|  | 
في 
    سنة 1962 بمناسبة اسبوع العلم، القيت بناء على طلب سيادة رئيس الجمهورية في ذلك 
    الحين، محاضرة في حفل افتتاح اسبوع العلم على مدرج الجامعة السورية عن:
«سد الفرات واثره في التنمية الاقتصادية»
بينت في المقدمة اسس تنمية الاقتصاد السوري:
«ان 
    كل برنامج يهدف الى تنمية اقتصاد بلد ما وزيادة دخله القومي، يجب أن تتجاوب أهدافه 
    مع اقتصاد هذا البلد وموارده.
والاقتصاد 
    السوري يعتمد في الدرجة الاولى على الزراعة التي تؤلف خمسين في المائة من الدخل 
    القومي، وأكثر من ثمانين في المائة من صادراته، وان خمسة وسبعين بالمئة من السكان 
    يعيشون من العمل الزراعي أو من الصناعات التحويلية أو التكميلية للمنتجات الزراعية 
    لذا كان لابد 
    لكل من يهدف الى تنمية الموارد السورية وزيادة الدخل القومي ورفع مستوى الشعب، 
    من الاهتمام بالزراعة، وتحسين أساليب استثمارها، اذ ان النهوض بالاقتصاد السوري 
    لا يمكن تحقيقه الا اذا بدأ بتنمية الاقتصاد الزراعي الذي هو الاساس في التنمية 
    الحقيقية لسورية. «
لم 
    يكن للسياحة في ذلك الوقت وجود في سورية، ولا أهمية كبيرة لها في الاقتصاد العالمي، 
    وبالتالي لن استطيع الآن أن أعيد مابينته عام 1962 نظراً لاختلاف المعطيات، فاذا 
    لم تصبح السياحة الان أكثر اهمية من الزراعة بالنسبة لسورية، فهي على الاقل يجب 
    أن تماثلها في أهميتها بتنميتها الاقتصادية والاجتماعية، لأن بلدنا يزخر بالحضارات 
    والاوابد التاريخية والاثرية والطبيعية والدينية، مما يجعله من أغنى بلاد العالم 
    في هذا المضمار.
ان 
    البلاد العربية من المحيط الاطلسي وحتى الخليج العربي تملك حوالي 40% من آثار 
    وحضارات العالم، مع تنوع مناخي وطبيعي لاشبيه له، ومع الاسف فان نصيب العالم 
    العربي من محيطه الى خليجه لايتجاوز 5ر3% من حجم السياحة الدولية. 
لقد 
    بين السيد الدكتـور كمـال شرف في مستهل هذه الجلسة عندما قـال: «يوجـد دراسة 
    قامت بها كل من شركتي «اوتام الفرنسية» التي تعاقد معها الاستاذ عبد الله الخاني 
    وزير السياحة آنذاك سنة 1973، ثم مؤسسة «جايكا اليابانية» التي قدمت تقريرها 
    عام 1999، وتساءل لماذا لم تعط الدراسات التي جرت، الثمار المرجوة؟
الاحظ 
    بكل سرور حضور جميع وزراء السياحة السابقين لهذه الندوة، لقد عمل كل منهم وترك 
    بصمات في انجاز ما تم حتى الان، وان مشاركتهم جميعا هذه الندوة، سابقة هامة يجب 
    الحرص عليها لاغناء الحوار البناء للتقدم نحو الافضل، ولنتدارس جميعا لماذا لم 
    تكتمل المستلزمات، لتصبح السياحة مثلما يجب ان تكون على الاقل، ان لم نقل كما 
    نود أن تكون عليه.
في 
    أعقاب الحرب العالمية الثانية واستقلال سورية وجلاء الجيوش الاجنبية عنها، أنيط 
    الاشراف على السياحة بوزارة الاقتصاد الوطني، وتم احداث شعبة للسياحة فيها لرعاية 
    شؤونها وجمع المعلومات عن الفنادق والمطاعم واصدار بعض النشرات السياحية، ومن 
    ثم تحولت الى دائرة في أواخر الاربعينيات.
في 
    أواخر الخمسينيات، تبين انعدام أي فعالية لهذه الشعبة، فجرى تحويلها لدائرة ثم 
    الى مديرية للسياحة.
بعد 
    الثامن من آذار عام 1963، تحولت تلك المديرية الى مديرية عامة مرتبطة بوزير الاقتصاد، 
    ومن ثم صدر المرسوم التشريعي رقم 69 تاريخ 23/7/1966 القاضي باحداث المؤسسة «العامة 
    للسياحة«، والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية مع استقلال مالي واداري، والحقت بوزير 
    الثقافة والارشاد القومي الذي اصبحت تسميته، وزير الثقافة والسياحة والارشاد 
    القومي، حيث أناط به سلطة التوجيه والرقابة عليها.
بصدور 
    المرسوم التشريعي رقم /46/ تاريخ 15/6/1966، تم منح الفنادق من المستوى الدولي 
    الاعفاء من جميع الضرائب والرسوم المالية والبلدية وغيرها لمدة سبع سنوات والفنادق 
    من الدرجة الممتازة والاولى نفس الاعفاءات لمدة خمس سنوات وذلك اعتبارا من بدء 
    استثمار كل منها، كما منحت جميع الفنادق من المستوى الدولي والدرجتين الاولى 
    والثانية الاعفاءات من جميع الضرائب والرسوم المالية والبلدية المتوجبة على ترخيص 
    واشادة هذه المنشآت، اضافة الى السماح لها باستيراد مواد البناء والتجهيزات والادوات 
    والاثاث اللازم للاستثمار معفاة من جميع الضرائب والرسوم الجمركية، مع السماح 
    باستيراد مايلزم مستقبلا لتجديدها والمحافظة على مستواها، وأكد المرسوم على أن 
    تبقى جميع الاعفاءات الممنوحة سابقا للفنادق والمطاعم من الدرجتين الاولى والممتازة 
    والمعطاة قبل صدوره سارية المفعول وذلك حتى انتهاء مدة الاعفاء الممنوحة لكل 
    منها. واشترط للاستفادة من جميع هذه الاعفاءات والاستثناءات والمزايا، ان تنشأ 
    الفنادق والمطاعم خلال ثمان سنوات من صدور هذا المرسوم التشريعي المذكور أعلاه، 
    أي اشادتها قبل 15/6/1974.
وللاسف 
    لم يكن مناخ الاستثمار ملائما، فلم يتقدم أحد بطلب أي ترخيص لاشادة فندق تنفيذا 
    لهذه الاعفاءات.
لذا، 
    صدر المرسوم التشريعي رقم 348 تاريخ 30/12/1969 باعطاء ميزات واعفاءات وضمانات 
    للمغتربين ورعايا الدول العربية للاستثمار في مشاريع التنمية الاقتصادية وخاصة 
    السياحية.
ومع 
    ذلك لم ينشأ أي فندق لا من المستوى الدولي ولا من الدرجة الاولى، بل نقص عدد 
    الفنادق والنزل الاجمالي مابين اعوام 1969 و 1971 كما هو مبين ادناه، مما يبين 
    مقدار الجهود اللازمة للنهوض بهذه الصناعة.
| الاجمالي | نزل | درجة ثالثة | درجة ثانية | درجة أولى | ممتازة | العام | ||||||
| غرفة | عدد | غرفة | عدد | غرفة | عدد | غرفة | عدد | غرفة | عدد | غرفة | عدد |   | 
| 8752 | 614 | 860 | 146 | 5355 | 376 | 1112 | 60 | 952 | 25 | 473 | 7 | 1969 | 
| 8722 | 591 | 825 | 129 | 4993 | 359 | 1364 | 71 | 1075 | 26 | 465 | 6 | 1971 | 
ان 
    الهوة العميقة مابين تطور السياحة العالمية والواقع في سورية، تظهر ازدياد عدد 
    الوافدين لسورية من جميع انحاء العالم مابين عام 1960 و 1970 من 15 الف الى 19 
    الف مسافر أي بزيادة 25% فقط، بينما رأينا ازدياد عدد السواح في العالم في نفس 
    الفترة من 70 مليون الى 165 مليون سائح اي بزيادة قدرها 235%، وبذلك ازدادت النسبة 
    العالمية في هذه الفترة حوالي عشرة أضعاف عما هو في سورية.
وكما 
    أوضحت في البداية، لم يكن للسياحة وجود هام قبل الخمسينيات في العالم. حيث مرت 
    سورية في ظروف سياسية واقتصادية صعبة مابين اعوام 1956 و 1970 جعل مناخ الاستثمار 
    معدوما، ومع أن الدولة أصدرت المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 1966 و 348 لعام 1969 
    لتشجيع السياحة ولكن ومع الاسف بقي معظم المسؤولين ينظرون للسواح وكأنهم انصاف 
    جواسيس، والشاخصات في كل مكان تمنع عليهم التصوير، وتنبه المواطنين الى خطرهم 
    مؤكدة على المواطنين ترصدهم وخطورة التعامل معهم، اضافة للرقابـة الشديدة على 
    دخولهم وخروجهم من سورية، الى أن قام سيادة الرئيس القائد حافظ الاسد بحركته 
    التصحيحية عام 1970 وقاد سياسة الانفتاح، والتي كان للسياحة نصيبا كبيرا منها.
كان من بين اولى اهتمامات سيادة الرئيس حافظ الاسد اثر الحركة 
    التصحيحية، انشاء وزارة السياحة، فأصدر المرسوم التشريعي رقم 41 تاريخ 14/5/1972، 
    واحدث بموجب احكام المادة 8 منه، المجلس الاعلى للسياحة، الذي أعطاه من الصلاحيات 
    لقيادة الصناعة السياحية نحو الاهداف المرجوة، ما لم يعط لأي قطاع او مجلس أعلى 
    آخر.
 لقد 
    منح هذا المجلس بموجب أحكام الفقرة ب من المادة 8 من القانون 41 لعام 1972، صلاحية 
    التصديق على الاتفاقات السياحية والعقود المتعلقة باقامة المنشآت السياحية واستثمارها 
    او التسويق والاعلام السياحي وذلك دون التقيد بالقوانين والانظمة النافذة، كما 
    أعطى لقراراته وتصديقاته الصفة التشريعية، بالاضافة الى منح ميزات واعفاءات اضافية 
    لما هو وارد في المرسومين التشريعيين رقم 46 لعام 1966 و 348 لعام 1969، كما الغى بنفس الوقت 
    الهيئة الاستشارية للسياحة المحدثة بنهاية 1971 والتي كانت تضم فئات من القطاعين 
    الخاص والعام، تخفيفا للروتين لان أعمال تلك الهيئة لم تكن سوى توصيات نظرية 
    لم ينفذ معظمها كما ورد في الاسباب الموجبة للمرسوم التشريعي رقم 41 لعام 1972 
    الانف الذكر.
وبما 
    أن المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 1966 قد حدد شرطا للتمتع بالاعفاءات والاستثناءات 
    الواردة فيه على ان تنشأ الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية خلال ثمان سنوات 
    مابين 15/6/1966 و 15/6/1974، ولما كان بالرغم عن ذلك لم يحدث ولم تشاد 
    أية منشأة أو فندق أو مطعم من المستوى الدولي أو الدرجة الممتازة بالرغم من كل 
    الحوافز والميزات والاعفاءات المعطاة، بسبب عدم ملائمة مناخ الاستثمار وتجاوبه 
    مع رغبات لا المغتربين ولا رعايا الدول العربية أو المواطنين،لذا وتشجيعا لهم 
    اثر الحركة التصحيحية وسياسة الانفتاح، أقر مجلس الشعب بجلسته المنعقدة في 25/6/1972، 
    واصدر سيادة رئيس الجمهورية الفريق حافظ الاسد القانون رقم 36 بتاريخ 23/8/1972، 
    الذي عدل بموجبه المادتين الثانية والثالثة من المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 
    1966 المذكورة أعلاه، الذي كان قد اشترط لتتمتع المنشآت السياحية بالاعفاءات 
    المذكورة أن تشاد قبل 15/6/1974، فجعل الاعفاءات والمزايا المذكورة أعلاه مفتوحة 
    مهما كان تاريخ المباشرة باشادتها أو انجازها أو وضعها بالاستثمار، وذلك لتشجيع 
    المواطنين والمغتربين ورعايا الدول العربية وحتى الاجنبية بالاستثمار السياحي 
    في سورية.
منذ جلاء القوات الاجنبية عن سورية عام 1946، لم يكن بها أي 
    من الفنادق الدولية، ولم يقم سوى فندقان فقط ومن الدرجة الممتازة بدمشق عائدان 
    للقطاع الخاص، لذا أعطى سيادة الرئيس القائد التوجيهات فور احداث وزارة السياحة 
    في اوائل 1972 باشادة فنادق دولية، تم التعاقد فورا على خمسة فنادق اثنان منها 
    في دمشق والبقية في حلب وتدمر واللاذقية، حيث تقع أهم المواقع الحضارية والتاريخية 
    والاثرية السورية. 
لم 
    يكلف سيادة الرئيس الاسد وزارة السياحة باقامة فنادق دولية فقط، بل اذن لها كذلك 
    بالاقتراض الداخلي والخارجي لهذه الغاية، اذ لم تكن موجودات الدولة من القطع 
    الاجنبي في ذلك الحين تسمح بذلك. فاقترضت وزارة السياحة لانشاء واحداث هذه الفنادق 
    الدولية الأربع اثنان في دمشق والاخران في تدمر واللاذقية حوالي 135 مليون دولار 
    أمريكي، سددت نقدا مع فوائدها من صندوق الدين العام وليس من عائداتها وريعيتها، 
    وقام مصرف سورية المركزي الذي كفل هذه القروض بالتحويلات اللازمة بالعملات الاجنبية 
    لاتمام هذه التسديدات، الا أنه وبكل أسف، لم يؤد انشاء هذه الفنادق وانفاق تلك 
    الاموال الطائلة ولا التعاقد مع شركات اجنبية لادارة هذه الفنادق الى تحقيق آمال 
    الدولة في خلق صناعة سياحية سورية نشيطة وفعالة، حتى أن عائدات هذه الفنادق الاربعة 
    حتى تاريخه، اقل مما تكلفته الدولة ومصرف سورية المركزي لتسديد القروض وفوائدها 
    التي تعاقدت عليها لانشائها.
تعاقدت 
    وزارة السياحة بداية عام 1973 مع شركتين اجنبيتين لادارة هذه الفنادق الدولية، 
    لانعدام وجود يد عاملة فندقية ماهرة في سورية، آملة بأن تقوما اضافة لادارتهما 
    لهذه الفنادق على المستوى الدولي واللائق لتدريب وتأهيل كوادر سورية، وبالتسويق 
    والتنشيط السياحي لسورية نظرا لوجود هاتين الشركتين في جميع بقاع العالم. الشركة 
    الاولى «مـريديـان» فرنسية كانت فـرع لشركـة الطيـران الفرنسية «Air France» بهدف تنشيط السياحة وتسويق السواح من اوروبا خاصة، والثانية امريكية 
    «شيراتون» كانت شركة الطيران الامريكية «TWA» الامريكية في ذلك الحين 
    المساهم الرئيسي فيها.
وكان من الاهداف الرئيسية لانتقاء هاتين الشركتين، تنشيط وتسويق 
    السواح من الخارج اضافة لملء الفراغ الاعلامي السياحي في ذلك الحين، لعدم وجود 
    اسطول جوي كاف لدى مؤسسة الطيران العربية السورية تغطي شبكته الامريكتين واوروبا 
    وآسيا، اذ لم يكن لديها غير 4 طائرات كارافيل تجوب بها القارات الثلاث الاوروبية والافريقية والاسيوية لنقل 
    المسافرين ورجال الاعمال او العمال الاسيويين مابين الهند والباكستان وبريطانيا.
قامت 
    الدولة بالتشريع لتشجيع الشركات الاجنبية والعربية للاستثمار السياحي في سورية.
وأصدرت 
    القوانين والمراسيم التشريعية في بداية الحركة التصحيحية لمنح تسهيلات للاستثمارات 
    السياحية، اضافة الى اعطاء المستثمرين العرب والاجانب الضمانات اللازمة لحماية 
    استثماراتهم السياحية من المصادرة والتأميم وخلافه، مع ضمان تحويل رأس المال 
    والارباح في مواعيد محددة. 
وللاسف 
    لم تتقدم أية جهة بعروض جدية سوى شركتين عربيتين خليجيتين، الاولى عام 1976، 
    وبعد أن جرى تصديق التعاقد معها لم تقم بأية خطوة تنفيذية وبقي العقد حبرا على 
    ورق، والثانية عام 1977 باشرت بالتنفيذ، وأنفقت ما تعهدت به، ولكن الدولة أغرقتها 
    في البيروقراطية والروتين ولم تستطع مع الاسف من تحقيق تنفيذ مشاريعها حتى الآن.