أولاً ـ السياحة في العالم

1 ـ لمحة موجزة عن نشأتها:

لم تكن السياحة حتى أوائل القرن العشرين الا ترفا لمهراجات ولكبار الأغنياء ومحبي المغامرات، وكانت تستغرق كل رحلة على الاغلب عدة أسابيع أو أشهر للانتقال من قارة الى أخرى، ونادرا بين أقطار القارة الواحدة.

ومع بداية القرن العشرين وانجاز قطار الشرق السريع، تطورت السياحة واصبحت أيضا في متناول المترفين ومحبي الاطلاع والمعرفة، يتنقلون بين بلد وآخر في القارة الاوروبية، حتى أن «THOMAS COOK» اخترع الشيكات السياحية لاستعمالها في أول الامر من قبل المسافرين بقطار الشرق السريع، ومن ثم عم استعمالها في أنحاء العالم كشيكات للسياح عامة ثم كوسيلة دفع عالمية، كما أن تطور النقل البحري جعل البواخر الضخمة تعبر المحيطات وتنقل سواحا، يعتبرون رحلتهم في الذهاب والاياب مع فترة التوقف القصير في مرفأ الوصول، سياحة شيقة وهامة.

وبعد الحرب العالمية الاولى، شرعت قوانين للعمل في البلاد الاوروبية أوجدت العطل السنوية، مما سمح للطبقات الوسطى اضافة الى الفئات الميسورة بالسياحة ضمن الاقليم الواحد بقصد قضاء العطل السنوية أثناء مواسم الصيف.

كان الحج والاصطياف هما السياحة الوحيدة التي عرفتها منطقتنا حتى منتصف القرن العشرين، اذ اعتاد الغساسنة عمال الرومان في الشام والمناذرة عمال الفرس بالعراق الاصطياف فيها، وأخذها عنهم امراء العرب ثم خلفاء بني أمية في صدر الاسلام، اذ كان لكل منهم مصيفا ومشتى، ومن اشهرها الرصافة على الفرات والبلقاء والمناطق التدمرية وغوطة دمشق.

كان اهتمام السوريين كبيرا بتجميل قراهم وتحسينها، مما جعل من المصايف الشامية مطمح انظار المصطافين، فأتاها الاشقاء العرب الميسورون مع عائلاتهم من بلادهم الحارة، كالعراق وبلدان الخليج كقطر والبحرين والسعودية، بغية الاصطياف والهروب من حر بلادهم في الصيف، فمنهم من سلك الطرق البرية بسيارته او السكك الحديدية مابين سورية ولبنان وفلسطين.

وكانت سورية ممرا للحجاج القادمين من شرق وشمال آسيا وتركيا، والمتجهة الى مكة المكرمة او الى القدس الشريف، حيث كانوا يقيمون بدمشق فترة في الذهاب والاياب، يبيعون تجارة حملوها معهم من بلادهم ليستطيعوا اكمال مسيرتهم، فكانت كلمة «شام شريف» تطلق على دمشق من معظم هؤلاء الحجاج المسلمين، الذين اعتادوها واعتبروا زيارتهم لها، اكثر من تقليد بل ضرورية ليكتمل حجهم، وتأتي اهمية تلك الزيارة «لشام شريف» بعد الحج لمكة المكرمة وزيارة المدينة المنورة ثم القدس الشريف.

وبعد الحرب العالمية الثانية، وتطور صناعة الطيران التي أصبحت معها البلاد البعيدة سهلة المنال وقريبة الوصول، ومع تطور انجازات الطبقات العاملة والتشريعات القانونية الحديثة وازدياد مدد العطل السنوية في البلاد الصناعية، ازدادت اعتبارا من بداية الستينات أهمية السياحة، خاصة بعد أن برز الى الوجود النقل الجماعي بالطائرات «شارتر» وبأسعار متهاودة، مما شجع سكان أوروبا الشمالية على السياحة والانتقال الى الشواطئ الدافئة المتوسطية وجزر الكناري وخلافها، لتمضية عطلهم السنوية أثناء موسم البرد القارس في بلادهم.

وبذلك توزعت العطل على مدار السنة، عوضا عن حصرها في أشهر فصل الصيف بالنسبة للبلاد الاوروبية، مما نشط انشاء مجمعات سياحية وبروز منتجعات كبرى على شواطئ كل من البحر المتوسط والكاريبي.

2 ـ السياحة هي الصناعة الاولى في العالم:

واعتبارا من اوائل السبعينات، لم تعد السياحة ترفا، بل تنامت ونشطت وأصبحت الان صناعة العصر والمستقبل، ويبين الجدول التالي (الذي لايتضمن تكاليف النقل)، التطور الكبير للانفاق الحاصل في هذا المجال اعتبارا من بداية النصف الثاني للقرن العشرين وحتى الآن:

الانفاق (مليار دولار)

عدد السواح (مليون)

عـــــــــــام

2,1

 20

 1950

6,8

 70

 1960

 18

 165

 1970

 105

 286

1980

 265

 465

 1985

 380

 561

1995

 455

 657

1999

وهكذا، غدت السياحة الصناعة الاولى في العالم، وشملت البلاد الصناعية الكبرى كبريطانيا وأمريكا واليابان، حيث أصبح عدد من يعمل في قطاع السياحة يساوي عدد العاملين في الصناعات الخمس التي تليها:

الالكترونيات الكهرباء الحديد والصلب النسيج السيارات،

كما أصبح عدد العاملين في القطاع السياحي بصورة مباشرة أو غير مباشرة حوالي 11% من عدد قوى اليد العاملة في العالم، فهي الصناعة الاولى من حيث تشغيل اليد العاملة، واصبح لها ايضا دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، اذ ان كل شخص يعمل مباشرة في قطاع السياحة يشكل فرص عمل جديدة بتشغيل 3.5 شخص بصورة غير مباشرة في القطاعات الاخرى.

ويشغل قطاع السياحة الترتيب الاول، بالمقارنة مع القطاعات الاخرى، في التجارة العالمية، كما تمثل الخدمات نسبة 30% من حجمها كما هو مبين كالتالي:

 

حديد وصلب

نسيج

الكترونيات

سيارات

نفط

سياحة

2%

2%

5%

6%

7%

8.5%


 


 

التصـــــــدير

خدمات تجارية

سياحة وخدمات سياحية

8%

10%

12%

 

 
 

   ووفقاً للتوقعات فسيبلغ حجم الانفاق السياحي وعدد السواح في العالم في العقدين المقبلين كالتالي:

الانفاق(مليار دولار)

عدد السواح (ملايين)

العــــــــــــام

1550

1018

2010

2000

1600

2020


 

فالسياحة اذا،لم تعد للترفيه أو للنزهة، ولم تصبح صناعة فقط بل اولى صناعات العالم