سابعاً ـ السياحة العربية البينية

1 ـ أهمية السياحة البينية بالنسبة لحجم السياحة العالمية:

ولكن هل السياحة الاوروبية والامريكية والاسيوية هي التي ستؤمن النقلة النوعية الهامة والتطور السياحي بالنسبة لسورية خاصة، والبلاد العربية عامة؟ من واقع الاحصاءات والوقائع العالمية يمكن القول ان السياحة العالمية تنقسم الى نوعين: السياحة البعيدة، والسياحة القريبة او ما تسمى بالسياحة البينية اي بين الدول المتقاربة بعضها البعض.

حيث تشير بيانات منظمة السياحة العالمية الى أن السياحة في العالم هي 82% سياحة بينية و 18% سياحة بعيدة. فانها في اوروبا 88% سياحة بينية و 12% سياحة بعيدة، وفي شرق آسيا والباسيفيك 79% سياحة بينية و 21% سياحة بعيدة.

أما بالنسبة للبلاد العربية فان السياحة البينية لا تشكل مع الأسف الشديد سوى 42% فقط في حين السياحة البعيدة الوافدة اليها تشكل 58%، بل والأخطر من ذلك فان توقعات منظمة السياحة العالمية تشير الى أن نسبة السياحة البينية العربية ستنخفض عام 2020 من 42% الى 37% فقط، بينما تزداد نسبة السياحة البعيدة لتصل الى 63%.

2 ـ موجبات تشجيع السياحة العربية البينية واعطائها الاولوية:

يجب التركيز على السياحة العربية البينية لتطوير السياحة السورية والعربية على السواء.

ان نصيب البلاد العربية من مجمل السياحة العالمية ضئيل جدا مع ان امكاناتها ضخمة وكنوزها عظيمة. وان زيادة هذه النسبة يرتبط ارتباطا وثيقا بالعمل على زيادة نسبة السياحة البينية العربية الى السياحة البعيدة الوافدة من المناطق خارج الوطن العربي، وذلك لأسباب ومبررات عديدة من بينها.

آ ـ ان السياحة البعيدة سريعة التأثر بالأحداث والمتغيرات والشائعات التي تروجها في معظم الأحوال وسائل الاعلام الأجنبية المغرضة التي تضخم من الحدث البسيط بقصد التأثير السلبي الشديد على حجم السياحة الاجنبية الوافدة، في حين أن المواطن والسائح العربي لا يتأثران بتلك الأحداث والشائعات بل على العكس من ذلك ما حدث ويحدث تماما.

ب ـ ان السياحة البينية العربية أكثر ايرادا للدخل السياحي، فالسائح العربي أطول اقامة وأكثر انفاقا.

ج ـ يضاف الى ذلك الآثار الايجابية للسياحة البينية العربية في زيادة أواصر الاخوة والتواصل الثقافي والاجتماعي وزيادة التعاون التجاري والصناعي بين أبناء هذا الوطن الواحد مما يزيد من تلاحم الشعب العربي ازاء قضاياه القومية.

3 ـ نتائج وتوصيات مؤتمر «تنمية وتطوير السياحة العربية البينية»:

عقد الاتحاد العربي للفنادق والسياحة مؤتمرا بالقاهرة في تشرين الثاني 1998، شارك فيه جميع العاملين في قطاع السياحة والنقل والاعلام السياحي وقد أكد المؤتمر على ضرورة تنمية وتطوير السياحة البينية العربية، وأقر التوصيات التي سبق أن نادى بها الاتحاد باجماع أعضائه لتنشيط وترويج السياحة العربية البينية وعرضها على اللجنة التنفيذية للمجلس الوزاري العربي للسياحة والمجلس الوزاري العربي في اجتماعه المنعقد في دمشق في يونيو/حزيران 1998، والذين اقروها وهي:

1 النقل الجوي:

آ ـ توجيه الشكر الى مجلس وزراء النقل العرب وتأييد قراره رقم 201 في دورته الرابعة عشر بتاريخ 12/11/1998 الذي نص على مايلي:

1 ـ دعم قرارات المجلس الوزاري العربي للسياحة المتعلقة بتخفيض أسعار تذاكر الطيران وتشجيع الطيران العارض والخاص فيما بين الدول العربية.

2 ـ تكليف الاتحاد العربي للنقل الجوي باعداد دراسة حول امكانية تخفيض أسعار تذاكر الطيران فيما بين الدول العربية، واعطاء أسعار تفضيلية للمجموعات السياحية العربية والآثار المحتملة لذلك على حركة السفر بين الدول العربية.

ب ـ اتباع سياسة الأجواء المفتوحة لشركات الطيران العربية ضمن الوطن العربي ووفق اعلان مراكش وضوابط معتمدة، تسهيلا لتنمية السياحة، وكذلك فتح الأجواء مع الدول غير العربية وفق مبدأ المعاملة بالمثل ومراعاة الضوابط والاتفاقيات الدولية.

ج ـ قيام شركات الطيران العربية باعتماد مبدأ تطبيق أسعار مشتركة للسياح الى نقاط عربية متعددة، وانشاء شبكة AIRPASS  وبأسعار تشجيعية للسياح الراغبين بزيارة عدة مقاصد سياحية على مدار السنة.

2 ـ تأشيرات الدخول:

آ ـ ضرورة العمل على الغاء تأشيرات الدخول فيما يخص السياح العرب، وفي حال تعذر ذلك على بعض الدول، يوصي المؤتمر بمنح تلك التأشيرات في المراكز الحدودية دون اي تأخير، مع التأكيد على توفير كافة التسهيلات وتبسيط الاجراءات في الحدود والموانئ والمطارات وحسن معاملة السائح العربي.

ب ـ بالنسبة للدول التي لا تسمح ظروفها بالفتح الكامل لحدودها للسياح العرب فيمكن اصدار ما يطلق عليه التأشيرة السياحية للشركات السياحية المعتمدة.

3 ـ الاعلام العربي:

التأكيد على أهمية دور الاعلام العربي بكافة أدواته ووسائله في تشجيع السياحة البينية العربية وتنظيم وتكثيف عملية الترويج السياحي، وبصفة خاصة من خلال:

آ ـ اعتماد يوم للسياحة العربية، أسوة بيوم السياحة العالمي، يخصص للتوعية بأهمية السياحة البينية العربية ودورها وانعكاساتها الايجابية على كافة المجالات والقطاعات، والتوصية برفع ذلك الى المجلس الوزاري العربي للسياحة لتحديد يوم معين في السنة لهذه المناسبة.

ب ـ اعتماد برنامج اعلامي يسمى «برنامج الوطن العربي: اعرف بلادك» بحيث يخصص في كل اسبوع ساعتين في جميع القنوات العادية والفضائية والاذاعات لكل دولة، تشارك بها ايضا الصحافة، ويتضمن البرنامج معلومات عن المزايا وعناصر الجذب والتسهيلات والخدمات التي يمكن أن تقدمها كل دولة عربية للحركة السياحية البينية.

ج ـ العمل على تنظيم رحلات تعريفية استطلاعية (FAN TRIP) للصحفيين والاعلاميين العرب ولمنظمي الرحلات السياحية الجماعية، وذلك لزيادة التوعية بالمناطق السياحية العربية وبأهمية السياحة البينية وبصفة خاصة للصحفيين والاعلاميين غير المتخصصين بالسياحة.

د ـ التأكيد على أهمية عقد الاجتماعات العربية الرسمية والشعبية في المناطق والمنتجعات السياحية في البلاد العربية، لما لذلك من آثار ايجابية كبيرة في عملية التنشيط والترويج السياحي.

هـ ـ التأكيد على أهمية دور وسائل الاعلام العربية، والصحفيين والكتاب السياحيين العرب في الدعوة لتنشيط السياحة البينية العربية، ومطالبة الجهات المختصة في البلاد العربية بضرورة حل كافة المشكلات والمعوقات ومنح التسهيلات التي من شأنها تسهيل السياحة بين البلاد العربية.

و ـ ترويج السياحة للبلاد العربية كمنتج عربي سياحي تسود فيها السمة العربية بقيمها وتقاليدها وأعرافها، وبما يتلاءم ورغبات ومتطلبات السائح العربي.

ز ـ التأكيد على أهمية اعداد الخريطة السياحية العربية الموحدة، وكذلك الدليل السياحي العربي الموحد، ودعم جهود الاتحاد العربي للفنادق والسياحة في هذا المجال.

ح ـ العمل الى اقامة المعارض والاسواق السياحية العربية المشتركة والتعريف بالصناعات العربية المغذية للسياحة في البلاد العربية.

4 ـ النقل البري والسككي:

آ ـ تمكين وسائط النقل البري، من سيارات صغيرة خاصة وسياحية، بسائق او بدون سائق، وحافلات «بولمان» عاملة في المجال السياحي، من نقل السياح بحرية ما بين الدول العربية لتنفيذ برامج السياحة البينية مع الغاء الرسوم على السيارات الصغيرة عبر الحدود وتخفيضها للحافلات وتشجيع احداث شركات نقل سياحي مشتركة مابين الدول العربية.

ب ـ التأكيد على أهمية استكمال شبكات الطرق البرية والسكك الحديدية بين البلاد العربية، والاهتمام باقامة الاستراحات والخدمات اللازمة على الطرق البرية، لما لذلك من آثار ايجابية في تنمية السياحة العربية البينية.

5 ـ النقل البحري:

العمل على اعادة تسيير وتشجيع الخطوط الملاحية المنتظمة التي تربط بين موانئ الدول العربية، وتخفيض الرسوم المقررة على الخدمات في الموانئ تشجيعا لهذا النوع من السياحة البينية وبصرف النظر عن جنسية الباخرة، ضمن الأنظمة والقوانين النافذة.

6 ـ التأكيد على دور الاتحاد العربي للفنادق والسياحة في دعم الصناعة السياحية، والتسويق والترويج للسياحة الى الوطن العربي وبخاصة في مجال السياحة البينية العربية ودعوة كافة الجهات الوطنية العاملة في مجال الصناعة السياحية في مختلف قطاعاتها الى الانضمام لعضوية هذا الاتحاد ودعمه.

7 ـ العمل على تخفيض الضرائب المفروضة على مختلف الانشطة السياحية بما في ذلك ضريبة الانفاق الاستهلاكي أو الضريبة المضافة، نظرا لارتفاع نسب الضرائب المفروضة على الأنشطة السياحية داخل الوطن العربي.

8 ـ التأكيد على مقررات وتوصيات جامعة الدول العربية والمجلس الوزاري العربي للسياحة، والاتحاد العربي للفنادق والسياحة، المتعلقة بتضافر الجهود للعمل على رفع القيود وكافة الاجراءات المفروضة على دول عربية والتي تحد من التوافد السياحي الى تلك الدول، لما لذلك من انعكاسات سلبية على تنمية السياحة البينية العربية وعلى اقتصاديات الدول العربية.

9 ـ التأكيد على التوصيات التي سبق أن أقرها مؤتمر فرص الاستثمار في السياحة والقطاع الفندقي في البلاد العربية الذي أقيم في دمشق عام 1995.

10 ـ بعد أن أصبحت السياحة الصناعة الاولى في العالم، فقد تبين للمؤتمر من خلال المناقشات وأوراق العمل ومداخلات المحاضرين والمؤتمرين أهمية دور النقل بكافة قطاعاته (جوي وبري وسككي وبحري) في تنمية وتنشيط السياحة البينية العربية.

لذا، قرر المؤتمرون التوصية الى الاتحاد العربي للفنادق والسياحة أن ترى النور منظمة السياحة العربية، تضم الى جانب الفنادق والمطاعم ومكاتب السفر والسياحة ومروجي السياحة، كل من النقل الجوي والبري والسككي والبحري للتنسيق فيما بين هذه القطاعات المتكاملة، بغية تنمية وتنشيط السياحة العربية البينية من جهة، وتنمية الاقتصاد القومي العربي من خلال زيادة نصيبه من السياحة الدولية، حيث يتم انفاق مئات مليارات الدولارات سنويا من جهة أخرى، وزيادة التدفق السياحي ما بين البلاد العربية بحيث يتضاعف على اقل تقدير، ليبلغ نفس نسب القارات الاوروبية والاميركية والاسيوية.

اذن يجب دراسة جميع هذه العوامل الفعالة والاساسية المؤثرة في تطور السياحة العالمية والاستفادة منها لتطوير صناعة السياحة في سورية.