة المحلية وغرفة الصناعة والتجارة والاتحاد العام للحرفيين ودوائر أخرى ذات العلاقة .

فالصناعي لا يمنح القرض إلا بعد الحصول على براءة ذمة من الجهات المذكورة .

فالمشرع القانوني وضع المصرف أمام مجموعة براءات ذمة يلتزم بها لكي تتحصل الديون الأخرى

4-   حدد نظام العمليات سقفاً للقرض ونسب محددة للتمويل في عام 1985 ورغم التطور الحاصل مدة 17 عاماً ما زالت المصارف ملتزمة بالنظام القديم وكل مخالفة تعرض مجلس الادارة للعقوبات .

5-    ازدياد حجم الأوراق المطلوبة للحصول على القرض رغم عدم حاجة المصرف للعديد منها ومع ذلك تطلبها المصارف ويجني معقبو المعاملات أرباحاً طائلة لإنجاز المعاملة .

6-   كما تعامل الوزارة المصرف بالمركزية الشديدة تقوم الادارة العامة في كل مصرف بالتشدد وزيادة المركزية بعدم إعطاء الفروع الصلاحيات اللازمة مما يبقي الفرع ديوان لاستلام طلبات الاقتراض .

7-   عدم وجود أي أثر لخدمات مصرفية حديثة أو أي أنماط جديدة من الودائع والقروض وكل ما تتضمنه هذه الأنظمة من خدمات مصرفية يعود لعقد الثمانينات من القرن الماضي .

3- الكفاءات والصعوبات الوظيفية :

تعتبر الكفاءات في أي مصرف من المصارف الأداة الإنتاجية الأساسية لان المصرف يقدم خدمة وإذا لم يتوفر من يقدمها بشكل جيد فقد المصرف الزبون وتحول الى هيئة حكومية مثل دوائر التموين والمؤهلات والأحوال المدنية .

وفي هذا الاطار تعاني المصارف الصعوبات التالية :

1-   عدم القدرة على اختيار الكفاءات الجيدة الا من خلال مسابقة عامة يدفعها الجميع دون استثناء ولا يحق للمصرف التمييز بين المتسابقين من حيث الكفاءة او الخبرة او فترة العمل السابقة .

2-   وجود اعداد كبيرة من الموظفين لا يمتلكون الحد الأدنى من الشهادات  والكفاءات حيث يبلغ 80 % من موظفي المصارف ممن يحملون شهادات مادون المعهد المتوسط ( ثانوية عامة – اعدادية – ابتدائية )

وبالتالي فإن دورات التأهيل والتدريب التي تقوم بها المصارف لا تؤدي إلى النتائج المطلوبة ولا تساهم في تحسين ظروف العمل المصرفي .

3 – عدم قدرة المصرف على صرف الموظفين غير القادرين على متابعة مسيرة العمل المصرفي أو الموظفين غير المرغوب بهم .

4 – تدخل الجهات الوصائية بتعيين المدراء وبعض الموظفين الأمر الذي يدخل عامل الوساطة الشخصية ويلغي عنصر الخبرة والكفاءة .

5 – وجود مجموعة عناصر من العاملين غير مؤهلين وغير قادرين على العمل وليست لديهم الرغبة في العمل   على من يريد العمل ويحب العمل وهذه المجموعة تريد رواتب مرتفعة وحوافز أكثر من العاملين المنتجين حتى لو كان ذلك على حساب المجدين والمجتهدين .

6 – الأجور محددة بقانون العاملين الموحد ولا يستطيع المدير العام أو مجلس الادارة منح أي راتب أكبر من الراتب المحدد بالقانون، وبالتالي يأتي للعمل في المصارف من لا يستطيع أن يجد عملاً في القطاع الخاص أو من ليست لديه الأهلية أو الخبرة في العمل .

7 – الحوافز والعمل الإضافي محدد حسب قانون العاملين الموحد لعام 1985 ومثبتة على أساس رواتب 1985 وكان الموظف يأكل ويشرب بأسعار 1985 – أوجدت الحكومة نص القانون وهي غير قادرة على إلغاء النصوص التي صاغتها (عدة قوانين)

  العمل الإضافي ما بين 200 – 300 ليرة سورية والحوافز يجب ألا تتجاوز 1700 ليرة سورية شهرياً من المسؤول ؟ وإلى متى ستستمر هذه الحالة ؟

8 – التأهيل والتدريب في حدوده الدنيا وهو داخلي وعلى أنظمة مصرفية متطورة، جميع المدربين السوريين أو العرب قدموا برامج تدريبية متطورة وخدمات مصرفية متطورة والإيرادات المصرفية مسرورة من هذه البرامج، لكن لا يستطيع الموظف المتدرب تطبيق أي تعليمه مما تعلمه لأن الأنظمة والقوانين قديمة ولا يستطيع المتدرب تطوير أي عمل لأن مديره أو معلمه لا يسمح له بذلك هكذا التعليمات ؟

فالتدريب بهذه الحالة يصبح عبئاً على المؤسسة ويدفع المتدربين الذين امتلكوا مهارات جديدة للبحث عن مواقع عمل جديدة .

9 – لا تستطيع المصارف الحكومية تحديد برامج لدورات التأهيل وماذا تريد من الدورة ومن المدربين ؟ والتدريب يجري حالياً بصورة عفوية دون أهداف دون برامج محددة ولا يستطيع أي مصرف الاستفادة من هذه الدورات التدريبية لأنه ما زال يعمل بأنظمة قديمة بعيدة كل البعد عن الخدمات المصرفية الحديثة .

4 – الإجراءات الإدارية :

تشكل الإجراءات والهيكل الإداري أهم مقومات النجاح في العمل المصرفي فكلما ازداد الوضوح في العلاقات الإدارية وتحددت المسؤوليات كلما حققت تنظيمات الأعمال خدمات أفضل وأسرع للزبائن، إضافة إلى ذلك لا يقف الهيكل الإداري عند حد معين، بل يتبع مستويات التطور الحاصلة في الاقتصاد الوطني والعالمي، وكثيراً ما تتبدل الأنظمة والمهام الإدارية وتظهر وظائف وأقسام جديدة لم تكن موجودة في السابق، حتى المهام الملقاة على عاتق مدير معين أو مديرية مختصة تتطور مع تطور الأعمال .

فالسؤال المطروح ما هي الإجراءات الإدارية القائمة في المصارف ؟ وهل تتناسب مع طبيعة العمل المصرفي والتطورات العالمية ؟

لقد حدد المرسوم 18 لعام 1974 المهام والمسؤوليات والهياكل الإدارية لجميع مؤسسات القطاع في سورية وما زالت هذه الهياكل قائمة حتى الوقت الحاضر دون تعديل أو تطوير وبالتالي ظهرت مجموعة من المشاكل والصعوبات أهمها :

1 – تخلف الهياكل الإدارية القائمة حيث ظهرت وظائف جديدة وألغيت وظائف قديمة ومازالت المؤسسات العامة تعمل بهذا النظام الذي ظهر في المرسوم 18 لعام 1974 وأهم الملاحظات :

-         المدير العام هو رئيس مجلس الادارة أيضاً .

-         المدير المالي هو عضو مجلس إدارة في الشركات الإنتاجية وهو عنصر فاعل في حين يكون العنصر الفاعل في المصارف مدير التسليف ومع ذلك لا يدخل في مجلس الادارة .

-         الصلاحيات الممنوحة منقوصة وغير محددة لأن صياغة المرسوم 18 أو المرسوم 20 قد نصت على ما يلي        ))يتمتع مجلس الادارة بأوسع الصلاحيات)) ثم يأتي فيما بعد في بعض المواد يحق للوزير المختص كذا يصادق أو يرفض – وهكذا 000

فالمجلس لا يتمتع بالصلاحيات الممنوحة لأنها غير محددة بشكل دقيق ..

2 – إن غياب التحديد العلمي الدقيق للصلاحيات والمسؤوليات يدفع الموظفين لزيادة حجم المراسلات بهدف الحصول على موافقات، إن أي خطأ في دفتر الشروط لأية مناقصة يحتاج لحوالي عدة أشكال من المبررات ومع ذلك يجب أن يتحمل المسؤولية شخص ما قد لا يكون نفسه المخطىء .

3 – تحتاج المصارف لأنظمة إدارية حديثة عصرية فالنظام الإداري القائم في شركة سيرونيكس لا يصلح للمصرف الصناعي وكما هو معلوم فالمصارف تعمل بنظام إداري مصرفي يعالج ويدرس مشاكل الزبائن والخدمات المصرفية .

4 – تمارس المصارف مركزية شديدة على الفروع ولا تعطي الدوائر المركزية صلاحيات واسعة للفروع حتى لا يمكن أن يؤتمن لفرع على إضبارة لترسل جميعها بالبريد وسيستغرق الأمر عدة أيام لوصولها ومن ثم عودتها ولا يأخذ الزمن أي أهمية في ظل هذا الهيكل الإداري القائم .

5 – لا تعمل المصارف بنظام الفاكس أو الإنترنت لأنها وسيلة إثبات غير رسمية حتى الوقت الحاضر لأن نظام المراسلات يتضمن إرسال القرار مع الاضبارة والأوراق الثبوتية الكاملة، لذلك لا يباشر الفرع بصرف القرض إلا إذا حضرت جميع الأوراق فكيف نعمل بنظام الإنترنت إذا أردنا تعميمه .

وحتى الوقت الحاضر لا يوجد تشريع قانوني للفاكس أو الإنترنت وهما وسائل إدارية مساعدة فقط .

4-      التقنية ومكننة الحسابات:

إن تطور وسائل الاتصال وأجهزة الربط وظهور شبكة الإنترنت كان عاملا هاما ومساعدا لتطوير الأعمال المصرفية وانتشار خدماتها محليا ودوليا" لأن كل عملية تحويل في الماضي بين مصرف وآخر أو بين ثلاثة مصارف كانت تستغرق 20 إلى 30 يوما" أما الآن فأصبحت التقانات الحديثة تختصر هذه المسافة لأيام وأحيانا لساعات .

وكل مصرف لا يستطيع إدخال واستخدام هذه التقانات الحديثة لا يستطيع مجاراة التطور الحاصل في قطاع الخدمات المصرفية وبناءً على ذلك تعاني المصارف السورية من الصعوبات التالية :

1-  تعاني المصارف العامة من نقص واضح قي الأجهزة التكنولوجية وخاصة الكمبيوتر – الفاكس – أجهزة الربط – الصراف الآلي وغيرها فالأجهزة الموجودة في فروع المصارف قديمة وتحتاج للتحديث أو الاستبدال لتواكب التقانات الحديثة المستخدمة في المصارف .

2-  حتى الآن لا تستخدم المصارف فيما بينها شبكة الإنترنت وحتى الادارة العامة لا تستخدمها مع فروعها لأن أنظمة المراسلات لا تسمح كما ذكرنا بذلك .

3-  لم يستطع أي مصرف إنجاز الربط الكامل بين الادارة والفروع فالبعض حقق بعض الإنجازات الجزئية والبعض ما زال يعاني من مشاكل الربط .

4-  النظام المحاسبي المستخدم هو النظام المحاسبي الموحد وهو لا يصلح للمؤسسات الإنتاجية فكيف يطبق على المصارف، لقد ساهم هذا النظام بتخلف المؤسسات وتخلف القطاع العام ومع ذلك ما زال مستمرا حتى الوقت الحاضر ولا تستطيع المصارف شراء أنظمة متطورة خاصة بالمصارف لأن تكاليفها مرتفعة تصل إلى 50 مليون أي ما يعادل نصف الأرباح السنوية للمصرف الرابح .

5-  الأنظمة الرقابية الداخلية غائبة تماما بسبب غياب النظام المحاسبي ولا تستطيع المصارف أو الرقابة المالية حتى في نهاية العام اكتشاف الأخطاء، لقد اكتشفنا بعض الأخطاء تعود لعدة سنوات .


تاسعاً- اختبار الفرضيات المطروحة :

إن تحليل وتوصيف هذه المشكلات والصعوبات القائمة قد يعتبره البعض ضرباً من الخيال وعدم التفاؤل ولكي نؤكد وجود هذه الصعوبات وظهور الآثار السلبية لها سوف نستخدم المؤشرات التالية :

1-   مؤشر القروض للناتج المحلي الإجمالي :

تشكل القروض للناتج المحلي الإجمالي حوالي 60- 70% في الأحوال الطبيعية بحيث تكون المصارف مسيطرة على حركة النقد في الاقتصاد الوطني فمثلا يصل حجم التعامل بالنقود الخطية في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 90% ويصل حجم التعامل في أوربا حوالي 80% ويبلغ وسطي الدول النامية 50% أما سورية فقد وصل مؤشر النقود الخطية لحدود 49% حسب الجدول رقم (4)

لكن حجم القروض للناتج تراجع في السنوات الأخيرة من 40% عام 1993 إلى 28% في عام 2001 إن هذا التراجع لم ينجم عن انخفاض حجم المدخرات في المصارف لأن الودائع ما زالت في تزايد مستمر حيث وصلت إلى 49% من الناتج وانما ينجم عن ثلاث أسباب رئيسة :

1-   الصعوبات التي تعاني منها المصارف والنظام المصرفي .

2-   ارتفاع سعر الفائدة إلى أكثر من معدل الربحية الوطنية

3-   حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد السوري .

فإذا اعتبرنا الصعوبات وسعر الفائدة مشاكل مصرفية هذا يعني أن الصعوبات المصرفية تشكل 66% من أسباب تراجع حجم القروض للناتج .

2-   مؤشر استثمار الودائع :

تعتبر الودائع المورد الأساسي للأموال في المصارف فكلما ازداد حجم الودائع كلما ازدادت إمكانيات المصارف على الإقراض والتوظيف والاستثمار، لكن زيادة الودائع تصبح نقمة وسلبية إذا لم يحسن المصرف استثمارها وتوظيفها في المجالات الصحيحة أو إذا تركها مجمدة ودون توظيف ويلاحظ من خلال الجدول رقم (4) بأن حجم الودائع المصرفية أكبر من القروض في المصارف السورية ولنستخدم المؤشر التالي :

معدل إقراض الودائع = القروض والسلف/ الودائع × 100

فإذا أخذنا المصارف لعام 1996 نلاحظ ما يلي : المعدل = 213.8/197.7 = 108%

هذا يعني أن المصارف بشكل عام تستثمر ودائعها بشكل فعال أما في عام 2001 فيلاحظ ما يلي :

          المعدل = 269.8/469.0 = 57%

إن هذه النتيجة معاكسة تماما للنتيجة في عام 1996 حيث يظهر وجود أموال مجمدة لا تستثمرها المصارف وبالتالي نسبة استثمار الودائع تبلغ 57% فأين المشكلة ؟

إن انخفاض معدل استثمار الودائع في المصارف السورية يوضح مجموعة من المشاكل وليس مشكلة واحدة.

المقترحات والتوصيات :

أن التعرف على أسباب المشكلة وتفاعلاتها وآثارها السلبية وعلاقتها بالمتغيرات الاخرى تشكل الخطوة الأولى باتجاه الحلول العلمية  والموضوعية وبما أننا نتحدث عن ظاهرة مصرفية ضمن اقتصاد وطني كبير فلا بد من التركيز بان عملية الإصلاح المصرفي بمفردها سياسة لا يحالفها النجاح لأنها تشكل واحة في صحراء، فعندما تجف المياه  تعود الواحة لتصبح جزءا جديدا من الصحراء لذلك لابد من إجراء الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يتناول جميع القطاعات ويحدد التوجه الاقتصادي العام للدولة 0

وبناء على ذلك يمكن صياغة مشروع الإصلاح المصرفي الذي يتناول النقاط والمحاور التالية :

1.  إلغاء التخصص المصرفي والانتقال من المصرف المتخصص إلى المصرف الشامل الذي يستطيع تنويع استثماراته وتوزيع المخاطر بين القطاعات واستخدام كل الإمكانيات المتوافرة لديه باتجاه زيادة الربح وتحسين الخدمات المصرفية .

2.    الاهتمام برأس المال البشري الذي يتضمن :

            أ‌-         اعادة توزيع الموظفين حسب الاختصاصات .

             ب‌-   نقل الموظفين غير القادرين على مواكبة التطورات الحديثة والعمل المصرفي إلى قطاعات أخرى أو إلى نظام التأمينات الاجتماعية .

             ت‌-   استخدام التأهيل والتدريب المستمر لجميع العاملين بحيث يصبحون رأسمالاً بشرياً متطوراً يدر دخلاً أكبر على المصرف.

3.  صياغة نظام رواتب وحوافز جديد يخص العمل المصرفي بغض النظر عن القطاعات الاقتصادية الاخرى حيث توزع المصارف العربية سنوياً رواتب تتراوح ما بين 14-16 شهرا وسطياً أي يحصل موظف المصرف سنوياً على رواتب أربعة أشهر إضافية بخلاف الموظف المماثل في القطاعات الاخرى .

4.  إعطاء صلاحيات واسعة لمجلس الادارة والفروع والموظفين لان هؤلاء جميعا هم مصرفيون ، فإذا لم يستطع المصرفي اتخاذ قراره بسرعة فإن الزبائن تهرب إلى مصارف أخرى .

5.  اعادة هيكلة المصارف وفق الهياكل الإدارية المعمول بها في المصارف العالمية بحيث نحدد من جديد صلاحيات المدير العام ومجلس الادارة ومدراء الفروع ومسؤوليات كل إدارة أو قسم وذلك حسب شبكة إدارية متكاملة يظهر فيها الوضوح والدقة والموضوعية .

6.  إقرار نظام إداري مصرفي يتضمن آليات عمل جديدة بين جميع المستويات الإدارية يختلف عن النظام الإداري في القطاعات الإنتاجية ويأخذ بعين الاعتبار طبيعة ونوعية الخدمات المصرفية وآلية جذب المودعين والزبائن للادخار والاستثمار والاقتراض بحيث يؤدي هذا النظام الإداري لخلق خدمات مصرفية متطورة كما هو الحال في الأنظمة المصرفية العالمية .

7.  تطوير أنظمة العمليات القائمة لتتناسب مع الظروف الجديدة وبذلك نحتاج لتعديل نسب وشروط الإقراض آلية الحصول على القرض والكفالات والضمانات والرهونات المطلوبة وفترة الحصول على القرض والمجالات التي يحق فيها لكل مستوى إداري الإقرار بها ومنحها للزبائن بحيث يتناسب هذا النظام مع الأنظمة العالمية.

8.   إدخال نظام محاسبي مصرفي و إلغاء النظام المحاسبي الموحد لان هذا النظام الحديث يساعد على إجراء الرقابة الذاتية والمراجعة والتدقيق المحلي والدولي ويساعد على إجراء الربط الإلكتروني بين الادارة والفروع والحصول بشكل آني على الوضع المالي لكل مصرف .

9.   استخدام التكنولوجيا المصرفية الحديثة التي تتناسب مع طبيعة العمل المصرفي – أجهزة كمبيوتر – صراف آلي – أجهزة الربط – برامج ربط حديثة – الانترنت .

10.  إخضاع المصارف العامة والخاصة لرقابة  مفوضية الحكومة لدى المصارف وإلغاء الرقابة غير المصرفية مثل رقابة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ورقابة جهاز الرقابة المالية 

وغيرها من أنواع الرقابة الاخرى لان المفوضية جهاز رقابي مصرفي متخصص يوجه المصارف ويراقب عملها ويرشدها للطريق الصحيح  .

إن هذه النقاط والمحاور تشكل في مجموعها برنامج الإصلاح المصرفي الذي يمكن أن نعتمده لتطوير المصارف الحكومية وفيما عدا ذلك يشكل ترميما لبعض المخاطر والعقبات لا يؤدي إلا لصعوبات جديدة تنتقل المصارف من صعوبات لأخرى ومن مشاكل إلى أخرى .

فالإصلاح كان ومازال برنامجا متكاملا لايمكن تجزئته .



[1]    المؤلف، الإصلاح الاقتصادي في سورية، ندوة سيما، دمشق 2001، ص6.

[2]    منى قاسم، الإصلاح الاقتصادي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1997، ص29-30.

[3]    مكرم صادر: تحديث النظام المصرفي في سورية، ندوة الثلاثاء الاقتصادية، دمشق 2001، ص2.

[4]     المؤلف: اقتصاديات المال والسياستين المالية والنقدية، دار الحسنين، دمشق، 1997، ص219-220.

[5]     خضير عباس المهر، التقلبات الاقتصادية بين السياسة المالية والنقدية، عمادة شؤون المكتبات، جامعة الرياض، 191، ص175-183.

[6]     هشام متولي : صندوق النقد الدولي , ترجمة , دار طلاس، دمشق 1993،ص215ـ 219

[7]     شفيق الأخرس: تحديث النظام المصرفي في سورية، ندوة الثلاثاء الاقتصادية دمشق 2001 ص2.

[8]     سوزان كرين وآخرون: العمل المصرفي في سبيل التنمية، مجلة التمويل والتنمية آذار 2003، المجلد40، العدد1، ص26.

[9]     القانون 23 لعام 2002 دمشق  ص 1.

[10]     النظام النقدي والمصرفي في سورية، مركز الرضا للكمبيوتر، دمشق 2000، ص52.

[11]     نبيل سكر: الإصلاح المصرفي في سورية، ندوة الثلاثاء الاقتصادية، دمشق 1995 ص7.

[12]     المجموعة الإحصائية السورية لعام 2001 ص 553.

[13]     عقيل جاسم عبد الله : النقود والمصارف الجامعة المفتوحة , بنغازي 1994 , ص 259.